يرى الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن "الحرب في سورية لا يُمكن أن تنتهي من دون رحيل الرئيس بشار الأسد"، مستبعداً بذلك الاقتراحات باحتمال مشاركة الأسد في انتخابات مقبلة. وعلى هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في العاصمة الفليبينية مانيلا، أمس الخميس، يُشدّد أوباما على أن "السوريين لن يقبلوا ببقاء الأسد في السلطة بعد الحرب، التي شهدت قيام النظام بهجمات ضد المدنيين". ويوضح أوباما "حتى لو وافقت على ذلك، لا أعتقد أن هذا الأمر سينجح". ويرى أنه "لا يُمكن حمل الشعب السوري، أو غالبيته، على الموافقة على مثل هذه النتيجة". ويعتبر أنه "لا يمكنني أن أتصوّر وضعاً يُمكننا فيه إنهاء الحرب الأهلية في سورية مع بقاء الأسد في السلطة". ودعا أوباما روسيا وإيران إلى "تحديد موقفهما وخياراتهما بين الاستمرار في دعم الأسد، والوقوف إلى جانب العملية الانتقالية، الرامية إلى إنقاذ الدّولة السورية".
من جهته، يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنّ "السبب الرئيسي للمآسي الإنسانية والأنشطة الإرهابية التي تحدث في منطقتنا، هو رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي قتل 380 ألفاً من مواطنيه". جاء ذلك في كلمة افتتاحية لقمة المجلس الأطلسي للطاقة والاقتصاد، المنعقدة في إسطنبول، أمس الخميس.
ويؤكد أردوغان أن "كافة المنظمات الإرهابية في المنطقة تخدم نظام الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يحظى بدعم من النظام السوري، الذي يحصل منه على النفط مقابل المال".
ويلفت أردوغان إلى أن "الأسد يمارس إرهاب الدولة، وأنّ من يدعمه، يُعدّ مشاركاً في جرائمه ويتحمّل معه المسؤولية عن الأرواح التي أزهقت".
أما روسيا، فأبدت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، استعدادها لـ"التعاون مع الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش في سورية شرط احترام سيادة النظام في دمشق". ويشير لافروف إلى أن "روسيا مستعدة لتعاون عملي مع دول الائتلاف، وللعمل معها لتحديد الشروط التي ستحترم على وجه التأكيد سيادة سورية، والامتيازات التي تتمتع بها القيادة السورية"، حسبما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.
اقرأ أيضاً أردوغان: المسؤول الأول عن الهجمات الإرهابية هو النظام السوري
أما مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان، فيُشدّد على أن "بدء العملية السياسية في سورية، وتنفيذ الجدول الزمني لبيان فيينا 2، مرتبط بوقف إطلاق النار". ويلفت عبداللهيان في حديثٍ لوكالة "أنباء فارس"، أن "العملية السياسية في سورية لن تكون مجدية من دون مواجهة جدية وفاعلة للإرهاب"، مؤكداً أن "الدستور الذي سيُعرض للاستفتاء، هو المعيار الرئيسي في المسار السياسي بسورية". ويرى أنه "لا يحقّ لأحد غير الشعب السوري أن يقرر مستقبل بلده، وأن من حقّ أي شخص تتوافر فيه الشروط، ومن بينهم الرئيس بشار الأسد الترشح للانتخابات".
من جهته، ذكر الأسد، في مقابلة مع محطة التلفزيون الإيطالية الرسمية "راي"، يوم الأربعاء، ألّا "حاضنة لداعش في سورية"، محمّلاً الغرب المسؤولية وراء نشوء التنظيم. ويعتبر أن "الجهاديين الذين تدرّبوا في سورية لشنّ اعتداءات في باريس وغيرها، قادرون على ذلك بدعم من الأتراك والسعوديين والقطريين، وبالطبع من السياسات الغربية التي دعمت الإرهابيين، بمختلف الطرق منذ بداية الأزمة، قبل أكثر من أربع سنوات". ويرى أنه "من غير الممكن تحديد جدول زمني لإجراء انتخابات في سورية، مادامت مناطق في البلاد خاضعة لسيطرة فصائل مقاتلة". ويضيف أنه "بمجرد تسوية هذه المسألة، فإن عاماً ونصف العام أو عامين، ستكون فترة كافية لأي مرحلة انتقالية". وحول مستقبله في سورية، يلفت الأسد إلى أن " الشعب السوري إذا أراد بقائي فإن المستقبل سيكون جيداً، وفي حال العكس وإذا أردت التمسّك بالسلطة عندها أكون رئيساً سيئاً للبلاد".
