جدار إسمنتي في اليابان ضد تسونامي

18 مارس 2018
10 مليارات دولار من أجل إنهاء بناء الجدار (Getty)
+ الخط -
منذ ما يقارب السبع سنوات، وحسب إحصاءاتٍ نشرتها السلطات اليابانيّة الرسميَّة، حصد زلزال تسونامي حياة حوالي 20 ألف مواطن في اليابان. وأدّت الموجات هائلة القوّة التدميريَّة، والتي تنشأ نتيجة زلازل وتحرُّك للصفائح الأرضيَّة في المحيط الهادئ، إلى تحطيم محطَّة فوكوشيما للطاقة النووية.
لكن، الآن، صارت الكثير من التجمُّعات السكنيَّة الأهليَّة في شمال غرب اليابان، حيث يتكرر تسونامي، محميَّة بشكلٍ أفضل، ومن المتوقّع أن يقاوم الجدار المبني حديثاً (والذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 14 مترًا، وطوله أكثر من 400 كيلو متر) أمواج تسونامي الغاضبة.

تمَّ تخصيص حوالي 10 مليارات دولار من أجل إنهاء بناء الجدار، لكنَّ هذه الخطة يبدو أنَّها غير مقنعة كثيرًا للسكان المحليين. "هذا يبدو كجدار سجنٍ"، هذه العبارة وجدت على حائط الجدار الحامي، ويبدو أنَّ أحد المواطنين من المدن المحاذية قد كتبها على الجدار.
في قرية "فوداي" اليابانية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3000 نسمة، في شمال جزيرة "هونسو" المشهورة في اليابان، ثمَّة جدار عازل بني بالفعل في فترة السبعينيات من القرن الماضي للوقاية من أعاصير تسونامي. آنذاك، اشتكى سكان القرية من الجدار بأنَّ تكلفة بنائه عالية جدًا من جهة، كما أنَّه يشوّه المشهد الطبيعي في القرية، ويقطّع جمال خط الأفق، إذ يبدو كـ "آفة في جسم سليم"، كما كُتِب عليه. بعدها حصل زلزال تسونامي الرهيب في 11 مارس/ آذار من عام 2011، وحمى الجدار العازل حياة كل المدنيين حرفياً في قرية "فوداي" وأنقذ حياة مئات الأطفال، عندها، مسح سكّان القرية العبارة عن الجدار!
وفي لقاء مع التلفزيون الرسمي الياباني، قال صيّاد الطحالب، ساتوشي كانيكو، أحد سكان قرية "فوداي"، في مقابلةٍ قصيرة بعد الكارثة مباشرة "لولا الجدار، لكانت "فوداي" غرقت بأكملها، واختفت عن الوجود". اختتم الرجل الناجي كلامه بسعادةٍ قائلاً: "الإعصار الهائل دمّر تجارتي وعملي الذي أقوم به، لكن، على الأقل، لم يحصل أي مكروه لعائلتي وبيتي الذي بنيته بدمي".
لكن ثمّة نقد يوجّهه مختصّون من علماء الطبيعة، بأنَّ وضع خطط طوارئ فعالة وسريعة هو شيء أهم من "رفع الأسوار عالياً". وصرّح أيضاً رئيس البلدية السابق في بلدة صغيرة بالقرب من منطقة "سينداي"، إيغوشي، قائلاً: "علينا أن نضع خططًا تضمن إجلاء جميع السكّان في حالة الخطر".

وفي المنطقة التي كان إيغوشي مسؤولاً عنها، قام بإصلاح الضرر والخلل الذي أصاب الجدار بعد الإعصار العظيم، ولكنَّه لم يوافق على قرار السلطات بضرورة ازدياد ارتفاع الجدار. أيضاً، قام إيغوشي بزراعة خطّ كثيف من الأشجار في المنطقة الملاصقة للجدار تماماً من جهة البحر على التلال الاصطناعية التي تمّ تجهيزها لهذا الأمر. إذْ تبيّن في عام 2011، أنَّ الأشجار تستطيع أن تخفّف من عنف البحر. لأنَّ الأشجار كانت تمسكُ بالزوارق المسكورة، والتي تسبح في المستوطنات المائيَّة التي تتشكّل فورًا بين التلال بعد الفيضان.
من جهة أخرى، يدين علماء الحيوان والضالعون في حقوقهم، بشدّة مسألة صبّ خرسانة إسمنتيّة على شاطئ اليابان، ويرون في ذلك، إضراراً بالحيوانات وبالنباتات، وتشكيل لحاجزٍ لا يمكن تجاوزه أمامها. إضافة إلى ذلك، يشكّل الجدار مشكلة أمام الصرف الطبيعي، والحركة المائيَّة بين البحر والبر.


المساهمون