أعلنت مجموعة من الأحزاب التونسيّة دعمها لترشّح الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي. وشكّلت المجموعة تنسيقيّة مشتركة، تضم كلاً من حزب "المؤتمر من أجل الجمهوريّة" وحركة "البناء المغاربي" وحزب "الإصلاح والتنمية" و"الحركة الوطنية للعدالة والتنمية" وحزب "البناء الوطني" و"التيار الديمقراطي".
وتأتي هذه المبادرة بعد سلسلة من المشاورات، انطلقت إثر الانتخابات التشريعيّة بغرض دعم المرشح "الضامن للتوازن في المشهد السياسي والحدّ من مخاطر التغوّل والاستبداد"، وفق ما أعلنه الأمين العام لحزب البناء الوطني رياض الشعيبي، لافتاً إلى أنه من الممكن أن يزيد عدد هذه الأحزاب الداعمة للمرزوقي.
ويقول رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، أحد أهم هذه الأحزاب، محمد القوماني، لـ"العربي الجديد"، إنّ حزبه كان قد قرر أن يحدّد موقفه من الانتخابات الرئاسيّة، بحكم أنه لم يرشّح أحداً لها، بعد الانتخابات التشريعيّة وتقييم نتائجها. وأثبتت النتائج أنّ الاولويّة مُنحت لحزب "نداء تونس"، الذي لم يثبت طوال سنوات تأسيسه الثلاثة انحيازاً لأهداف الثورة وللمسار الديمقراطي، ولم تتبيّن برامجه ولا أهدافه لأنه لم يعقد مؤتمره حتّى الآن".
ويوضح القوماني أنّ "لقاء هذه الأحزاب بعد نتائج الانتخابات التشريعيّة، يأتي بهدف البحث عن توازن سياسي ضروري للديمقراطية الناشئة في تونس"، لافتاً إلى أنّ "هذه الأحزاب رأت في استمرار المرزوقي بمنصب رئاسة الجمهوريّة، قدرة على تحقيق هذا التوازن".
ويذهب القوماني إلى حدّ القول إنّه "إذا استثنينا (رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد) السبسي من هذه القائمة، فهناك بعض الشخصيات الأخرى التي تتوفّر فيها شروط الانحياز لأهداف الثورة والمحافظة على الديمقراطية، وكان لهُم دور في النضال ضد الدكتاتورية". لكنّه يضيف أنّ "من بين هذه الشخصيات، يبقى المرزوقي أكثرهم حظوظاً للنجاح وقد أثبت طوال فترة تولّيه للرئاسة أنّه حافظ على انحيازه للثورة ولقيم حقوق الانسان ومدافعاً عن استقلالية القرار الوطني".
وعلى الرغم من أنّ القوماني كان من بين منتقدي المرزوقي في السابق "بسبب ارتكابه لبعض الأخطاء"، لكنه يقول اليوم إنّها "أخطاء قابلة للإصلاح في فترة رئاسيّة عاديّة". ويشدد القوماني على أنّ دعم المرزوقي، "لا يعني وجود تناغم كلي بين برامج الأخير وبرامج هذه الأحزاب، أو مع كامل فترة حكمه في الفترة الماضية، لكنّ هناك أولويات ضرورية، أهمها تحقيق التوازن في المشهد السياسي".
ويكشف، في المقابل، عن "وعود حصلنا عليها من المرزوقي، بأن يتمّ تعديل خطاب الحملة الرئاسيّة، بما يحقّق نوعاً من الانسجام بينه وبين الأحزاب الداعمة له"، مضيفاً: "لدينا أيضاً تعهد من المرزوقي، بتغيير بعض أدائه بشأن عدد من التفاصيل في حالة فوزه".
ويبقى المرزوقي، وفق المصدر ذاته، "الأوفر حظوظاً للفوز من بين قائمة المنحازين للثورة"، مشيراً إلى أنّه "المنافس الجدّي الوحيد القادر على منافسة السبسي الذي لا نراه مناسباً للمنصب بحكم تقدّمه في السنّ". ويذكّر بأنّ "حزب الإصلاح والتنمية كان منذ البداية مع تحديد السنّ القصوى للترشح، لكنّ المجلس التأسيسي رفضها".
ويعرب القوماني عن اعتقاده بأنّ "ظروف وشروط ومعايير الانتخابات الرئاسية ستكون مختلفة عن الانتخابات التشريعيّة لدى الناخبين"، لافتاً إلى أنّ "مجموعة الأحزاب قررت إنشاء تنسيقيّة في ما بينها لدعم المرزوقي سياسياً وميدانياً ودعوة قواعدها للمشاركة في حملاته الانتخابيّة بكلّ الجهات".
ومن المقرّر أن تواصل التنسيقيّة انعقادها أثناء الحملة وبعدها أيضاً، على أن تعقد مشاورات سياسيّة وتعمل على تطوير الحوار بين أعضائها، للبحث في مستقبل المشهد السياسي في ظلّ ما ستفرزه نتائج الانتخابات وخصوصاً بعد "الزلزال الذي أحدثته الانتخابات التشريعية"، وفق المصدر ذاته.
وفي موازاة إشارة القوماني إلى أن حزبه، "الاصلاح والتنمية"، يتحفّظ في الوقت الحالي، عن تشكيل جبهة سياسيّة دعت إليها بعض مكوّنات التنسيقيّة، يشير إلى أنه "يفضّل أن يتم التباحث بشأنها بعد الانتخابات، ليتوضّح المشهد كاملاً ولتقييم أسباب إخفاق الأحزاب الوسطية أو الاجتماعية الرافضة للاستقطاب في الانتخابات التشريعيّة.