توريط اللبنانيين الشيعة

14 يونيو 2016
يورّط الحزب الطائفة الشيعية بحروبه (حسين بيضون)
+ الخط -
منذ اليوم الأول لتطبيق القانون الأميركي المعروف بقانون مكافحة تمويل حزب الله دولياً، يتجه حزب الله ووسائل الإعلام التابعة والمقربة له، للتسويق بأن هذا القانون يستهدف الطائفة الشيعيّة في لبنان. طاول انفجار مصرف لبنان والمهجر، وهو من أكبر المصارف اللبنانية، واتهم من قبل وسائل إعلاميّة مقربة من الحزب، بأنه "رأس حربة" في تطبيق هذه العقوبات. بعد يوم على الانفجار، خرجت إحدى الصحف المقربة من الحزب، بالعنوان التالي: "المصارف "تنصح" واشنطن: طمأنة الشيعة شرط للاستقرار".

بغضّ النظر عن أن هذا العنوان يتضمّن اتهاماً لجزء من المواطنين اللبنانيين، اختيروا على أساس هويةٍ مذهبية قد لا يعتبر جزء منهم أنها تُمثّلهم، بالوقوف خلف الانفجار، فإن العنوان يُكرّس ما يسعى حزب الله إليه منذ البداية: تحويل النقاش حول العقوبات الأميركيّة إلى استهداف للطائفة الشيعيّة، وإشعار "الشيعة" بأن حمايتهم رهن تدخله الدائم. ليس جديداً على حزب الله استخدام اللغة المذهبية في الصراع السياسي. فمنذ انطلاقته، وضع نفسه في خانة مذهبيّة واضحة لا لُبس فيها، وإن سعى لاحقاً لوضع قتاله ضد إسرائيل في خانة الهوية الوطنية. تكرر سعي الحزب هذا في محطات كثيرة. ثم كان انهيار هذا "البُعد الوطني" بشكلٍ شبه كامل في الحرب السورية حيث "لن تُسبى زينب مرتين".

اليوم، يعمل حزب الله على ترجمة هذا الشعار لبنانيّاً. يضع "الشيعة" كلّهم في صدام مع النظام المصرفي. يجعل منهم "خارجين عن القانون"، وهو الحامي لهم. في لحظة تورّط الحزب في قمع الشعب السوري، وما تلاها من حروب مذهبية بقيادة إيرانيّة، خرجت أصوات شيعيّة اعتراضاً على ما يقوم به. رفع رجال دين الحجّة مقابل حجة حزب الله. اختار رئيس حركة أمل (ورئيس مجلس النواب) نبيه بري الاعتراض السلبي، عبر عدم دعم هذه الحرب، ربما لأن كلفة الاعتراض الإيجابي عالية.

لم تخرج بعد أي أصوات تعترض على هذا التصنيف الجديد للبنانيين الشيعة من داخل الطائفة، ولا على المعركة التي اختارها لهم حزب الله. وبطبيعة الحال، لا توجد حالة وطنية لبنانيّة تُعبّر عن هذا الاعتراض. هكذا، يجرّ حزب الله طائفة بأكملها إلى معركة لا رأي لها فيها، لتسعير الخطاب المذهبي في البلد، مع ما يعنيه هذا من حماية له في وجه العقوبات. ويبدو أن الطريق لتحقيق هدفه، ليس صعباً.
المساهمون