قالت مصادر أمنية وطبية عراقية، مساء الجمعة، إن عراقيين اثنين قتلا وأصيب نحو 25 آخرين بتفجيرات متزامنة، استهدفت متظاهرين في بغداد، والناصرية مركز محافظة ذي قار، في حدث يعكس تطوراً خطيراً بالمشهد العراقي، بعد اتهامات وجهتها أوساط المتظاهرين للحكومة ومليشيات وأحزاب داعمة لها بمحاولتها ترهيب المتظاهرين، بمختلف الطرق لإنهاء التظاهرات التي تدخل أسبوعها الرابع على التوالي.
يأتي ذلك بعد نهار استثنائي على مستوى التظاهرات العراقية شاركت فيه أعداد كبيرة من العراقيين في بغداد ووسط وجنوبي البلاد، ضمن ما أطلق عليه اسم "جمعة الصمود".
وقال مسؤول أمن عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد" إن "عبوتين صوتيتين انفجرتا عند جسر الجمهورية حيث حضر المتظاهرون الذين هرعوا إلى الجهة الثانية من ساحة التحرير قرب محال المصورين وباعة الأجهزة الإلكترونية، وهناك انفجرت عبوة ناسفة داخل سيارة، ما أدى إلى مقتل متظاهرين اثنين وجرح نحو 15 آخرين".
وأكد المسؤول أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب نقل أصحاب العربات الصغيرة "التكتك" الجرحى إلى عدة مستشفيات قريبة"، مبيناً أنه "لم يتم حصر جميع الضحايا".
وأكد الناشط علي عباس من مكان الحدث لـ"العربي الجديد" أن الضحايا جميعهم من المتظاهرين، مضيفاً أن الهدف "هو ترهيب الشبان وإجبارهم على إخلاء الساحة".
في المقابل أعلنت الشرطة في الناصرية إصابة 11 متظاهراً، أحدهم بحالة خطرة بتفجير عبوة صوتية في ساحة الحبوبي قرب خيمة يتجمع فيها شبان معتصمون.
وقال النقيب رياض علاوي من شرطة الناصرية بمحافظة ذي قار لـ"العربي الجديد" إن العبوة الصوتية "محشوة بكرات حديدية وتسببت بإصابات بين المواطنين".
ولم تدل الحكومة العراقية بأي تعليق على التطور الخطير في التظاهرات وإخفاقها في تنفيذ وعود سابقة لها قالت إنها ستحمي المتظاهرين وتمنع أي اعتداء عليهم، خاصة أن ساحة التحرير ببغداد محاطة بنقاط تفتيش وحواجز أمنية تخضع المتجهين إلى الساحة إلى تفتيش دقيق.
بالمقابل، قال عضو التيار المدني في بغداد حازم حسين لـ"العربي الجديد"، إن التفجيرين بالتزامن "في أسخن بقع التظاهرات وأكثرها ضغطاً على الحكومة والقوى السياسية تعني أنهم يريدون ترهيب المتظاهرين"، في إشارة إلى ساحتي التحرير والحبوبي ببغداد والناصرية.
وتابع حسين أن "عمليات القنص والقتل والدهس شاهدناها بالأيام والأسابيع الماضية، فهل جاءت ورقة التخويف من الإرهاب والمفخخات حتى يعود الناس لمنازلهم ويبقوا هم في كراسيهم؟"، معتبرا أن التفجيرات بالقنابل الصوتية لم تكن الأولى التي وقعت هذه الليلة، لكنها الأكثر من حيث عدد الضحايا الذين سقطوا فيها"، متسائلا عن الذين بإمكانهم تمرير متفجرات وقنابل من داخل حواجز التفتيش في وقت تفتش به قدور الطعام المتجه إلى ساحة التحرير"، وفقاً لقوله.
وسجلت عصر اليوم الجمعة عشرات الإصابات بين المتظاهرين في بغداد وبلدات جنوبي العراق بفعل إفراط قوات الأمن في استخدام قنابل الغاز التي تسببت بحالات اختناق بين المتظاهرين بلغت في بغداد وحدها نحو ثمانين حالة أدخلت المستشفيات سقط أغلبها قرب ساحة الخلاني بعد توجه المتظاهرين للتجمع فيها وإسقاطهم حواجز إسمنتية تقيمها قوات الأمن حول الساحة، فيما أكدت مصادر طبية وناشطون وفاة أحدهم متأثراً بإصابته.
وفي البصرة، تظاهر الآلاف مساء الجمعة في مدن مختلفة بالمحافظة للمطالبة بإقالة الحكومة ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وفقاً لمصادر محلية قالت لـ"العربي الجديد" إن محتجين قاموا من جديد بقطع الطريق المؤدي إلى ميناء أم قصر الحيوي، موضحين أنهم لن ينسحبوا قبل تنفيذ جميع مطالبهم التي سبق للسلطات المحلية أن وعدت بتنفيذها إلا أنها لم تفِ بوعودها.
كذلك أغلق عدد من شوارع مدينة الديوانية (مركز محافظة القادسية) جنوبي البلاد بسبب اكتظاظها بالآلاف من المتظاهرين الذي خرجوا مساندين للاعتصام الذي أقيم وسط المدينة في وقت سابق بهدف الضغط على السلطات العراقية من أجل تحقيق المطالب.
وفي محافظة ذي قار، تحولت احتجاجات مدينة الغراف شمالي المحافظة إلى اعتصام مفتوح مع بقاء حظر التجوال الذي فرضته القوات العراقية قبل يومين على خلفية عمليات حرق لمؤسسات ومنازل مسؤولين شهدتها المدينة.
إلى ذلك، دعت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي الجمعة الحكومة العراقية إلى الوقف الفوري لعمليات القتل التي تطاول العراقيين.
وقال رئيس اللجنة أرشد الصالحي إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي "لم يجب على كتاب رسمي وجهته إليه لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان في وقت سابق بشأن نوع الغازات المستخدمة في تفريق المحتجين في التظاهرات التي شهدتها بغداد ومحافظات جنوبية"، مضيفاً في مؤتمر صحفي عقده في بغداد "نقول للحكومة والقوات الأمنية أوقفوا قتل الشعب".
في هذه الأثناء، نفت مليشيا "الحشد الشعبي" الأنباء التي تحدثت عن قيامها باستيراد قنابل غاز مسيل للدموع، موضحة في بيان أن الوثيقة التي تم تداولها بهذا الشأن "مزورة وتأتي ضمن الحملات التسقيطية التي تتبناها مؤسسات دولية تتدخل في الشأن العراقي".