وأعاد التجربة في 2014، حين أنتج ألبوم "Tomorrow's Modern Boxes"، وقدم أغاني منفردة عدة، وشارك في فعاليات موسيقية بشكل مستقل قبل أن يطرح ألبوم "Anima".
يضم الألبوم تسع أغان. كتب يورك كلماته بنفسه، وهي تنتمي لذات النمط الموسيقي الذي عُرفت به "راديو هيد"؛ أي الروك البديل الذي يعتمد على الموسيقى الإلكترونية بشكل رئيسي. يعتمد يورك في ألبومه على موسيقى مشوشة، مليئة بالزغب الإلكتروني والضوضاء، وقد اختار هذه الصيغة من الموسيقى؛ لأنها، بحسب تصريحه، تعبير إبداعي عن القلق في بيئة عسيرة على التصرف.
كلمات الأغاني مكتوبة بطريقة التداعي الحر، مفككة وغير مترابطة، ولكن اجتماعها في لحن انسيابي وأداء شاعري يجعلها تختزل معاني مغيبة، لتبدو مادة دسمة للتأويل. ففي الأغنية الافتتاحية "Traffic"، تحتوي الأغنية على كلمات مبعثرة، مثل: خضوع، مرايا، إسفنج، غيبوبة والقفز المجاني، وتحتوي على عبارات متناقضة مثل: "لا يوجد ماء" و"لا أستطيع التنفس". ورغم أن الكلمات لا يربطها سياق واضح، ولكنها تبدو استغراقاً عدمياً ومناجاة يائسة تنتهي بمناشدة العدل.
هذا الأسلوب الخاص بالكتابة يتناغم مع الثيمة الرئيسية للألبوم، فكلمة "Anima" التي تحيلنا إلى عالم النفس يونغ ومدرسة التحليل النفسي، وما يتبعها من سرد حر لتفاصيل الأحلام والطفولة، تفسر السياق العشوائي الذي يجمع الكلمات المبعثرة، ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في أغنية "Twist" التي تبدو كمحاولة إنكار لذكريات في زمن ماض، إذ يقول يورك: "لست أنا. صبي على دراجة يهرب. تُركت سيارة فارغة في الغابة محركها يدور. لست أنا".
يستخدم يورك لعكس هذه الأفكار أصواتاً وموسيقى إلكترونية بطبقات متفاوتة الأعماق، ليبدو الغناء عميقاً وذاتياً. هذا السياق لا يفقد الكلمات شعريتها، بل يمكن وصف كلمات الألبوم أيضاً بأنها مجموعة من التراكيب والصور الشعرية، ففي أغنية "Last I Heard" يقول يورك: "أخرجها من القمامة. السباحة في الحضيض. لقد ابتلعت المدينة. البشر بحجم الفئران".
بعد الأغنية الخامسة، تبدأ كلمات الأغاني تصبح أكثر تماسكاً، فالرغبات والذكريات تتضح معالمها قليلاً بعد المغالاة بالسرد الحر. فتحتوي أغنية "Not the News" على أول مقطع مترابط، تستخدم فيه الضمائر للتعبير عن الأنا بشكل واضح، فيقول يورك: "أنا لا أركض، لقد اكتفيت من الزجاج المكسور، سأكتفي من جعل أقدامي ترقص". إلا أن هذه المقدمات الكئيبة والذاتية لا يتمكن يورك من وضع نهاية جميلة تلائمها، فيخصص الأغنية الأخيرة "Runwayaway" للحديث عن الصداقات الحقيقية التي تدوم للأبد.
وقد أعد يورك فيديو خاصا للألبوم، مدته 15 دقيقة، من إخراج بول توماس آندرسون، تم نشره على منصة "نتفليكس"، ويعرض الفيديو في بداية كل حفلة يحييها يورك في الجولة الخاصة بالألبوم. وبالنسبة لمحتوى الفيديو، فهو يعتمد على الرقص التعبيري والأداء الجسدي في فضاء يمزج ما بين الواقعي والمتخيل، ويستمد فكرته الأساسية من الأغنية الافتتاحية في الألبوم "Traffic"، حيث يبدو الأداء تعبيراً عن الهلوسات التي تراود الإنسان في الوقت الطويل الذي يمضيه في المواصلات.