ووقّع الاتفاق المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد ورئيس المكتب السياسي ونائب زعيم حركة "طالبان"، الملا عبد الغني برادر.
وأصدرت الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بياناً مشتركاً، قبل توقيع الاتفاق، أفاد بأن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي سيسحبان قواتهما من أفغانستان خلال 14 شهراً، إذا أوفت حركة "طالبان" بالتزاماتها.
وأضاف البيان: "التحالف سيُكمل سحب باقي القوات من أفغانستان خلال 14 شهراً بعد نشر هذا الإعلان المشترك والاتفاق بين الولايات المتحدة و"طالبان"، بشرط أن تفي "طالبان" بالتزاماتها بموجب الاتفاق".
وستخفض الولايات المتحدة مبدئياً قواتها في أفغانستان إلى 8600 خلال 135 يوماً من الاتفاق.
ويؤكد البيان كذلك ضرورة دعم القوات الأفغانية، ومواصلة الحرب ضد تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
وشدد البيان المشترك على أن الولايات المتحدة الأميركية وأفغانستان ستعملان معاً من أجل المصالحة الشاملة من أجل إحلال الأمن في أفغانستان والمنطقة، ومن أجل المساهمة في الأمن الدولي بشكل عام.
وأوضح البيان أن الاتفاق يتضمن عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد أي دولة أخرى من أعضاء الأمم المتحدة من قبل جماعات وشخصيات إرهابية، وأن تخرج القوات الأميركية والدولية من أفغانستان وفق جدول زمني، والتوصل إلى حل سياسي في أفغانستان بناءً على المفاوضات بين طالبان ووفد أفغاني، إضافة إلى وقف شامل لإطلاق النار.
وذكر البيان أن أفغانستان ترحب بموافقة طالبان على خفض وتيرة العنف في أفغانستان، والاتفاق بينها وبين أميركا، مشيراً إلى أن الحكومة الأفغانية ستتحاور مع طالبان من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في البلاد.
كذلك أوضح البيان أن الولايات المتحدة الأميركية ستقوم بدور الوساطة بين أفغانستان وباكستان من أجل خلق أجواء من الأمن بين الدولتين، وحل الإشكاليات الموجودة بينهما، إضافة إلى تسهيل إجراءات الحوار بين طالبان والحكومة الأفغانية.
وحيال القرارات الأممية بشأن قيادات طالبان، أكد البيان أنه فور انعقاد الحوار الأفغاني الأفغاني، ستطلب الحكومة الأفغانية، عبر قنوات دبلوماسية، من مجلس الأمن الدولي اتخاذ خطوات من أجل إخراج عدد من قيادات الحركة من القائمة السوداء.
من جهته، قال وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بكلمة في أثناء مراسم التوقيع، إنّ قطر بادرت إلى وضع اللبنات الأساسية للسلام خلال استضافتها الحوار الأفغاني الأفغاني العام الماضي، ونتطلع إلى استكمال طريق تحقيق السلام، مُثمناً مواقف الولايات المتحدة و"طالبان"، و"رغبتهما الصادقة في تحقيق السلام".
وعّبر الوزير القطري عن سعادة بلاده لأن يُوقَّع على أرضها اتفاق السلام الذي مرّ بمحطات شاقة، وصولاً إلى التوقيع عليه. وقال: نتطلع إلى أن يكون الاتفاق نقطة تحوّل على طريق تحقيق السلام، والأمن، والرخاء في أفغانستان.
وشكر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في كلمته، أمير قطر على استضافة هذا الحوار الذي قاد إلى الاتفاق، قائلاً إن "الاتفاقية التي سنوقعها اختبار حقيقي للجهود التي جرت، ونربط انسحابنا مع ما يحصل على الأرض".
وتحدث بومبيو عن أنّ الأيام الماضية شهدت انخفاضاً ملموساً بالعنف، لكنها بداية الطريق، لافتاً إلى أنّ على "طالبان" قطع العلاقات مع "القاعدة"، والاستمرار في قتال "داعش"، وتخفيف العنف، والجلوس مع الحكومة الأفغانية، واحترام التعددية، لكي يتحقق السلام.