في سياق آخر، يكشف مصدر عربي مسؤول لـ "العربي الجديد"، عن "استعداد السعودية لاستضافة مؤتمر لجميع مكوّنات المعارضة السورية في الرياض، مطلع الشهر المقبل، في سبيل تشكيل وفد يُمثل كافة أطياف المجتمع السوري للتفاوض مع النظام أوائل العام المقبل، حسبما اتفقت عليه الدول في اجتماع فيينا الأخير". ويضيف المصدر أن "موعد الاجتماع لم يتم تحديده بالضبط، لكنه يجب أن يكون قبل اجتماع فيينا المقرر عقده في 15 ديسمبر/كانون الأول المقبل".
ويوضح أن "اجتماع فيينا المقبل ينتظر حسم أمرين، حسبما تقرر في الاجتماع السابق، وهما تنسيق وفد للمعارضة، وتصنيف التنظيمات الإرهابية. وقد تم توكيل الأردن والأمم المتحدة بمهمة التصنيف، بينما أُلقي على عاتق الأمم المتحدة مسألة تنسيق وفد للمعارضة السورية". ويضيف أن "الأمم المتحدة تخلّت عن تنسيق وفد المعارضة للسعودية، كونها الأقرب إليها، بينما لا تحظى الأمم المتحدة بثقة لدى أطراف المعارضة".
كما يكشف المصدر عن أن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي يعتبره المجتمع الدولي المحاور عن الشعب السوري، سيكون له التمثيل الأكبر داخل الوفد وهو القائد له"، مشدداً على أن "السعودية تسعى لتمثيل جميع مكونات الشعب السوري من دون إقصاء أحد". ويلفت المصدر إلى أن "الاتحاد الأوروبي عرض على المعارضة، استضافة اجتماع مُصغر خلال الأيام القليلة المقبلة لتوحيد رؤيتها وبرنامجها، قبل لقاء وفد النظام السوري للتفاوض".
وقد وضع البيان الختامي لمؤتمر فيينا 3، المعارضة السورية أمام تحديات عدة، وهو الذي خلق قلقاً لديها بسبب عدم تطرقه لمصير الأسد، على الرغم من إعلانه عن عملية انتقال سياسية في غضون ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً. ويبدو أن معظم الفصائل الفاعلة على الأرض قد بدأت بشكل فعلي بترتيب أوضاعها، لتكون جزءاً من العملية السياسية بعد إدراكها جدية مؤتمر فيينا، إذ توجهت بعض الفصائل للانضمام ضمن التشكيلات المرضي عنها أميركياً كـ"جيش سورية الديمقراطي"، و"جيش سورية الجديد"، بهدف إبعاد نفسها عن شبح التصنيف كـ"تنظيمات إرهابية"، كي تكون جزءاً من القوى التي سيتم الاعتماد عليها ضمن العملية السياسية، كما ذهبت بعض الفصائل الى إجراء بعض التغييرات في هيكلياتها لذات السبب كـ"حركة أحرار الشام"، التي استبدلت "مكتبها الشرعي"، بمكتب أسمته "مكتب الدعوى"، وكلّفت به أشخاصاً من المعتدلين ضمن الحركة.
وكان مصدر مسؤول في المعارضة السورية كشف لـ"العربي الجديد"، أن الائتلاف الوطني هو من سيقود هذه العملية ضمن اتفاقات ووعود قدّمتها دول أوروبية عدة للائتلاف، قبل أسبوع واحد من اجتماع فيينا 3، وسينضم إليه عدد من الشخصيات المعارضة الأخرى". ويشير المصدر إلى أن "الائتلاف على الرغم من ضعف تمثيله، إلا أنه ما زال التشكيل الأكبر للمعارضة السياسية، وسيأخذ حجماً أكبر في حال تمكن من أن يكون ممثلاً للفصائل العسكرية الفاعلة على الأرض، وهو ما يسعى إليه حالياً".
اقرأ أيضاً فابيوس: روسيا اقتنعت بتجنب استهداف الإسلاميين المعتدلين بسورية