توني بلير: غياب روح الديمقراطية يهدد مؤسسات أوروبا...وروسيا تسعى لتقويض الاتحاد الأوروبي
وشهد المؤتمر، الذي يستمرّ حتى يوم غد الأحد، حضور عدد من الساسة الأوروبيين والأميركيين السابقين؛ كتوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق (1997-2007)، وجو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، وعدد من النخب السياسية والثقافية في الغرب، وخصوصًا ممن يعتقدون بأن "أوروبا تواجه مصيرًا يستدعي التحرك الجماعي". وكان لافتًا أيضًا حضور ساسة أوروبيين حاليين، وخصوصًا رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكه راسموسن، الجلسة الافتتاحية، برفقة جو بايدن.
المخاوف التي طرحها توني بلير بدت لافتة حول مستقبل أوروبا؛ إذ يرى أنه رغم "متانة المؤسسات الديمقراطية، فإنها مهددة في أوروبا، لأن روح الديمقراطية تغيب في فهم الاختلاف داخلها، وبأن الناس جزء من مجتمعها".
مصادر التهديد التي يشير إليها بلير، في هذا السياق، وحتى في سياق خروج بلده، بريطانيا، من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، تكمن في عدم إدراك الأوروبيين أن "المخاطر ناجمة عن الهجرة والتكامل والأمن". بل ومضى بلير إلى التحذير من أن "استسلام الطبقة السياسة، وبدون أن تقدم حلولًا، سيدفع بالناخبين للاستدارة نحو ما يسمى الرجال الأقوياء".
يؤمن توني بلير، قبل أسبوع من قمة الاتحاد الأوروبي، بأن "وجود مسألة الهجرة على طاولة القمة سيكون مصيريًا للاتحاد الأوروبي". ويقترح في هذا السياق حلوله: "يجب أولًا وأخيرًا حراسة الحدود الأوروبية، لا يمكن تسليم بلد (في أوروبا) للمهاجرين، لذا المسألة الحاسمة تكمن في حماية حدود أوروبا الخارجية". لكنه يستدرك قائلًا: "الناس ليسوا خائفين من المهاجرين، ولا إن كان النظام الصحي البريطاني سينهار بدونهم (المهاجرين)، لكن الخوف هو إذا ما كنا مسيطرين على الهجرة. لا يمكن ترك مسألة حماية حدود أوروبا من الهجرة إلى دول جنوب القارة، التي تستقبل أكثر الأعداد منهم".
وذهب بلير أيضًا إلى تحديد مخاطر أخرى ترتبط بروسيا، قائلًا إن "لديها مشروعًا كبيرًا لتقويض الاتحاد الأوروبي"، ورأى أن مواجهة ذلك يمكن أن تكون "بالعمل على معرفة ما يحدث في الواقع، وفي الوقت نفسه الاعتراف بأن روسيا جزء من الحل في سورية".
وعن دونالد ترامب، وأميركا التي شاركها حروبها فترة بوش، يقول بلير إنه لو كان لا يزال في داوننغ ستريت (رئاسة الوزراء)، فلن يقول بأنهما سيكونان "أفضل صديقين"، مستدركًا: "لكنه سيكون شريك تعاون، فهو ما يزال رئيس أميركا، وعلينا أن نجد أين نتفق وأين نختلف".
ويشك بلير في وجود استراتيجية لدى ترامب "حتى تجاه الاتحاد الأوروبي". ويرى أن الأوروبيين "إذا ما شعروا بأن الولايات المتحدة ليست في صفهم، فسنشاهد الدول الأوروبية وهي تخضع للسيطرة بشكل فردي من قبل قوى سياسية معينة، ولهذا يجب أيضًا مواجهة الشعبوية بطرح المشاكل والإجابة عنها، بدل هجرة الناخبين إليها".
وفي تقييمه مخاطر تراجع الديمقراطية، لم يختلف أندرس فوغ راسموسن، في افتتاح المؤتمر، عن صديقه بلير، وشريكه في حرب الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على العراق، وبدا أن ثمة اتفاقًا بينهما كذلك في القلق "من غياب سياسة واضحة من قبل ترامب في العلاقة مع الأصدقاء في أوروبا".
ومن جهته، لفت بايدن انتباه المؤتمر إلى "مخاطر تراجع الديمقراطية على مجتمعات أوروبا" بالقول: "نحن كمواطنين مضطرون لرفع صوتنا في مجتمعاتنا لحماية قيمنا الأكثر قداسة، فلا يجب أن نسمح بتحطيم حريتنا، نحن نرى وببطء نزع هذه الحرية في شرق أوروبا، خطوة خطوة، حيث يجري تطويع القوانين وتركيز السلطات، انظروا إلى بولندا والمجر ورومانيا وسترون ما يجري".
ويذكر أن المتحدثين ركّزوا أيضًا على مخاوفهم مما سموه "تدخلات وطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". فقد ذكر بايدن بأن "سياسات الكرملين من الواضح أنها تهدف إلى إضعاف مؤسساتنا الديمقراطية وتفتيت وحدة الأوروبيين، وخصوصًا المؤسسات القوية، كالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو". فيما عبر آخرون عن خشيتهم من تدخلات وتأثير الرئيس الروسي في الانتخابات، بحسب ما ذهب إليه أندرس فوغ راسموسن، وهو المدافع بقوة "عن ضرورة حماية القيم الديمقراطية الغربية".