تمديد لمفاوضات النووي وتمدد داعشي

21 يوليو 2014

جون كيري وظريف في مفاوضات "النووي" في فيينا (يوليو/2014/أ.ف.ب)

+ الخط -

لا شك في أن تحولاً كبيراً حصل منذ بداية الإعلان عن المفاوضات بين إيران والدول الخمس الكبرى إضافة الى ألمانيا، وأن تغييرات كبيرة حصلت في المنطقة، انعكست على علاقات الدول الصديقة والحليفة، ما حدا بوزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد بلاده المفاوض، محمد جواد ظريف، على وصفها في "سي إن إن"، قبيل مغادرته فيينا بأنها "فرصة تاريخية" للطرفين. أرخت هذه المفاوضات بظلالها على الوضع الإيراني الداخلي، وحصلت منها طهران على تخفيف للعقوبات الاقتصادية، ومنها الإفراج عن أربعة مليارات ومائتي مليون دولار من أموالها المحتجزة، وستحصل، لاحقاً على مليارين وثمانمائة مليون دولار إضافية، مقابل تفاعلها مع الوكالة الدولية وتخفيض التخصيب.
كثيرون علقوا أهمية خاصة على هذه اللقاءات، وما يمكن أن تؤدي إليه، في حال التوقيع على الاتفاق النهائي، لا سيما ما يتعلق بملفاتٍ إقليمية، تتزايد تعقيداتها في المنطقة، من سورية إلى العراق، وصولاً إلى لبنان وفلسطين، وعلى الرغم من تأكيداتٍ أميركية عديدة، أن المحادثات نووية بامتياز، من دون أي تلميح إلى قضايا سياسية أخرى، فإن ما حصل بعد سيطرة داعش على الموصل، وفتح قناة حوار سياسية، تتعلق بالعراق بين المبعوث الأميركي، وليم بيرنز، والفريق الإيراني المفاوض، جعل المسألة قابلةً للنقاش، في حال حصول تطورات دراماتيكية، تستدعي ذلك، أو على الأقل، تصبح من الاحتمالات المطروحة.
انتهت الجولة الأولى من المفاوضات من دون التوقيع الأول بين الجانبين، وحصل التمديد لفترة التفاوض أربعة أشهر إضافية، وعلى الرغم من أنه كان متوقعاً، فإن مراقبين عديدين رأوا فيه فرصة للمتشددين الإيرانيين للضغط على الرئيس حسن روحاني، الراعي الأول لهذه الخطوة، وفرصة للمتشددين في الولايات المتحدة الأميركية، وفي مقدمتهم الكونغرس والجمهوريون، إضافة الى اللوبي الإسرائيلي، لعرقلة ما تم التوافق عليه، أو على الأقل إيجاد عقبات جديدة.
في هذا الوقت، وفي السياسة والأمن مع المشهد الداعشي الجديد، يستكمل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام تمركزه في المناطق التي سيطر عليها في العراق، ويعزز تطبيق أحكامه على الأرض، بفرضها بالقوة، وهو أخرج المسيحيين من مدينة الموصل ضمن مهلة حددها لهم، ولم تنفع النداءات التي أطلقت من رجال الدين، وكان أبرزها إعلان بطريرك الكلدان في العراق والعالم، لويس روفائيل ساكو، أن العائلات المسيحية نزحت باتجاه دهوك وأربيل في كردستان طالباً من "أصحاب الضمير الحي في العراق والعالم التدخل لحماية المسيحيين". وناشد العراقيين "إعادة النظر في استراتيجيتهم، واحترام الناس الأبرياء العزل، من القوميات والديانات والمذاهب كافة". وأهاب بالمسيحيين "اعتماد العقلانية والفطنة"، فيما علت الأصوات من الأساقفة والمسيحيين في العالم العربي، مطالبة بالتدخل لإنقاذ المسيحيين الذين يتعرضون للطرد من المدينة، إلا أن الدولة الإسلامية استمرت بإحصاء المنازل للمسيحيين في الموصل، وختمتها بمعنى كلمة "نصارى"، وشوهدت الصور التي تنقل حرق الكنائس في وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تقتصر إجراءات داعش التي خيرت المسيحيين بين الرحيل واعتناق الإسلام على المسيحيين، بل شملت تنفيذ سلسلة ممارسات بحق العراقيين والسوريين، وكان من جديدها تنفيذ عقوبة الرجم حتى الموت، في حق امرأة في مدينة الرقة، وهو الثاني في 24 ساعة، بتهمة الزنا في ساحة عامة، قرب الملعب البلدي في المدينة.
ويؤشر التمديد للمفاوضات النووية إلى تمديد مماثل للأزمة والصراع في المنطقة، وهو ما بدا في حال اللاستقرار، وتمركز وتحصين كل في موقعه، في غياب التسويات السياسية الدولية والإقليمية، والخوف من أن يؤدي حال التمديد إلى تمددٍ، تضيع معه الحدود، كما الدول.