تونس: "محاولة انقلابية" تثير زوبعة سياسية

25 فبراير 2014
وضع البعض حديث منصر في إطار الحملة الانتخابية
+ الخط -

أثارت تصريحات أخيرة للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، عدنان منصر، حول انقلاب مفترض، زوبعة سياسية في تونس، حيث شغلت بال التونسيين منذ أمس الأحد، لما ستتركه من تداعيات كبيرة على المشهد السياسي والأمني في البلاد.

فقد أعلن منصر، في حديث تلفزيوني، أن "مؤسسة الرئاسة أفشلت انقلاباً عسكرياً أمنياً سياسياً"، كان سيحصل في البلاد على إثر جنازة الشهيد شكري بلعيد في السادس من فبراير/ شباط 2013. وأضاف أن قيادات أمنية وعسكرية كانت على استعداد للاستجابة لدعوات بعض أحزاب المعارضة للانقلاب على الحكم، لكن تدخل الرئاسة أفشل المخطط.

وأكد مدير الديوان الرئاسي أن "رئاسة الجمهورية أفشلت في أكثر من مناسبة محاولات انقلاب أمنية وعسكرية وسياسية". وأوضح أن المحاولة الانقلابية لا تعني "استعمال الجيش"، ولكن باستعمال أدوات مسلحة واستعمال السلاح. ولاحظ أن "بعض رموز المعارضة كانت تدعو الأمنيين والعسكريين للسيطرة على الدولة"، وأن "البعض كان مستعداً للاستجابة لهذه الدعوات". وأشار إلى أن بعض قيادات الجيش أخطأت وبعضها الآخر تعرض إلى خطر الاغتيال لأنه لم ينساق وراء تلك الدعوات.

وأبرز منصر، في الوقت نفسه، أن وزير الدفاع السابق، عبد الكريم الزبيدي، رفض إقامة جنازة عسكرية للفقيد (بلعيد) كان قد أمر بها الرئيس منصف المرزوقي، وخاطبه بأن المؤسسة العسكرية لا تتلقى أوامرها من رئاسة الجمهورية. في حين أنه تم تخصيص طائرة مروحية عسكرية لقناة تلفزيونية خاصة (قناة نسمة) بهدف نقل وقائع الجنازة وأحداث الشغب التي تلتها "لأهداف مشبوهة وغير نزيهة"، على حد قوله. وقال إن القيادات العسكرية التي تم تعويضها لمنع أية محاولة انقلاب تلقت تهديدات جدية بالتصفية لرفضها مخطط الانقلاب وإدخال المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية.

وتعليقاً على إفشال رئاسة الجمهورية لمحاولة الانقلاب، قال المتحدث الرسمي باسم المؤسسة العسكرية سابقاً، العميد مختار بن نصر، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك فرضيتين لكلام منصر؛ أولاً إما انقلاب عسكري بما يعنيه من رفع قوة عسكرية للسلاح والانقضاض على السلطة وهذه الفرضية لم تحدث في تونس، وثانياً فشل عميلة الانقلاب، وبالتالي محاكمة قائدي الانقلاب في ما بعد بتهمة الخيانة العظمى وهذه الفرضية كذلك لم تقع، وبالتالي فان تصريحات المتحدث باسم رئاسة الجمهورية فيما يتعلق بالانقلاب لا أساس لها من الصحة، كما أن استعماله لمصطلح الانقلاب لم يكن في محله".

وفي ما يتعلق بمنح طائرة عسكرية لإحدى القنوات الخاصة، فقد أكد المتحدث أن الأمر عادي وقانوني بالنسبة لوزارة الدفاع، حيث أن الوزير يملك من الصلاحيات ما يمكنه من منح طائرة عسكرية للقنوات التلفزيونية لمساعدتها على مواكبة بعض الأحداث وذلك بناء على طلب تتقدم به.

وأضاف العميد بن نصر أن أي تشكيك في المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية اليوم ستكون تداعياته على المسار الانتخابي و"يجب أن تتكاثف الجهود من أجل انجاز انتخابات حرة ونزيهة ومستقلة"، دون تداول معطيات أو معلومات تستعمل في منافسة سياسية تمس من سلامة أمن الدولة. وتابع "وعلى العاقل والمسؤول ألا يستخدم حياة المواطنين في المنافسة السياسية" على حد قوله.

القيادي بـ "نداء تونس"، الأزهر العكرمي، والوزير المكلف بالإصلاح لدى وزارة الداخلية في حكومة الباجي القائد السبسي، رفض التعليق على تصريحات منصر، واقتصر حديثه لـ "العربي الجديد" بأن منصر يسعى إلى تلميع صورة الرئيس. وأضاف "أنهم تحت هاجس التآمر"، مذكراً أنه شخصياً من بين الشخصيات السياسية التي تم اتهامها بالتآمر على أمن الدولة. وختم قوله إن "الانقلابات تعد في إطار منظومة داخلية على أن يقع إسنادها من الخارج"، مؤكداً أن "تونس هي نموذج يسعى الغرب إلى نجاح تجربته الديموقراطية في التداول السلمي على الحكم، وبالتالي فمن غير المسموح القيام بانقلاب عسكري في تونس".

بدوره، دعا المتحدث الرسمي باسم النقابة الوطنية، شكري حمادة، القوات الأمن الداخلي إلى ضرورة أن تتحرك النيابة العسكرية على خلفية تصريحات منصر لكشف الحقائق بعيدا عن الإيحاءات والاستنتاجات، وعلى النيابة العسكرية أن تتحمل مسؤوليتها القانونية في الكشف عن كل "المتورطين" في عملية الإعداد للانقلاب المزعوم. واعتبر في الوقت نفسه أن هذه التصريحات تدخل في باب الدعاية السياسية لرئيس الجمهورية وهي من قبيل الحملة الانتخابية المبكرة وعلى المؤسسة الأمنية الا تنخرط فيها، مضيفا أن الأمنيين لن يقبلوا السقوط في فخ التجاذبات السياسية.

وفي وقت لاحق من مساء اليوم، رد وزير الدفاع السابق، عبد الكريم الزبيدي، على منصر، نافياً أن يكون قد سمح لقناة "نسمة" الخاصة باستخدام طائرة عمودية تابعة للوزارة. غير أنه أضاف أن المؤسسة العسكرية قامت بتكليف فريق من ادارة الاعلام والتوثيق العسكري بتصوير جنازة الشهيد شكري بلعيد عبر طائرة عمودية، وسمح لثلاث قنوات بالحصول على الشريط المسجل بطلب منهم.

وأوضح انه تم السماح لفريق تقني من قناة "نسمة" باستخدام سطح المستشفى العسكري، حيث قام الفريق بتصوير احداث الشغب في محيط المقبرة حيث تم الاسعانة بها لاحقا من قبل القضاء لاثبات الجرائم التي وقعت عند دفن بلعيد.
وفي تعليقه على افشال رئاسة الجمهورية لانقلاب شارك فيه أمنيون وعسكريون وسياسيون، قال وزير الدفاع السابق إنها اتهامات خطيرة، وان كان غير معني بها بما أن منصر ألمح الى أن محاولة الانقلاب تم الاعداد لها ابان خروج الجنرال عمار، رئيس أركان الجيوش، وتزامنت مع الاحداث في مصر، وبعد اغتيال عضو المجلس الوطني التأسيسي، محمد البراهمي.

المساهمون