منذ القدم، قدمت الطيور إلى الطيران خدمات جليلة، لكنها لا تزال تقدم الخدمة تلو الأخرى حتى يومنا هذا. فكان الأساس خفة وزن الطيور المتأتية من خفة وزن العظام المملوءة بالهواء وخفة وزن الريش الذي يكسو الجسم، وانسيابية شكل الجسم وعدم تدلي الأرجل أثناء الطيران، وامتلاء الجسم من الداخل بالغرف الهوائية، الخ. والجدير بذكره أن أحد الأخوين رايت ويدعى ويلبر، كان في العام 1908 يقضي ساعات طويلة في مشاهدة طرق طيران الطيور لتحسين تصميم الطائرات.
اليوم يستمر الإلهام البشري من خلال الطيور، حيث طور الباحثون نظاماً مبتكراً يمكن أن يؤدي إلى نهاية الاضطرابات والمطبات الهوائية في الرحلات الجوية؛ فقد أظهرت الدراسات الحديثة كيف أن الطيور تشعر بالإضطرابات أو المطبات الهوائية من خلال تدفق الهواء عبر الريش، وكيف أن طيور صقر العوسق يمكن أن تبقى في مكانها في السماء بدقة عالية في ظروف مختلفة من الاضطراب الهوائي وذلك لأن التقلبات والانعطافات لأجنحتها تساعدها على التوازن، واليوم قام الباحثون بتطوير طريقة جديدة للمساعدة في فهم كيف يتم ذلك بالضبط.
لاحظ العلماء من خلال مراقبة حركات الجسم والأجنحة والذيل، عبر تصوير علامات محددة بواسطة كاميرا تمت مزامنتها مع جهاز "بروجيكتور" يوضح اثنين من أنماط الإضاءة المتداخلة. الطبقة الأولى هي شبكة كثيفة تمنح الباحثين صورة عالية الدقة من خلال تغطية الكثير من سطح الطائر. والطبقة الثانية هي مجموعة من الخطوط تشبه الرمز الشريطي (باركود)، متعامدة بشكل عام مع الأولى. ومع ذلك، فإن الكاميرا الواحدة يمكن أن تغطي سطح الطائر فقط، لذا فإنه يلزم تشغيل عدة كاميرات لإعادة بناء حركة جسم الطائر، بما فيه الذيل والأجنحة، بكافة تفاصيلها.
كل هذه التقنيات زودت الإنسان بمعلومات عن فن الطيران الطبيعي وزودته بالقدرة على محاكاة ما يفعله الطائر في وسط المطبات الهوائية من أجل السعي إلى إراحة ركاب الطائرات، وزودت الطائرات الحربية بمعلومات عن كيفية المناورة وسط الاضطرابات الجوية؛ فالطائرات الحالية لديها أجسام صلبة إلى حد ما، وعندما تواجه اضطراباً، فإنها ترتطم بالمطبات، ما يؤدي إلى استياء الركاب. بينما للطيور أجنحة مرنة، وعندما يضغط الهواء المضطرب الصاعد على الجناحين فإن الطائر يقوم بعملية طي الجناحين بصورة تكاد لا ترى وعلى فترات متقطعة، وبعد انتهاء الإضطرابات تعاود الطيور طيرانها العادي.
اقــرأ أيضاً
هذه الحركات عند الطائر كانت موضع أبحاث في الوقت نفسه في كل من إنكلترا وأستراليا وأميركا. الأمر الذي دفع بالباحثين إلى إجراء التجارب على طائرات صغيرة الحجم، بعد أن زودت بآلة تحسس تشبه إلى حد ما تحسس الطائر للاضطرابات من خلال مرور الهواء عبر الريش، كما زودت بثنيات صغيرة في آخر الجناحين، فكانت النتيجة مبهرة، إذ استطاعت الطائرات الحصول على توازنات تجنبها الخضات في المطبات. إنها تجارب مبتكرة وناجحة وهي لم تزل في طور التحسين إلى الأفضل لكي تجعل من رحلات الطيران متعة سفر لا يشوبها خوف أو يعتريها قلق. لقد صورت الكاميرات مئات الحركات عند الطيور، واستخدمت منها حركة واحدة، تقتصر على طي طرفي الجناحين بشكل سريع، أدت إلى تخفيف أثر المطبات على راحة الركاب وعلى هيكل الطائرة، فما بال الاستفادة من الحركات الباقية التي يعتمدها الطائر في تحريك الجناحين والذيل والرأس؟ لقد ظن الجميع أن الإنسان أخذ من الطائر كل ما يحتاج إليه في عالم الطيران، ولكن الأبحاث العلمية اليوم والتي تعتمد على أجهزة متطورة كشفت عن بعض التفاصيل الجديدة للطيران عند الطيور، وهي تفاصيل قد تؤدي إلى ثورة في عالم صناعة الطائرات.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)
اليوم يستمر الإلهام البشري من خلال الطيور، حيث طور الباحثون نظاماً مبتكراً يمكن أن يؤدي إلى نهاية الاضطرابات والمطبات الهوائية في الرحلات الجوية؛ فقد أظهرت الدراسات الحديثة كيف أن الطيور تشعر بالإضطرابات أو المطبات الهوائية من خلال تدفق الهواء عبر الريش، وكيف أن طيور صقر العوسق يمكن أن تبقى في مكانها في السماء بدقة عالية في ظروف مختلفة من الاضطراب الهوائي وذلك لأن التقلبات والانعطافات لأجنحتها تساعدها على التوازن، واليوم قام الباحثون بتطوير طريقة جديدة للمساعدة في فهم كيف يتم ذلك بالضبط.
