تلاحق الشركة الحكومية للكهرباء والغاز في تونس، اتهامات فساد في صفقة أجرتها مع شركة "جنرال إلكتريك" الأميركية.
وطالب النائب بالبرلمان التونسي، الصحبي بن فرج، وزارة الصناعة والطاقة بالكشف عن حقيقة الصفقة التي حصلت عليها الشركة الأميركية لإجراء توسعات في محطة لتوليد الكهرباء بمحافظة قابس جنوب شرق البلاد، والتي تحوم حولها العديد من شبهات الفساد.
وقال النائب البرلماني، لـ"العربي الجديد"، إنه سيقدم ملفاً لهيئة مكافحة الفساد التي يترأسها العميد السابق للمحامين شوقي الطبيب، بسبب وجود شبهات مالية في الصفقة، حيث حصلت الشركة الأميركية على صفقة لإنجاز مشروع توسعة في محطة توليد الكهرباء بمنطقة "بوشمة" في الجنوب الشرقي للبلاد بسرعة قياسية ودون المرور على لجنة المناقصات العمومية وفق ما ينص عليه القانون التونسي.
ووفق النائب في البرلمان تحصلت الشركة الأميركية على صفقة إنجاز المشروع الذي تقدر قيمته بـ160 مليون دولار بعقد مباشر ودون الإعلان على طلب عروض دولي، وهو ما يحيل إلى إمكانية وجود شبهات فساد وراءها.
وأضاف النائب أن "وزير الطاقة أكد في ردّه على ما أشرت إليه من شكوك حول صبغة الصفقة، والمعطيات المشكوك في صحتها الواردة في الدراسة التقديرية التي قدمت لتبرير الصفقة واللجوء الى تعاقد مباشرة مع شركة جنرال إلكتريك، وحول ضرورة تفادي مثل هذا النوع من الصفقات (تكلفة مضافة بما يقارب 20%من قيمة الصفقة، ما يتراوح بين 60 و80 مليار إضافية)".
ولا يعد الملف الذي أثاره النائب حول شبهات الفساد في المناقصات العمومية الأول من نوعه، حيث سبق أن أثار أعضاء بالبرلمان ملفات مشابهة مطالبين الحكومة بالضرب بحزم على أيدي الفاسدين من المناقصات الحكومية وضرورة الحصول المسبق على مواقفة اللجنة العليا للصفقات العمومية في مختلف المناقصات التي تقوم بها الدولة.
وفي فبراير/شباط الماضي أعلنت "جنرال إلكتريك" الانتهاء من إنجاز تركيز وحدتين لإنتاج الطاقة وهو ما سيمكن من توفير الكهرباء لنحو 1,2 مليون عائلة تونسية وتفادي انقطاع الكهرباء في فترات الذروة صيفاً.
وقالت الشركة إنها ستوفر كل التجهيزات والخدمات والأجهزة من أجل مساعدة تونس على تفادي انقطاع الكهرباء في الصيف كما ستحصل الشركة على عقدين للخدمات التعاقدية لمدة سنتين في إطار هذا المشروع يليهم عقد إضافي للخدمات ذاتها مدته 10 سنوات.
وترتفع شكوك نواب البرلمان حول شبهة الفساد التي تلف هذه الصفقة بعد أن كشفت نشرة في 2011 أصدرتها لجنة مقاومة الفساد والرشوة تحدثت عن شبهات رشوة في جل المعاملات التي أنجزتها الشركة الأميركية في تونس.
وحذر البنك الدولي في تقارير سابقة من أن حجم الفساد يظل مصدر قلق كبير ليس فقط من جهة الأموال التي فقدتها تونس إثر فساد الشركات المملوكة لأسرة الرئيس المخلوع زين العبدين بن علي، أثناء حكمه طيلة 23 عاماً، بل أيضاً نتيجة الضرر الذي لا يزال يلحق بالدولة بسبب استمرار الفساد.
وتتابع جمعيات معنية بالشفافية المالية ومقاومة الفساد بقلق ارتفاع منسوب الفساد بعد الثورة ولا سيما الفساد داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها فيما خفضت منظمة الشفافية الدولية ترتيب تونس في مؤشر الفساد لعام 2015، حيث جاءت في المركز 76 من بين 168 دولة مسجلة تراجعاً بثلاث مراتب مقارنة بعام 2014.
في المقابل أكد رئيس الحكومة الحبيب الصيد، في مناسبات عديدة أن حكومته تجتهد للحد من الفساد من خلال توفير الصلاحيات الكافية لوزارة مكافحة الفساد من أجل النجاح في مهامها، وأولها وضع خطة شاملة تعتمد على دعم الحوكمة ومحاسبة الفاسدين.
كما تستعد الحكومة وفق تصريح لوزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، كمال العيادي، لعرض قانون حماية المبلغين عن الفساد، فضلاً عن إعداد منصة إلكترونية بالتعاون مع كوريا الجنوبية، ستمكن كل مواطن لديه شبهة فساد من التبليغ عنها.
وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد، شوقي الطبيب، إن بلاده تخسر سنوياً أربع نقاط في سلم التنمية بسبب تفشي الفساد.
وقال الطبيب "لو تم تنفيذ 60 أو 70% من مهام الهيئة التي يضبطها القانون والمستمدة من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، التي صادقت عليها تونس سنة 2008، سنحدّ من منسوب الفساد بشكل كبير"، مشيراً إلى أنه من بين 3000 ملف فساد وردت في تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد، التي تأسست عام 2011، لم ينظر القضاء إلا في 10% منها إلى اليوم.