23 سبتمبر 2024
ثلاثي أستانة.. وشمال شرق سورية
تتجه الأنظار إلى قمة رؤساء الدول الضامنة لمحادثات أستانة بشأن سورية (روسيا وتركيا وإيران) المقرّرة في السابع من سبتمبر/ أيلول الجاري، في طهران. وكانت الدول الثلاث قد توصلت، في محادثات أستانة، إلى اتفاق خفض التوتر في عدد من المناطق السورية، ولا يزال الاتفاق نسبياً نافذاً في محافظة إدلب التي يجري الحديث أخيرا عن حملة عسكرية قد يشنّها النظام عليها. وتعتبر هذه القمة استمراراً لاجتماعات قادة ثلاثي أستانة، والتي بدأت في سوتشي الروسية، واستضافت تركيا القمة الثانية. وإشارة المحافظة على رابطة أستانة هي الرسالة الأبرز في الاجتماع المقبل، خصوصا في ظل التوتر الراهن بين واشنطن وأطراف هذه الرابطة، كل على حدة، وما يفرضه هذا التوتر من أزماتٍ على تلك الدول.
تصدر أهمية القمة الثلاثية من توقيتها، سيما بدخول محادثات أستانة مرحلة جديدة، مع بقاء منطقة خفض تصعيد واحدة فقط في إدلب. وللقمة أهمية جوهرية إضافية، أن ثلاثي أستانة (روسيا وتركيا وإيران) ما زال الكثير أمامه في الساحة السورية، خصوصاً في إدلب التي يخيم الغموض على مصيرها، مع استمرار وجود منظمات مصنفة على قائمة الإرهاب فيها، وهو ما يجعلها هدفاً عسكرياً لأكثر من طرف.
بالإضافة إلى مناطق في شرق شمال سورية، وهي اليوم تحت سيطرة الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابيا في تركيا وحلف شمال الأطلسي) تحت غطاء ما يعرف
بقوات سورية الديمقراطية، حيث جاء تصريح لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في هذا السياق بقوله :"الأميركيون يقيمون منشآت لدولة زائفة في شمال شرق الجمهورية العربية السورية". ويمكن اعتبار نشر واشنطن منظومة رادارات متطوّرة في أكثر من نقطة هناك قبل أيام خطوة استباقية، كما أن المتحدث الرسمي للخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، قال بوضوح في إعلانه الموعد الرسمي لقمة طهران: "سيبحث قادة الدول الثلاث، إيران وروسيا وتركيا، التصرّفات الأميركية أخيرا تجاههم وتجاه المنطقة".
على الرغم من تعرّض مسار أستانة السوري، بين أنقرة وموسكو وطهران، لهزّاتٍ عدة أخيرا، فإنه يبقى حاجة مشتركة ثلاثية، تتقاطع في أكثر من جانب مع حاجة سورية – سورية (نظام وفصائل عسكرية معارضة) في شقٍّ منها لوقف التمدّد الانفصالي الاستيطاني الذي تدعمه واشنطن، تحت غطاء محاربة "داعش".
تريد موسكو حماية قاعدتها العسكرية في حميميم، بتأمين المنطقة المجاورة (اتهمت وزارة الدفاع الروسية جماعات مسلحة في منطقة خفض التصعيد الرابعة بالقيام بعمليات القصف التي تستهدف قاعدتها)، من أجل الانتقال إلى الخطوة التالية في المسار السياسي، بعد إنهاء ملف جبهة النصرة والجماعات الأخرى المشابهة، وهو ما قد يمهد، وفق مصادر كثيرة، لجعل طريق حلب - دمشق الدولي آمناً، بكل ما يحمله ذلك من دلالاتٍ ورسائل اقتصادية سياسية في الوقت نفسه.
المتابع لتسلسل الأحداث على الأرض السورية في الأشهر القليلة الماضية لا يمكنه تجاهل خريطة طريق، أبرز ملامحها اتفاق إقليمي، دولي واضح، بإنهاء أي عمل عسكري في سورية، مع إيجاد حل اليوم لانتشار عشرات آلاف المقاتلين هناك، وهذا يشكل جزءا من اتفاق روسي – أميركي أيضا. والواضح أن الروس أعطوا الأتراك وقتا كثيرا للتعامل مع ما يجري داخل منطقة خفض التصعيد الوحيدة المتبقية في إدلب من انتشار لمجموعات مصنفة ضمن قوائم الإرهاب الدولي فيها، ولم تزل الكرة في الملعب التركي، إلا أن الواضح كذلك أن أنقرة لا تريد صداما مباشرا مع تلك المجموعات، على الرغم من أنها مجموعات تقع أيضا ضمن التصنيف التركي إرهابية.
ولا يخفى أن المعارضة السورية لم تعد تتحكّم باتجاه الأوضاع داخل سورية، منذ ظهور
التنظيمات الإرهابية، المتطرّفة منها والانفصالية، وسيطرتها على مناطق واسعة في الجغرافيا السورية، وهو ما جعل الأولويات تتغيّر لدى القوى العظمى والإقليمية في تعاملها مع الحالة السورية. وبشأن تركيا وروسيا فهما في حاجة للسلام في المنطقة، الأمر الذي يشكل نقطة تلاقٍ رئيسية، بالإضافة إلى الشق الاقتصادي والطاقة، وهو ما يصبح أساساً للتعاون السياسي بين البلدين، ومزيد من استمرار الحرب في سورية، يجلب مزيدا من الخسائر في الجنود الروس، وكذلك انتشار الإرهاب والانفصال وعدم الاستقرار في تركيا، وفي المنطقة، على نطاق أوسع.
