تكاليف الشرعيّة المفقودة

20 اغسطس 2015
لماذا ألغت مصر قرار وقف استيراد القطن؟ (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
أفصح تراجع النظام المصري عن قرار بحظر استيراد الأقطان بعد اعتراض حكومة اليونان، أكبر مصدّر للقطن قصير التيلة لمصر، عن سياسات من شأنها إهدار السيادة الوطنية بحثاً عن شرعية دولية يفتقدها نظام ما بعد الانقلاب العسكري على أول رئيس شرعي منتخب في تاريخ البلاد.

وكان وزير الزراعة المصرية قد اتخذ قراراً صارماً يوم 6 يوليو/ تموز الماضي بوقف استيراد الأقطان من جميع المناشئ العالمية، لكافة الجهات والشركات المصرية.

القرار استحسنه اتحاد ونقابات الفلاحين، وذهبت به بعيداً واعتبرته تاريخياً لا يصدر إلا من رئيس يحمي مزارع القطن المصري الذي تكبّد خسائر فادحة في العامين الماضيين، مع تأكيد الوزير حرصه على استعادة القطن المصري عرشه ومجده من جديد وتحسين أوضاع المزارعين.

القرار كذلك كان خطوة لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج التي تضم 25% من العمالة في مصر، ويسهل تسويق مليون قنطار باقية من العام الماضي و1.7 مليوناً متوقعٌ جنيها في الموسم الجديد.

واعترض المجلس التصديري للغزل والمنسوجات وشركات الاستيراد على القرار، واصفين إياه  بـ"غير المدروس"، مطالبين الحكومة بإلغائه.

الوزير تمسك بقرار الحظر بعد تكليف محدد من مؤسسة الرئاسة بحماية المحصول والمزارعين والصناعة، وأعلن عقب اجتماع مع وزير التجارة ورؤساء المجالس التصديرية واتحاد الغرف التجارية والشركة القابضة للغزل والنسيج، أن الحكومة لن تتراجع عن قرار الحظر وأنه قادر على حماية قراراته، والتي تصب في مصلحة الفلاح أولاً، خاصة مزارعي القطن.

بعد الاجتماع، وصل وزارة الخارجية المصرية خطاب من الحكومة اليونانية، التي تتلقى أكبر دعم لمزارعي القطن من الاتحاد الأوروبي، أبدت خلاله اعتراضها على قرار الحكومة المصرية بمنع استيراد الأقطان، الأمر الذي يؤثر سلباً على صادراتها من القطن إلى مصر، نقلاً عن مصدر حكومي رفيع بحسب صحيفة "اليوم السابع"، الموالية لسلطة الانقلاب.

وتأتي المفاجأة في اليوم التالي مباشرةً، ليقرر مجلس الوزراء إلغاء قرار الحكومة بحظر استيراد الأقطان الأجنبية.

وزيادة في الاستخفاف مما تناولته جريدة "التحرير"، إحدى أذرع سلطة الانقلاب، تحت عنوان "8 فوائد لإلغاء قرار حظر استيراد القطن"، أنه منع نشوب أزمة بين الحكومة المصرية واليونانية، حيث أبدت الأخيرة استياءها الشديد من قرار حظر استيراد القطن.

أبرم السيسي العديد من الصفقات الخاسرة في غياب برلمان منتخب فسّرها مراقبون بأنها تمت بحثاً عن شرعية دولية مفقودة، منها صفقة طائرات الرافال الفرنسية، وسيمنز الألمانية، والقطارات المجرية، وسد النهضة الإثيوبي، وإعلان "نيقوسيا" مع قبرص واليونان، الذي وصفه مراقبون بأنه تنازل جديد تقدمه مصر في حقوقها الاقتصادية البحرية لأهداف سياسية، وقد أشاد السيسي بدعم الدولتين لـ30 يونيو.

تُرى هل كان إلغاء قرار حظر استيراد القطن "غير مدروس" فعلاً أم كان مثل سابقيه طمعاً في شرعية نظام مفقودة لدى الاتحاد الأوروبي القلق بشدة على اليونان، دون التفات للسيادة الوطنية؟

اقرأ أيضاً: تصريحات السيسي تثير تضارباً حول تكلفة وإيرادات قناة السويس

المساهمون