مركز أبحاث إسرائيلي يحذر من التحالف مع اليمين الأوروبي المتطرف

24 يوليو 2019
التقارب يهدد علاقة إسرائيل بالأوساط اليسارية والليبرالية والجاليات اليهودية(Getty)
+ الخط -

حذرت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي من التبعات الإستراتيجية والأخلاقية للتقارب الكبير بين إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرف، على اعتبار أن هذا التقارب يهدد علاقة إسرائيل بالأوساط اليسارية والليبرالية والجاليات اليهودية في أوروبا.

ولفتت الدراسة التي جاءت بعنوان "الاستقطاب في الاتحاد الأوروبي وتأثيره على إسرائيل"، إلى أن العلاقة بين إسرائيل وأحزاب وقوى اليمين المتطرف في أوروبا تنطوي على مخاطر كبيرة.

وأشارت الدراسة التي أعدها جاي إم كلايا، ونشرت في العدد الأخير من مجلة "عدكون إستراتيجي"، إلى أن صعود أحزاب اليمين في أوروبا يمثل تحديا كبيرا لإسرائيل ونخبها السياسية، على اعتبار أنه على الرغم من أن الحكومات التي تشكلها هذه الأحزاب تمثل "حليفا طبيعيا" لتل أبيب بسبب مواقفها المؤيدة لإسرائيل، إلا أن مثل هذا التقارب يهدد علاقة إسرائيل بالأوساط اليسارية والليبرالية والجاليات اليهودية في أوروبا.

وحذرت من أن التقارب بين إسرائيل وقوى اليمين المتطرف في أوروبا سيثير حفيظة أحزاب ونخب اليسار وأوساط الرأي العام التي تتبنى مواقف ليبرالية ويجعلها تتبنى مواقف أكثر نقدية تجاه تل أبيب وسياساتها.

وقارن معد الدراسة بين تأثير العلاقات المتعاظمة بين إسرائيل وقوى اليمين المتطرف في أوروبا وتداعيات التحول على العلاقة مع واشنطن بعد صعود الرئيس دونالد ترامب للحكم، منوها إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل استفادت كثيرا من تماهي ترامب مع سياسات حكومة اليمين بقيادة نتنياهو، إلا أن هذا التحول أفضى، في المقابل، إلى تعاظم النقد ضد إسرائيل في أوساط كثيرة من الحزب الديمقراطي.

وشددت الدراسة الصادرة عن المركز الإسرائيلي على أن العلاقة مع اليمين المتطرف في أوروبا تنطوي على مشكلة أخلاقية لإسرائيل، على اعتبار أن الكثير من الأطر والمجموعات داخل هذه الأحزاب تتبنى خطابا معاديا للسامية بشكل فج.

ولفتت إلى أنه بالاستناد إلى تقرير نشرته مؤخرا صحيفة " De Volkskran" الهولندية، فإن الخطاب اللاسامي يسيطر على الجدل داخل مجموعات الــ"واتساب" والأطر الشبابية لحزب "F vd" أكبر أحزاب اليمين المتطرف في هولندا.

وأشارت إلى أن التحالف مع قوى اليمين سيسهم في المس بالعلاقة التي تربط إسرائيل بالجاليات اليهودية في أوروبا، على اعتبار أن هذه الجاليات لا تخفي اعتراضها على وجود مثل هذه العلاقة، سيما في ظل تحذيرها من مخاطر تسليم إسرائيل بالخطاب المعادي للاسامية السائد في أوساط نخب ومصوتي اليمين المتطرف.

وأعادت الدراسة للأذهان حقيقة أن التحالف مع قوى اليمين المتطرف في أوروبا يرسم علامات من الشك حول مدى التزام إسرائيل الفعلي بالدفاع عن الجاليات اليهودية ومصالحها.

وفي المقابل، أشارت الدراسة إلى أن أحزاب اليسار "المتطرف" في أوروبا تتبنى مواقف أكثر تماهيا مع الفلسطينيين، مشيرة إلى أن ممثلي هذه الأحزاب في هولندا: العمال، الخضر والاشتراكيين، أيدوا الدعوة لإقامة دولة فلسطينية خلال التصويت في اجتماعات البرلمان الأوروبي. ناهيك عن أن هذه الأحزاب رفضت اعتبار انتقاد السياسات الإسرائيلية ضربا من ضروب اللاسامية.

وحسب الدراسة، فإن أحد أسباب موقف اليسار الأوروبي "المتطرف المعادية" لإسرائيل يرجع أيضا إلى حقيقة أن أحزابه تستند إلى دعم المهاجرين المسلمين والعرب، الذين حصلوا على الجنسيات الأوروبية.

وفي هذا السياق، لفتت الدراسة الأنظار إلى أن ما يضاعف من حجم التحديات الذي تواجهه إسرائيل، حقيقة أن الانتخابات التي أجريت لاختيار نواب البرلمان الأوروبي في نهاية مايو/أيار الماضي دللت على تآكل قوة ومكانة الأحزاب التي تمثل الوسط لصالح تلك التي تمثل اليمين المتطرف واليسار المتطرف.

وعلى ضوء ذلك، فإن الاستقطاب الأيديولوجي في أوروبا، كما تعكسه نتائج الانتخابات لمؤسسات الاتحاد الأوروبي يفرض على إسرائيل تحديا كبيرا حسب الدراسة؛ حيث إنه على الرغم من أن قدرة تل أبيب على تحقيق خارطة مصالحها في أوروبا تتعزز كما تعاظم ثقل اليمين المتطرف، فإن هذا الواقع يقترن بزيادة حدة الانتقادات التي تتعرض لها إسرائيل من أوساط اليسار المتطرف والتيارات الليبرالية.

تبديد مخاوف قادة الجاليات اليهودية في أوروبا

إلى ذلك، حث معد الدراسة صناع القرار والساسة الإسرائيليين على التشاور مع قادة الجاليات اليهودية في أوروبا، وأن يعملوا على تبديد مخاوفهم من بناء علاقات مع قوى اليمين المتطرف، وأن يحرصوا على تفهم مصادر قلقهم والاستماع إلى نصائحهم.

ورأت الدراسة أن تعاظم تمثيل اليسار "المتطرف" في مؤسسات الاتحاد الأوروبي وفي برلمانات وحكومات الدول الأوروبية يفرض على إسرائيل إعادة النظر في طابع تعاطيها مع قوى اليسار، داعيا إلى محاولة بناء علاقات بين إسرائيل وقوى اليسار الأوروبي.

واقترحت أن تعمد إسرائيل إلى لفت أنظار قوى اليسار الأوروبي إلى طابع "القيم المشتركة"، التي يمكن أن تمثل قاعدة للتقارب والتعاون مع تل أبيب، سيما: الديمقراطية، حقوق المثليين، سلامة البيئة. 

 

دلالات