وأضافت المصادر في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن "تعويم الدينار مسألة وقت فقط .. هذا الإجراء يحتاج إلى قرار سياسي"، مشيرة إلى أن ذلك يأتي في صالح جذب المزيد من الاستثمارات ونمو الاقتصاد.
ولم تصدر بعد أي تصريحات رسمية حول إمكانية تعويم الدينار التونسي (تحرير سعر الصرف وتركه للعرض والطلب دون تدخل حكومي)، فيما يؤكد المسؤولون بشكل متكرر صعوبة وضع المالية العمومية وشح الموارد المالية للدولة، لافتين إلى ضرورة البحث عن حلول جذرية وسريعة لإقناع المقرضين بأن البلاد تسير على الطريق الصحيحة للإصلاحات.
وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى تونس في الفترة من 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في سياق مراجعة برنامج للإصلاح الاقتصادي متفق عليه مع الصندوق من أجل تقديم قروض للبلاد.
وقال مراد الحطاب، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن بعض التقارير الدولية تتحدث عن إمكانية تعويم الدينار وفق توصيات لصندوق النقد الدولي، كحل لمواجهة أزمة المالية العمومية، رغم تداعياته المؤلمة على التونسيين ولا سيما ارتفاع الأسعار.
وأضاف الحطاب: "نتوقع أن تشهد الأسعار انفلاتا كبيراً لا سيما المواد المستوردة، بسبب تداعيات هبوط سعر العملة المحلية التي قد تصل إلى 30%، وهو ما قد يفاقم الضغوط المعيشية التي يعاني منها التونسيون، ويؤدي إلى تدحرج سريع للطبقة الوسطى نحو دائرة الفقر".
ومنذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، تشهد القدرة الشرائية لعموم التونسيين تراجعاً كبيراً يقدرها الخبراء بنحو 40% بسبب ارتفاع الأسعار.
وإزاء رفض الحكومة لأي زيادات جديدة في رواتب الموظفين، يرجح خبراء الاقتصاد، أن يكون وقع تعويم الدينار كبيراً على الطبقات المتوسطة، وهو ما ينذر بتفجر الوضع الاجتماعي في حال العجز عن احتوائه.
وكان محافظ البنك المركزي، الشاذلي العياري، قال في تصريحات صحافية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إن المالية العمومية تعاني من نقص في الموارد في ظل تزايد الإقبال على العملة الأجنبية لاستيراد السلع مقابل تراجع الصادرات التونسية.
وكانت السلطات النقدية في القاهرة، قد اتخذت مطلع الشهر الجاري قراراً بتعويم الجنيه المصري، بناء على توصية من صندوق النقد الدولي الذي وافق على إقراض مصر 12 مليار دولار مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي يتم مراجعته بشكل دوري.
وأدى قرار تعويم العملة المصرية إلى تراجع قيمتها بنسبة تصل إلى 100% في السوق الرسمية في أقل من أسبوع، وسط قلق متنام من ازدياد اشتعال أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأوضاع المعيشية لعشرات الملايين من المصريين، فضلا عن تزايد قيمة الديون الحكومية بعد أن تسابقت البنوك، وهي أكبر مقرض للحكومة، على رفع أسعار الفائدة إلى نحو 20%.