وانطلقت الجلسة بحضور رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، ودون احتساب عدد النواب الحاضرين، بالنظر إلى أنها استمرار لجلسة السبت، وفق ما صرح به رئيس البرلمان محمد الناصر.
وقد تم رفع الجلسة أكثر من مرة للتشاور ومحاولة التهدئة، بعد تدخلات عنيفة من مختلف الكتل وخلافات حول قانونية الجلسة، إذ وصل الأمر إلى إعلان النائب عن كتلة الديمقراطية، غازي الشواشي، أنه بصدد التشاور مع مجموعة من النواب من مختلف الكتل البرلمانية لجمع تواقيع على عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب.
ونشر الشواشي تدوينة على صفحته في "فيسبوك" قال فيها إنه "بصدد التشاور مع مجموعة من النواب من مختلف الكتل لإمضاء عريضة لسحب الثقة من السيد محمد الناصر لفقدانه الشرعية والمشروعية لرئاسة مجلس نواب الشعب".
واتهم النائب ذاته رئيس المجلس بـ"عدم احترام قرارات مجلس نواب الشعب، وبتصفية حسابات شخصية تحت مسامعه ومرآه"، متسائلا عن حرمان النائبة سامية عبو، في جلسة السبت، من نقطة نظام، واتهمه بـ"انحيازه الفاضح"، كما طالب رئيس المجلس بـ"الاعتذار، لأنه تعسف على النظام الداخلي".
وينص النظام الداخلي للبرلمان، في هذا الصدد، على تقديم عريضة إلى مكتب البرلمان يصادق عليها 73 نائبا، ترفع بعد ذلك إلى الجلسة العامة للتصويت عليها، ويجب أن يصوت عليها 109 نواب.
وخلال الجلسة، اعتبر النائب عن حركة "النهضة"، سمير ديلو، أن "جلسة السبت الماضي باطلة، لأنه لم يتم احترام القانون، وليست هناك إمكانية لتأويل القانون كما نريد".
وقال النائب الحبيب خضر، عن "النهضة"، إن "جلسة الاثنين مواصلة لجلسة السبت كما قال الناصر، وهي إذاً باطلة، لأن جلسة السبت باطلة، وما يحصل اليوم في البرلمان تشويش على محطات هامة في البلاد"، معتبرا أن "وجود الناصر في ملف من ملفات العدالة الانتقالية فيه تضارب في المصالح"، مطالبا رئيس البرلمان بـ"تسليم رئاسة الجلسة لنائبته الثانية".
وشدّد النائب نذير بن عمو، المستقيل من حركة "النهضة"، على أنه "على الهيئة أن تمد الجلسة بالنواب الموجودين في بعض الملفات، لأن تصويتهم على التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة فيه تضارب في المصالح، ولا يسمح لهم بالتصويت على ذلك". وهو ما أكدته النائبة منية إبراهيم، إذ دعت رئيس المجلس إلى "الانسحاب من تسيير الجلسة"، ما قاد إلى حالة من الفوضى وتهديد الناصر بإبعادها من الجلسة و"تطبيق القانون عليها".
وتساءل النائب الصحبي عتيق، من "النهضة"، عما إذا ما كانت المجلس أصلا مع مسار العدالة الانتقالية، "بقطع النظر عن الأشخاص"، مشيرا إلى أن "هناك عدم احترام للقانون الداخلي للمجلس"، مطالبا بـ"الهدوء والاحترام المتبادل لتتواصل المناقشات"، ودعا رئيس كتلة "النهضة"، نور الدين البحيري، إلى "رفع الجلسة للتهدئة"، رافضا المساس بالأشخاص، وذلك بعد مشادات كلامية بين نواب "النهضة" و"النداء".
ولدى استئناف الجلسة، دعا رئيس كتلة "نداء تونس"، سفيان طوبال، الأحزاب والكتل الداعمة لسهام بن سدرين إلى إقناعها بالاستقالة لاستكمال مسار العدالة الانتقالية، معتبرا أن "هذه الكتل هي التي تعطل المسار وتعطل المجلس وتمنعه من النظر في بقية الملفات الهامة، وأولها قانون الجماعات المحلية".
واعتبر النائب المعارض سالم الأبيض أن "البرلمان أعطى لنفسه حقا لا يملكه بتأويل النص القانوني، الذي يمنح هيئة الحقيقة والكرامة حق التمديد لنفسها دون أي إشارة الى إمكانية تدخل البرلمان في ذلك"، وتساءل: "كيف يمكن إيقاف عمل الهيئة حتى ولو رفض المجلس التمديد لها؟ وهل سيتم ذلك بالقوة العامة ويتم إغلاق مقراتها؟ وهل الدولة التونسية، الضعيفة حاليا، بإمكانها أن تتولى ذلك وتواجه المنظمات الدولية الداعمة لمسار العدالة الانتقالية؟".
النائب مصطفى بن أحمد تحدث عن "أزمة حقيقية"، وعن أنه "تأويل قانون خاطئ من داعمي التمديد، لأن القانون يفرض تقديم الهيئة لتقرير قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يعني تقييم عملها من طرف البرلمان، وكان يُفترض أن يمنحها القانون منذ البداية مدة خمس سنوات لإنهاء عملها، وليس أربع سنوات قابلة للتمديد".
النائب حسونة الناصفي، عن كتلة "الحرة"، قال إن "المطالبين باحترام القانون عليهم أن يطالبوا الهيئة، أيضا، باحترام القانون، وهي التي أصدرت قرارات دون نصاب قانوني"، مبرزا، أيضا، أن "الذين يتحدثون عن تضارب المصالح في البرلمان عليهم أن يتحدثوا كذلك عن تضارب المصالح داخل الهيئة"، مؤكدا أن "سلطة الشعب ممثلة في سلطة البرلمان دون غيره، ولا تعلو عليه أية هيئة أو جهة، ومن حقه ممارسة صلاحياتها وعلويته على الجميع".
وستتواصل الجلسة لساعات طويلة للاستماع إلى مختلف الآراء والمواقف إذا لم يتم إيقافها وإلغاؤها قبل اتخاذ قرار بشأن التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة.