في ليلة رأس السنة، ينتظر المشاهدون بشغف، على شاشات التلفزيون، تنبؤات العام الجديد. أما من يفوته ذلك، فالجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية، تتسابق بعدها بساعات قليلة لإحاطته. كذلك يبتكر كثيرون تطبيقات للهواتف الذكية تحوي تلك التنبؤات التي لا ينتهك حرمتها شك، ولا يؤثر نقد في يقينها.
تحاول الشاشات المحلية والفضائية التعاقد مع أبرز أحفاد نوسترا داموس من المنجمين والفلكيين وأصحاب الباع العريض في استشراف المستقبل. أولئك الذين يروّجون لبصيرتهم التي لا تخيب. فكأنّهم يحترفون القفز فوق خط أينشتاين الزمكاني.
يثار الكثير من الجدل حول المتنبئين. وهم أنفسهم يعرضون كلّ عام ما حققته تنبؤاتهم من نجاح، في حمّى التسابق والتنافس مع غيرهم. فيما تعرض الصحافة المتدرجة الألوان انحداراً إلى الأصفر، إخفاقاتهم. وتسخر بكثير من السطحية والاندماج في العالم الغيبي، منهم.
فتلك التنبؤات باتت جزءاً رئيساً من المنظومة الكاملة، القائمة على الاستهلاك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وبينما يتخذها جزء من الناس تسلية وقتية مرتبطة بفولكلور رأس السنة. ويعود إليها بين حين وآخر بحسب تحقق "نبوءة" ما منها. فإنّ جزءاً آخر - ربما يتنامى عاماً بعد عام بفضل برامج التنبؤات الأسبوعية - يتخذها دستوراً حياتياً، لا مجال لانتهاك حرمته، والتطاول على مقدساته.
فالمصيبة، أنّ تلك النبوءات لا تقتصر على شأن محدد، بل تمتد إلى مختلف شؤون الحياة. يطرح المتنبئون الأسماء والأماكن والأوضاع، ويضربون المواعيد مع روزنامة العام الجديد. ويتأهب المنتظرون، بدورهم، لتلك المواعيد بكثير من التوجس والرهبة، وبشكوك تتقلص عاماً بعد آخر.
ومع كلّ حدث جديد، يفتح السالكون في درب الانتظار، كتب نبوءاتهم. ويخرجون لك ما فيها من ارتباطات ومؤثرات. حتى باتوا ينافسون ذلك النوع من المؤمنين المتكلين دوماً على فك رموز الغيب من الكتب الدينية. والغريب أنّ هؤلاء عندما يحدثونك بكلمات "نبيّهم" فلان عن انفجار ما واغتيال ما، و"قديستهم" فلانة عن عملية سياسية أو أمنية أو اقتصادية، فإنّهم يؤمنون بالسحر، ويلجأون في الوقت عينه إلى العلم المناقض للسحر، مهما حاول بعضهم قولبتهما معاً.
وبينما يعتبر الأنثروبولوجي جيمس فريزر أنّ تطور العقل البشري مرّ بثلاث مراحل، هي السحر البدائي والدين، وصولاً إلى العلم، فإنّ هؤلاء المتطلعين إلى النبوءات بكلّ شغفهم، يناقضون تماماً النظرية. فهم يخلطون سحرهم بدينهم.. ويخالطون العلم من أجل استهلاك تقنياته في إخراج "النبوءات" بالشكل الأمثل.
تحاول الشاشات المحلية والفضائية التعاقد مع أبرز أحفاد نوسترا داموس من المنجمين والفلكيين وأصحاب الباع العريض في استشراف المستقبل. أولئك الذين يروّجون لبصيرتهم التي لا تخيب. فكأنّهم يحترفون القفز فوق خط أينشتاين الزمكاني.
يثار الكثير من الجدل حول المتنبئين. وهم أنفسهم يعرضون كلّ عام ما حققته تنبؤاتهم من نجاح، في حمّى التسابق والتنافس مع غيرهم. فيما تعرض الصحافة المتدرجة الألوان انحداراً إلى الأصفر، إخفاقاتهم. وتسخر بكثير من السطحية والاندماج في العالم الغيبي، منهم.
فتلك التنبؤات باتت جزءاً رئيساً من المنظومة الكاملة، القائمة على الاستهلاك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وبينما يتخذها جزء من الناس تسلية وقتية مرتبطة بفولكلور رأس السنة. ويعود إليها بين حين وآخر بحسب تحقق "نبوءة" ما منها. فإنّ جزءاً آخر - ربما يتنامى عاماً بعد عام بفضل برامج التنبؤات الأسبوعية - يتخذها دستوراً حياتياً، لا مجال لانتهاك حرمته، والتطاول على مقدساته.
فالمصيبة، أنّ تلك النبوءات لا تقتصر على شأن محدد، بل تمتد إلى مختلف شؤون الحياة. يطرح المتنبئون الأسماء والأماكن والأوضاع، ويضربون المواعيد مع روزنامة العام الجديد. ويتأهب المنتظرون، بدورهم، لتلك المواعيد بكثير من التوجس والرهبة، وبشكوك تتقلص عاماً بعد آخر.
ومع كلّ حدث جديد، يفتح السالكون في درب الانتظار، كتب نبوءاتهم. ويخرجون لك ما فيها من ارتباطات ومؤثرات. حتى باتوا ينافسون ذلك النوع من المؤمنين المتكلين دوماً على فك رموز الغيب من الكتب الدينية. والغريب أنّ هؤلاء عندما يحدثونك بكلمات "نبيّهم" فلان عن انفجار ما واغتيال ما، و"قديستهم" فلانة عن عملية سياسية أو أمنية أو اقتصادية، فإنّهم يؤمنون بالسحر، ويلجأون في الوقت عينه إلى العلم المناقض للسحر، مهما حاول بعضهم قولبتهما معاً.
وبينما يعتبر الأنثروبولوجي جيمس فريزر أنّ تطور العقل البشري مرّ بثلاث مراحل، هي السحر البدائي والدين، وصولاً إلى العلم، فإنّ هؤلاء المتطلعين إلى النبوءات بكلّ شغفهم، يناقضون تماماً النظرية. فهم يخلطون سحرهم بدينهم.. ويخالطون العلم من أجل استهلاك تقنياته في إخراج "النبوءات" بالشكل الأمثل.