جدران تفصل دولاً وتقسّم شعوباً

نواكشوط

خديجة الطيب

avata
خديجة الطيب
09 يوليو 2016
1157272B-9BCC-43F3-9D12-C72FA68DEDD8
+ الخط -
في العالم، جدران كثيرة أقيمت عند حدود دول أو قسّمت دولاً أخرى. في ما يأتي لمحة عن أبرز تلك "الفواصل"، لاسيّما "جدار الفصل العنصريّ" الذي شيّده الاحتلال الإسرائيلي

في وقت تبني دول الجسور والأنفاق لكسر الحواجز والعوائق الطبيعية التي تعيق التنقل والتواصل، تشيّد أخرى جدراناً لمنع العبور والتواصل وقطع الصلات بين الشعوب. كأنّها بذلك تتحدّى الجغرافيا وتنصب عقبات فاصلة مصطنعة على الحدود، وهدفها العزلة والتقسيم والانقسام، فيما تتذرّع بـ "الهاجس الأمني".

في عام 2002، بدأت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ببناء جدار من الإسمنت بطول 700 كيلومتر وارتفاع سبعة أمتار يعلوه سياج معدني إلكتروني لوقف "تسلّل الانتحاريين" بحسب زعمها. أمّا الفلسطينيون فيشدّدون على أنّه "جدار فصل عنصريّ"، إمعاناً في تقسيم الأراضي الفلسطينية وقضمها بصورة أكبر. على الرغم من التنديد والمناشدات الدولية، استمرّ بناؤه ليؤدّي إلى عزل بلدات وقرى فلسطينية عديدة وتهجير أسر وتدمير مبان وضمّ أكثر من 10 في المائة من أراضي الضفة الغربية الأكثر خصوبة وغنى بالماء.

من جهته، يُعدّ جدار برلين مصدر إلهام لحكومات عديدة وجدت في الجدران وسيلة للفصل والعزل وقطع الأوصال، إذ مثّل على مدى 28 عاماً رمزاً للحرب الباردة وانقسام ألمانيا. شُيّد هذا الجدار في عام 1961 لفصل شرق ألمانيا عن غربها، فقسم الشعب الواحد. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1989، هُدِم وعادت ألمانيا لتتوحّد بعد 28 عاماً.

على الرغم من أنّ جدار برلين سقط قبل سنين، إلا أنّ بعض الحكومات استفادت فقط من فكرة بنائه ولم تستوعب فائدة هدمه. وما زال العالم اليوم مليء بجدران مختلفة، لعلّ أبرزها الجدار الفاصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية الذي يخضع لأشدّ حراسة في العالم على خلفيّة العداء والصراع بين الكوريتَين. شُيّد هذا الجدار الإسمنتي بين عامَي 1977 و1979، وهو يمتد 250 كيلومتراً على طول المنطقة منزوعة السلاح بين الدولتَين. على جانبَيه، وُضِعت أسلاك شائكة وألغام وأسلحة ثقيلة وعشرات آلاف العناصر العسكرية في تأهّب دائم.

إلى ذلك، دفع الخوف من الإرهاب وتدفّق المهاجرين عدداً كبيراً من الدول إلى بناء جدران عازلة مع جيرانها، لعلّ أبرزها جدار تورتيا الذي بنته الولايات المتحدة الأميركية على حدودها الجنوبية مع المكسيك في عام 1994. يبلغ طول هذا الجدار 1200 كيلومتر، أمّا ارتفاعه فثلاثة أمتار، وهو مجهّز بأسلاك مكهربة ورادارات وكاميرات مراقبة.

في السياق ذاته، أقامت إسبانيا جداراً حديدياً بمحاذاة مدينتَي سبتة ومليلة اللتَين تحتلهما شمال المغرب، لمنع تدفّق المهاجرين الأفارقة. يحيط السياج بمدينة مليلة بطول 12 كيلومتراً، فيما يحيط بمدينة سبتة بطول ثمانية كيلومترات، أمّا ارتفاعه فستّة أمتار.


وقد لعب الصراع الإقليمي دوراً رئيسياً في اتخاذ بعض الدول قرار بناء جدران عند حدودها، مثل الجدار الذي بناه المغرب جنوب البلاد، تحديداً في الصحراء التي تنادي جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر باستقلالها. ويبلغ طول هذا السياج الحديدي نحو 2300 كيلومتر، وقد ساهم إلى حدّ كبير في منع تسلل ناشطي الجبهة إلى داخل المغرب.

من جهة أخرى، ثمّة جدران هُدمت قبل أن تنحلّ نهائياً الأزمة التي دعت إلى إقامتها، من قبيل الجدار الفاصل بين القطاعَين الجنوبي والشمالي في جزيرة قبرص. فقد هدمته السلطات القبرصية اليونانية ونصبت مكانه حاجزاً حديدياً، في حين ما زالت قبرص مقسّمة منذ عام 1974 إلى شطرَين، شماليّ تدعمه تركيا وجنوبيّ تدعمه اليونان، أمّا بينهما فمنطقة عازلة تمتد على طول 300 كيلومتر تشرف عليها الأمم المتحدة.

أيضاً، ثمّة أسيجة حديدية تحوّلت إلى جدران إسمنتية، لعلّ أحدثها الجدار العازل الذي تنوي الهند بناءه في إقليم كشمير، بطول 550 كيلومتراً. تعارض باكستان ذلك، وقد قدّمت احتجاجاً لدى الأمم المتحدة بداعي أنّ المشروع يمسّ التضاريس الجغرافية في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الدولتَين. واليوم، يفصل سياج حديدي بين شطرَي الإقليم بارتفاع 3.5 أمتار، وهو مجهّز بأسلاك مكهربة وأجهزة استشعار للحركة وكاميرات مراقبة، فيما يتولى حراسته عشرات آلاف الجنود من البلدَين.

في المقابل، يأتي الجدار الفاصل بين إيران وباكستان الذي يُعدّ من الحالات النادرة التي تتّفق فيها دولتان على بناء جدار حدودي بينهما، فيتناوب الجيشان الباكستاني والإيراني على حراسته لمنع تهريب السلع والأسلحة والمخدرات. وكانت إيران قد بدأت ببنائه في عام 2007 وهو يمتدّ بطول 700 كيلومتر أمّا ارتفاعه فثلاثة أمتار.

ذات صلة

الصورة
كرة القدم الفلسطينية تعاني بسبب العدوان (العربي الجديد/ فيسبوك)

رياضة

خسرت كرة القدم الفلسطينية الكثير من الشهداء الذين بلغ عددهم 305 لاعبين، خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة على الشعب الفلسطيني.

الصورة
مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت، 26 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم "ترتيب جديد" بعد إعلانه اغتيال حسن نصر الله ملوحاً بالتصعيد أكثر في لبنان وموجهاً رسائل لإيران وحركة حماس
الصورة
تظاهرة مناهضة للتطبيع في طنجة (فاضل سنا/فرانس برس)

مجتمع

يضغط الحراك الطلابي المساند لفلسطين في المغرب من أجل إنهاء التطبيع الأكاديمي، وفض الشراكات والاتفاقيات الموقّعة بين جامعات مغربية ونظيرتها الإسرائيلية.
الصورة
تحرك التنسيقية المغربية "أطباء من أجل فلسطين" تضامناً مع غزة - الرباط - المغرب - 22 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تظاهر أطباء من المغرب وعاملون في القطاع الصحي وطلاب طب وتمريض، لإدانة جرائم الاحتلال في قطاع غزة وكل فلسطين، والمطالبة بحماية الطواقم الصحية الفلسطينية.