بدوره، اعتبر رئيس المكتب السياسي ونائب زعيم حركة "طالبان"، الملا عبد الغني برادر، الاتفاق "انتصاراً للجميع ونحن ملتزمون به"، ثم أضاف: "كلنا أمل في أن يتحقق الانسحاب الأميركي لكي يتحقق الازدهار والرخاء".
ودعا جميع الأطراف الأفغانية إلى الالتحاق بالمفاوضات، "لكي يتحقق السلام وننشئ دولتنا الإسلامية".
أمّا الرئيس الأفغاني أشرف غني، فقال من كابول إن "السلام جزء من خطتنا وهدف لمجتمعنا لإعادة بناء البلاد"، مشدداً على أن الوصول إلى السلام تطلّب تضحيات من الأطراف المعنية، والتوافق بينها على ضرورة وقف الحرب.
من جانبه، هنأ زعيم حركة "طالبان"، الملا هيبت الله أخوند زاده، الشعب الأفغاني بمناسبة التوقيع على الاتفاق، معتبراً ذلك نصراً لجميع أفراد الشعب، وداعياً الجميع إلى العمل من أجل بناء حكومة تشمل جميع أطياف الشعب.
وقال زعيم "طالبان"، في بيان، إن الحركة "استطاعت بعد كفاح مسلح دام 19 عاماً الوصول إلى توافق مع الولايات المتحدة الأميركية تخرج بموجبها القوات الدولية من أفغانستان تدريجاً".
وشدد زعيم "طالبان" على أن "التوافق على خروج القوات الأجنبية من أفغانستان وعدم السماح لها بالتدخل في شؤون البلاد في المستقبل انتصار كبير".
وأوضح البيان أن الاتفاق راعى الضوابط الشرعية والمواثيق الدولية معاً، داعياً جميع مسؤولي الحركة وعناصرها والمواطنين إلى التزامه، واستشعار المسؤولية تجاه ذلك.
كذلك طلب زعيم الحركة من عناصرها تنظيم صفوفهم، و"أن يكونوا أكثر قوة وتأهباً ونشاطاً، حتى يتمكنوا من الوصول إلى الغاية، وهي إقامة نظام إسلامي ورفاهية الشعب"، بحسب "البيان".
كذلك دعا البيان عناصر الحركة إلى "أن يكونوا على استعداد لمنع وقوع أية أحداث سيئة في المستقبل، والحفاظ على النظام الإسلامي، وتحقيق الأمن العام والسلام الشامل، وخدمة الشعب، ومواجهة ما يقع في سبيل ذلك من المخاطر المحتملة".
وأمرت "طالبان" جميع مقاتليها، في وقت سابق اليوم "بالامتناع عن شنّ أي هجوم"، انتظاراً للتوقيع على الاتفاق.
وقال المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد لـ"رويترز": "اليوم صدرت الأوامر لجميع مقاتلي طالبان بالامتناع عن شنّ أي هجوم... من أجل سعادة الأمة". وتابع: "نأمل أن تظل الولايات المتحدة ملتزمة وعودها خلال التفاوض واتفاق السلام وهذا هو المهم".
وسمح اتفاق خفض التصعيد (وقف العنف)، الذي أُعلن منتصف الشهر الجاري بين واشنطن وحركة "طالبان"، بالمضي قدماً في توقيع اتفاق السلام، الذي سيتبعه مباشرة إجراء مفاوضات بين مختلف الأطراف الأفغانية، بما فيها الحكومة الأفغانية والحركة، لتحقيق المصالحة الوطنية، والاتفاق على مستقبل البلاد.
وكان قيادي بارز في حركة "طالبان" قد قال لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إن الحوار الأفغاني الأفغاني سيبدأ في العاشر من شهر مارس/ آذار القادم، وإن فترة خفض وتيرة العنف ستمتد حتى بعد توقيع اتفاق السلام التاريخي بين "طالبان" وواشنطن.