نتنياهو يقفز فوق البيت الأبيض

25 يناير 2015

نتنياهو في جولة في كاليفورنيا (5 مارس/2014/Getty)

+ الخط -

لم ينتظر رئيس مجلس النواب الأميركي وزعيم الأكثرية الجمهورية، جون بوينر، أكثر من أربع وعشرين ساعة، على خطاب "حال الاتحاد" للرئيس باراك أوباما، والذي ألقاه أمام الكونغرس كما كل عام، من أجل أن يستنجد بصديقه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإنقاذه من المفاوضات الإيرانية الأميركية، بعد أن أعلن أوباما عن إمكانية استخدام الفيتو على أي مشروع قانون يصدره الكونغرس يفرض عقوبات جديدة على إيران. فوجه لنتنياهو دعوة ليلقي كلمة في الكونغرس، أثارت ردود فعل من الإدارة الأميركية، ومن الأقلية الديمقراطية في الكونغرس، كونها جاءت من دون تنسيق مسبق، ومن دون إعلام البيت الأبيض، وتم تنسيقها من مكتب بوينر مع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون درمر.

وكانت زعيمة الأقلية الديمقراطية في الكونغرس، نانسي بيلوسي، من أوائل مهاجمي الدعوة في توقيتها، كونها تأتي قبيل أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية، وانتقدت بشدة زعيم الأغلبية الجمهورية، بوينر، لعدم استشارته الأقلية في الكونغرس، واعتبرت أن خطاب نتنياهو سيُحدث أضراراً جدية في عمل الدبلوماسية مع إيران.

ويعلم بوينر، المعروف بمشاكساته لأوباما، ولا سيما في موضوع إيران وملف السلام مع الفلسطينيين، مسبقا مضمون الخطاب الذي سيوجهه نتنياهو في مناسبة كهذه، وإتاحة منبر الكونغرس لتعويمه انتخابيا، كما للانقضاض على المفاوضات الإيرانية الأميركية. وقد رد على بيلوسي، بشأن قرار دعوة نتنياهو، بقوله "إن الكونغرس يستطيع أن يأخذ قراره بمفرده، وأنا لا أغرز إصبعي في عين أحد، هناك تهديد جدي موجود في العالم، والواقع هناك حاجة لمحادثات جدية في أميركا حول مدى جدية التهديدات التي يشكلها الراديكاليون الإسلاميون الجهاديون والتهديد الذي تفرضه إيران".

وتشير هذه المواجهة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، والتي جاءت لمجرد الإعلان عن الدعوة، إلى ما ينتظر أوباما، في السنتين المتبقيتين من ولايته الثانية، والتي يبدو أنه أراد أن لا يكون فيها "بطة عرجاء"، في قراراته وخطواته في الاقتصاد والسياسة الخارجية، بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، وهو مستمر في مفاوضاته من أجل إنجاز الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي بدا واضحا في الرسالة المزدوجة لإيران، بطمأنتها في قوله "لدينا فرصة للتفاوض على اتفاق شامل، يمنع أن تكون إيران مسلحة نووية، ونتجنب صراعا آخر في الشرق الأوسط"، وأضاف "أي عقوبات جديدة يقرها هذا الكونغرس، في هذا التوقيت، ستضمن فشل الدبلوماسية. لذلك، سأستخدم الفيتو ضد أي قانون عقوبات جديد يهدد بإحباط هذا المسار". أما الرسالة الثانية فهي لطريقة تعاطيه مع الكونغرس من خلال تهديده بالفيتو، وإصراره على تمرير مشاريعه، ولو في الربع الساعة الأخير، على الرغم من عدم سهولة هذا الموقف، نتيجة المواجهة المُحتملة بين الكونغرس والبيت الأبيض، ما يؤثر على عمل الدولة.

ليست المرة الأولى التي سيتصدر فيها نتنياهو جلسة الكونغرس ويحظى بالتصفيق، ولم تستطع ولايتا أوباما، ومنذ ست سنوات، التقريب بين الرجلين، ولا استعادة بعض الكيمياء المفقودة، وهو يأتي، اليوم، من دون ترتيب بروتوكولي من الإدارة الأميركية التي اعتبرت الدعوة "انتهاكا للبروتوكول الدبلوماسي المعهود"، ومن دون لقاء مع الرئيس الأميركي، كما أعلن البيت الأبيض.

تدخل نتنياهو، في عام 2012، في الانتخابات الأميركية لصالح منافس أوباما، الجمهوري ميت رومني، وأجرى في زيارته لقاءات عديدة، دعا فيها إلى انتخاب رومني حينها. هذه المرة، هي انتخابات إسرائيلية، ويحتاج فيها نتنياهو لتقديم نفسه زعيماً دولياً، ومن على منبر الكونغرس، كما يريد التصعيد، ومن هذا المنبر، في الموقف ضد إيران، فهل يتدخل أوباما ضد نتنياهو، ليفسد له رحلته الانتخابية، بعد أن قفز فوق البيت الأبيض، وردّ له الصفعة أوباما بإعلانه عدم اللقاء به في أثناء الزيارة، أم يتركه يقول كلمته، ولو أثارت حفيظة الدبلوماسية الإيرانية، ويمشي.

4C3A315E-2DC7-4144-AB34-3A151E73D05C
نجاة شرف الدين

إعلامية وصحافية لبنانية