تونس: القصف المصري شأن ليبي داخلي

19 فبراير 2015
اجراءات أمنية تونسية مشدّدة على الحدود مع ليبيا (الأناضول)
+ الخط -
تتسارع الأحداث إقليمياً ودولياً، بشكل يقود إلى الاستنتاج المباشر، بأنّ حرباً ما، شاملة أو محدودة، وتحت مسميات مختلفة، يجري الإعداد لها في ليبيا، غير أن صداها وصل سريعاً إلى تونس. ولعلّها، ستكون كما في كل مرة، أكثر من يدفع ثمن أي تطورات ليبيّة، سياسيّة أو أمنيّة أو اقتصادية.

ويمكّنُ تجميع أجزاء الصورة الموزعة على أكثر من صعيد، فهمَ طبيعة التطوّرات المتلاحقة خلال الأيام القليلة الماضية، التي انطلقت الخميس الماضي، بتأكيد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، استعداد بلاده للانضمام إلى قوة تقودها الأمم المتحدة لمكافحة "تهديد داعش في ليبيا"، لافتاً إلى أنّه ليس بإمكان إيطاليا أن تقلّل من احتمال هجوم يشنُّه متشددو داعش".

وفي سياق متّصل، بدت لافتة اشارة عضو مجلس نواب طبرق، طارق صقر الجروشي، على صفحته الرسميّة، إلى أنّ أطرافاً دوليّة "أوروبيّة وأميركيّة"، تُمارس ضغوطاً "سياسية واقتصادية مصيرية" على البرلمان، كاشفاً عن اجتماع لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الليبي بمسؤولين ليبيين وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، معنيين بالشأن الليبي، ودبلوماسيين وملحقين عسكريين في سفارات بريطانيا وواشنطن وإيطاليا وفرنسا، يوم الخميس الماضي في تونس. وأشار الجروشي إلى إن الاجتماع استمر لساعات طويلة، من دون التطرق إلى محاوره، لكنّ اجتماع هذه الأسماء والصفات في هذا التوقيت بالذات، يوحي بأنّ ثمّة ما يجري التخطيط له دولياً في ليبيا.
وبغضّ النظر عن طبيعة الاجتماع في تونس، التي سبق ومنعت رسمياً أيّ تحرّك سياسي لليبيين على أراضيها، لكنّ الأكيد أن عملاً عسكرياً جرى التخطيط له منذ مدة وقد يتضح مداه في الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً مع التحركات الدولية الأخيرة، التي تقودها أوروبياً، إيطاليا وفرنسا. وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس دعا أخيراً نظيره التونسي الطيب البكوش إلى زيارة فرنسا.

وكانت تونس، كما الجزائر، من بين الرافضين بقوة لأيّ تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، كما عملت دولياً لإقناع دول الجوار والمنظمات الدولية بأنّ الحلّ في ليبيا لا يمكن إلا أن يكون سياسياً. وفي سياق متصل، يشدد وزير الدولة المكلف بالشؤون العربية والأفريقية لدى وزارة الخارجية التونسية، التوهامي العبدولي لـ "العربي الجديد"، أن "تونس لم تغيّر موقفها، وتعتبر أنّ الضربات العسكريّة المصريّة الأخيرة، شأن ليبي داخلي، لأنها تمّت بموافقة الحكومة الليبية". ويوضح في الوقت ذاته أنّ بلاده "تبقى معارضة لأيّ تدخل عسكري دولي، إلا إذا كان تحت مظلة الأمم المتحدة التي تسري قراراتها على الجميع"، مشيراً إلى أنّها لا تزال "تدفع في اتجاه الحوار الليبي الليبي".
وفي سياق متصل، يعتبر المتحدث باسم الخارجية التونسيّة، مختار الشواشي، أنّ تونس "ستبقى مساندة وداعمة للحوار بين الأطراف الليبية، من أجل التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة الليبية في كنف المصالحة والتوافق الوطني".

بدورها، أبدت الأحزاب التونسية مساندتها للحوار الداخلي في ليبيا، إذ دعت حركة "النهضة" التونسية، إلى "تضافر كل الجهود من أجل إنجاح الحوار الوطني الشامل، حتى يتجنب هذا البلد الشقيق الانهيار وذرائع التدخل الخارجي". كما أمل حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" نجاح الحوار الليبي لـ"إخراج ليبيا من حالة الانقسام"، وحتى "تتصدى للخطر الإرهابي الذي يهدد كامل المنطقة، دون حاجة لتدخل أجنبي".
ويبدو التسابق بين الحلّ السياسي والعسكري محموماً في الأيام الأخيرة، مع ميل دولي واضح نحو الحلّ العسكري، في وقت دعا فيه الرئيسان الفرنسي فرانسوا هولاند والمصري عبدالفتاح السيسي، إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في ليبيا، مؤكدين ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة خطر ''داعش".

ويدفع تسارع الأحداث تونس والجزائر إلى إعلان حالة تأهب قصوى على الحدود مع ليبيا، وتعزيز اجراءاتهما الأمنية ومراقبة الحدود المشتركة، فيما شددت مصر بدورها مراقبة حدودها، معلنة حالة الاستنفار، بما يوحي أنّ كل الظروف تتهيأ للأسوأ. ويبدو التنسيق التونسي الجزائري حثيثاً على المستوى الأمني والسياسي، فيما من المقرر أن يلبي رئيس "النهضة" راشد الغنوشي دعوة وجهها إليه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. وتردد كثيراً أن الغنوشي دخل منذ مدة على خط تيسير حوار ليبي داخلي، دفعت إليه الجزائر منذ مدة، لكنه تعطل في كل مرة لسبب مختلف.
المساهمون