لاحظ العلماء من خلال مراقبة حركات الجسم والأجنحة والذيل، عبر تصوير علامات محددة بواسطة كاميرا تمت مزامنتها مع جهاز "بروجيكتور" يوضح اثنين من أنماط الإضاءة المتداخلة. الطبقة الأولى هي شبكة كثيفة تمنح الباحثين صورة عالية الدقة من خلال تغطية الكثير من سطح الطائر. والطبقة الثانية هي مجموعة من الخطوط تشبه الرمز الشريطي (باركود)، متعامدة بشكل عام مع الأولى. ومع ذلك، فإن الكاميرا الواحدة يمكن أن تغطي سطح الطائر فقط، لذا فإنه يلزم تشغيل عدة كاميرات لإعادة بناء حركة جسم الطائر، بما فيه الذيل والأجنحة، بكافة تفاصيلها.
كل هذه التقنيات زودت الإنسان بمعلومات عن فن الطيران الطبيعي وزودته بالقدرة على محاكاة ما يفعله الطائر في وسط المطبات الهوائية من أجل السعي إلى إراحة ركاب الطائرات، وزودت الطائرات الحربية بمعلومات عن كيفية المناورة وسط الاضطرابات الجوية؛ فالطائرات الحالية لديها أجسام صلبة إلى حد ما، وعندما تواجه اضطراباً، فإنها ترتطم بالمطبات، ما يؤدي إلى استياء الركاب. بينما للطيور أجنحة مرنة، وعندما يضغط الهواء المضطرب الصاعد على الجناحين فإن الطائر يقوم بعملية طي الجناحين بصورة تكاد لا ترى وعلى فترات متقطعة، وبعد انتهاء الإضطرابات تعاود الطيور طيرانها العادي.
هذه الحركات عند الطائر كانت موضع أبحاث في الوقت نفسه في كل من إنكلترا وأستراليا وأميركا. الأمر الذي دفع بالباحثين إلى إجراء التجارب على طائرات صغيرة الحجم، بعد أن زودت بآلة تحسس تشبه إلى حد ما تحسس الطائر للاضطرابات من خلال مرور الهواء عبر الريش، كما زودت بثنيات صغيرة في آخر الجناحين، فكانت النتيجة مبهرة، إذ استطاعت الطائرات الحصول على توازنات تجنبها الخضات في المطبات. إنها تجارب مبتكرة وناجحة وهي لم تزل في طور التحسين إلى الأفضل لكي تجعل من رحلات الطيران متعة سفر لا يشوبها خوف أو يعتريها قلق. لقد صورت الكاميرات مئات الحركات عند الطيور، واستخدمت منها حركة واحدة، تقتصر على طي طرفي الجناحين بشكل سريع، أدت إلى تخفيف أثر المطبات على راحة الركاب وعلى هيكل الطائرة، فما بال الاستفادة من الحركات الباقية التي يعتمدها الطائر في تحريك الجناحين والذيل والرأس؟ لقد ظن الجميع أن الإنسان أخذ من الطائر كل ما يحتاج إليه في عالم الطيران، ولكن الأبحاث العلمية اليوم والتي تعتمد على أجهزة متطورة كشفت عن بعض التفاصيل الجديدة للطيران عند الطيور، وهي تفاصيل قد تؤدي إلى ثورة في عالم صناعة الطائرات.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)