يشكو القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس عدة مشاكل مادية وبشرية، أثرت على مجرى القضايا والآجال المحددة لها وفي دوره لمكافحة الإرهاب، بحسب توصيف أهل القطاع.
وقالت عضو الهيئة الإدارية في المحكمة الإدارية بتونس، وعضو جمعية القضاة التونسيين، لمياء الماجري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إن عدم توفير العدد الكافي من القضاة وكل المستلزمات المادية والإدارية للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، يدل على أن قرار إحداثه منذ البداية هو قرار سياسي، وليس لمكافحة الإرهاب بجدية".
وأضافت الماجري أن ظروف العمل تحسنت خلال الأشهر الأخيرة، نظرا لضغط جمعية القضاة وبعض الأحزاب على الحكومة من أجل تفعيل دور القطب، ولكن عدد القضاة يعتبر قليلا جدا مقارنة بآلاف القضايا المعروضة على القطب (ثمانية قضاة فقط).
واعتبرت الماجري أن الصعوبات التي يمر بها القطب تؤثر سلبيا على سير القضايا وعلى آجالها القانونية، "التي يجب أن تحترم أو تضطر لإحالة المتهم في حالة سراح".
وأفادت الماجري بأن من بين أهم المطالب التي طالبت بها جمعية القضاة، توفير حماية شخصية للقضاة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، باعتبار أنهم يتعرضون إلى تهديدات في حياتهم وفي سلامتهم، وأن توفير الحماية قانوني وضروري.
وحذرت الماجري من زيادة عدد القضايا برجوع متهمين بالإرهاب من ساحات القتال، مطالبة بتدعيم القطب بعدد كاف من القضاة للنظر في كل الملفات في الآجال المحددة، وأوضحت أن الهيئة المستقلة للقضاء العدلي هي من تحدد عدد القضاة، ولكن النقص في القضاة في تونس عموما أرغمهم على الحد من العدد المطلوب في القطب المكلف بمكافحة الإرهاب.
وأشارت الماجري إلى أن بعض القضاة تحال عليهم أكثر من 100 قضية في الأسبوع، داعية إلى الاستثمار في العدالة للارتقاء بأداء القضاء والتسريع بالبت في القضايا في الآجال المحددة.
وبحسب آخر إحصائية كشفها القطب، فإن عدد القضايا المناطة بعهدته تجاوزت الألفي قضية في حين أن عدد القضاة الذين ينظرون في هذه الملفات لا يتجاوز 8 قضاة تحقيق و4 نيابة عمومية.
وشمل النقص الدائرة الجنائية الخامسة المكلفة بالنظر في القضايا الإرهابية، والتي تم تركيزها بالمحكمة الابتدائية بتونس بسبب عدم توفر فضاء لها بالقطب، ورغم تشعب القضايا الإرهابية وتزايد عددها، فإن هذه الدائرة هي الوحيدة المكلفة بالملفات، ما يجعلها تستغرق وقتا طويلا في استنطاق المتهمين واستكمال الإجراءات وما يعنيه ذلك من التأخير في الفصل في القضايا الإرهابية.
والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب مؤسسة قضائية تم تدشين مقرها في نهاية 2014 من قبل رئيس الحكومة آنذاك، المهدي جمعة، ولكن القضاة لم يباشروا العمل فيه إلا في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وهو قطب قضائي مكلف بالنظر في القضايا ذات الصبغة الإرهابية.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال القيادي في حركة النهضة، فتحي العيادي، إن حزبه شارك منذ البداية في إعداد الإجراءات على المستوى التشريعي بمجلس نواب الشعب أو في الحكومات للتصدي لآفة الإرهاب، معتبرا أن "القانون التونسي لمكافحة الإرهاب من أهم القوانين وأفضلها في العالم". وبخصوص المشاكل التي يعاني منها القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، قال العيادي إنه يجب على المؤسسة القضائية أولا أن تتحد في ما بينها وتخرج من الصراعات التي تقسمها، معتبرا أن كل طرف يريد حلولا على مقاسه، وهذا غير ممكن، بحسب رأيه.
وطالب العيادي الحكومة بالتسريع في دعم القطب القضائي بالمستلزمات والكفاءات المطلوبة حتى يقوم بعمله على أفضل وجه.