تدرك موسكو أنها تغوص، يوماً بعد يوم، أكثر فأكثر، في التفاصيل السورية التي تتحول إلى مستنقع. ولدى بوتين قلق من أن أكثر من طرف إقليمي ودولي، يرغب في أن يتحول التدخل الروسي في سورية، مع مرور الوقت، إلى استنزاف.
أجلت تركيا وروسيا بعض المشكلات في الملف السوري (الانتقال السياسي، وضع المعارضة العسكرية المدعومة تركياً، علاقة موسكو بالامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، وأزمة إدلب)، وتمكنت الدولتان من العمل بشكل "منسجم"، ما أوصل إلى المرحلة الحالية من الحرب السورية.
مؤكّدٌ أن انتشار نقاط عسكرية تركية حول إدلب ومناطق أخرى يزعج طهران، في حين أن روسيا دعمت الوجود التركي في المنطقة، لأنها تنظر إلى الأمور من منظور مختلف، يكشف أن التفاهمات التركية الروسية في أفضل أحوالها، وقد تجاوزت الملف السوري وتعقيداته.
تصدر أهمية القمة الثلاثية من توقيتها، سيما بدخول محادثات أستانة مرحلة جديدة، مع بقاء منطقة خفض تصعيد واحدة فقط في إدلب. وللقمة أهمية جوهرية إضافية، أن ثلاثي أستانة (روسيا وتركيا وإيران) ما زال الكثير أمامه في الساحة السورية، خصوصاً في إدلب التي يخيم الغموض على مصيرها، مع استمرار وجود منظمات مصنفة على قائمة الإرهاب فيها، وهو ما يجعلها هدفاً عسكرياً لأكثر من طرف.
بالإضافة إلى مناطق في شرق شمال سورية، وهي اليوم تحت سيطرة الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابيا في تركيا وحلف شمال الأطلسي) تحت غطاء ما يعرف
على الرغم من تعرّض مسار أستانة السوري، بين أنقرة وموسكو وطهران، لهزّاتٍ عدة أخيرا، فإنه يبقى حاجة مشتركة ثلاثية، تتقاطع في أكثر من جانب مع حاجة سورية – سورية (نظام وفصائل عسكرية معارضة) في شقٍّ منها لوقف التمدّد الانفصالي الاستيطاني الذي تدعمه واشنطن، تحت غطاء محاربة "داعش".
تريد موسكو حماية قاعدتها العسكرية في حميميم، بتأمين المنطقة المجاورة (اتهمت وزارة الدفاع الروسية جماعات مسلحة في منطقة خفض التصعيد الرابعة بالقيام بعمليات القصف التي تستهدف قاعدتها)، من أجل الانتقال إلى الخطوة التالية في المسار السياسي، بعد إنهاء ملف جبهة النصرة والجماعات الأخرى المشابهة، وهو ما قد يمهد، وفق مصادر كثيرة، لجعل طريق حلب - دمشق الدولي آمناً، بكل ما يحمله ذلك من دلالاتٍ ورسائل اقتصادية سياسية في الوقت نفسه.
المتابع لتسلسل الأحداث على الأرض السورية في الأشهر القليلة الماضية لا يمكنه تجاهل خريطة طريق، أبرز ملامحها اتفاق إقليمي، دولي واضح، بإنهاء أي عمل عسكري في سورية، مع إيجاد حل اليوم لانتشار عشرات آلاف المقاتلين هناك، وهذا يشكل جزءا من اتفاق روسي – أميركي أيضا. والواضح أن الروس أعطوا الأتراك وقتا كثيرا للتعامل مع ما يجري داخل منطقة خفض التصعيد الوحيدة المتبقية في إدلب من انتشار لمجموعات مصنفة ضمن قوائم الإرهاب الدولي فيها، ولم تزل الكرة في الملعب التركي، إلا أن الواضح كذلك أن أنقرة لا تريد صداما مباشرا مع تلك المجموعات، على الرغم من أنها مجموعات تقع أيضا ضمن التصنيف التركي إرهابية.
ولا يخفى أن المعارضة السورية لم تعد تتحكّم باتجاه الأوضاع داخل سورية، منذ ظهور
تدرك موسكو أنها تغوص، يوماً بعد يوم، أكثر فأكثر، في التفاصيل السورية التي تتحول إلى مستنقع. ولدى بوتين قلق من أن أكثر من طرف إقليمي ودولي، يرغب في أن يتحول التدخل الروسي في سورية، مع مرور الوقت، إلى استنزاف.
أجلت تركيا وروسيا بعض المشكلات في الملف السوري (الانتقال السياسي، وضع المعارضة العسكرية المدعومة تركياً، علاقة موسكو بالامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، وأزمة إدلب)، وتمكنت الدولتان من العمل بشكل "منسجم"، ما أوصل إلى المرحلة الحالية من الحرب السورية.
مؤكّدٌ أن انتشار نقاط عسكرية تركية حول إدلب ومناطق أخرى يزعج طهران، في حين أن روسيا دعمت الوجود التركي في المنطقة، لأنها تنظر إلى الأمور من منظور مختلف، يكشف أن التفاهمات التركية الروسية في أفضل أحوالها، وقد تجاوزت الملف السوري وتعقيداته.