تغريدات ترامب لتغيير النظام الإيراني: إطلالة أميركية على الاحتجاجات

03 يناير 2018
نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 40 بالمائة (الأناضول)
+ الخط -
احتل حدث الاحتجاجات في إيران وردّ فعل إدارة الرئيس دونالد ترامب عليها صدارة الاهتمام الإعلامي والسياسي في العاصمة الأميركية خصوصاً بعد تغريدة ترامب التي قال فيها إن وقت التغيير في إيران قد حان، ما طرح السؤال عمّا يمكن أن تقوم به الإدارة الأميركية من أجل دعم تحرك الشارع الإيراني ضد نظام المرشد علي خامنئي، وما إذا كان لديها خطة عملية واستراتيجية واضحة في استثمار هذا التحرك على جبهة مواجهة التهديدات الإيرانية النووية والإمبراطورية في منطقة الشرق الأوسط التي يخوضها ترامب بالتحالف مع رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.


وفي تغريدة على "تويتر"، سخرت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما، من مسارعة ترامب إلى إعلانه دعم المتظاهرين في إيران ودعته إلى الهدوء، فيما رأت بعض مواقف ترامب وإدارته من التطورات الإيرانية "بأنها متسرّعة وارتجالية وتبالغ في الرهان على إمكانية أن تكون هذه الاحتجاجات انطلاقة لربيع إيراني"، على غرار الربيع العربي. ويذكّر هؤلاء بتظاهرات عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي لم تسفر عن أي تغيير وتمكّن نظام طهران من احتوائها.

وقال ترامب في تغريدة له الاثنين إن "إيران فشلت على المستويات كافة، على الرغم من الاتفاق الرهيب الذي وقعته معها إدارة أوباما. لقد تعرّض الشعب الإيراني العظيم للاضطهاد منذ سنوات، وهو بأمس الحاجة للطعام والحرية. وإلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان، تمت سرقة الثروة الإيرانية. حان وقت التغيير". ويأخذ ترامب على إدارة أوباما توقيعها مع نظام طهران على اتفاق فيينا النووي الذي يعتبره الاتفاق الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة. ويقول مؤيدو وجهة نظر ترامب، إن إدارته ستتبنى استراتيجية في التعامل مع احتجاجات الشعب الإيراني بطريقة مختلفة عن استراتيجية إدارة أوباما في تعاملها مع تظاهرات المعارضة الإصلاحية الإيرانية عام 2009. وعبّر مايك بنس، نائب الرئيس، عن وجهة النظر هذه التي تتهم إدارة أوباما بعدم تقديم الدعم اللازم للمعارضة الإيرانية الذي كان من شأنه حينها تغيير النظام في طهران.

بدوره، طالب عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الجمهوري، لندسي غراهام، الرئيس بأن يقدّم في أقرب وقت ممكن رؤية واضحة عن خطته للتعامل مع التهديد الإيراني ويشرح فيها للأميركيين الآثار السلبية للاتفاق النووي الإيراني ولماذا يتوجّب على الولايات المتحدة إلغاؤه. ودعا غراهام إلى إعادة التفاوض مع إيران للتوصّل إلى اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي وبشأن القضايا الأخرى المتعلقة بالصواريخ البالستية وبتمدد نفوذها في الشرق الأوسط.

ويرى كثير من المسؤولين في إدارة ترامب أن التغيير الفعلي في إيران ومواجهة خطرها النووي ودعمها للإرهاب لا يمكن أن يتم من دون تغيير نظام الحكم في طهران. من هؤلاء وزير الخارجية ريكس تليرسون والسيناتور الجمهوري توم كوتون المقرّب جداً من ترامب ويؤثر على قراراته في السياسة الخارجية. لكن فيليب غوردون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، اعتبر أن قرار الإيرانيين النزول إلى الشارع والضغط على حكومتهم ليس نتيجة لدعم واشنطن لهم. وتساءل غوردون في مقال له في "نيويورك تايمز" عمّا يقدم الخطاب الأميركي الدعائي الذي يعلن دعم المعارضين الإيرانيين غير حجة للنظام في طهران لاعتبار المتظاهرين من أجل مطالب اقتصادية بأنهم عملاء لأميركا.

وسخر غوردون من ترامب ومحاولته نسب تفجّر الاحتجاجات في البلاد لسياسته المعادية لطهران. ونصح الكاتب ترامب بحال كان يريد مساعدة المتظاهرين الإيرانيين بأن يصمت، معتبراً أنه مهما بلغت الاحتجاجات في البلاد، فإن المتظاهرين لن يقبلوا الدعم من شخص متطرف يرفض رفع العقوبات عنهم ويمنعهم من دخول بلاده كما هدد بتمزيق الاتفاق النووي. كما رأى أن دعم ترامب سيكون بمثابة طوق نجاة لنظام إيران بالتفاف جزء كبير من الإيرانيين حوله ضد الرئيس الأميركي.

وفي حادثة نادرة، التقت صحيفة "واشنطن بوست" مع ترامب على فكرة واحدة، وهي دعم المتظاهرين الإيرانيين، مؤكدة ضرورة حذو زعماء أوروبا والغرب الذين مازالوا حذرين في تصريحاتهم حيال التطورات هناك، حذوه وأن يدعموا الاحتجاجات السلمية. ورأت الصحيفة أن التظاهرات أبرزت ضعف النظام الإيراني الذي تصوّره واشنطن على أنه "الطاغوت الإقليمي" في منطقة الشرق الأوسط.

لكن الصحيفة لفتت إلى أن من الضروري تذكّر دروس التاريخ وعدم الذهاب بعيداً في التوقعات حيال إمكانية أن تؤدي الاحتجاجات إلى ثورة إيرانية، إذ إن نظام خامنئي أثبت أنه بارع وبلا رحمة في إخماد تحركات وتظاهرات معارضة سابقة كان آخرها في 2009، وهو ما زال يمتلك الكثير من الأساليب القمعية التي يمكن أن يلجأ إليها.


كذلك رأت الصحيفة أن تظاهرات اليوم تختلف اختلافاً كبيراً عن تظاهرات 2009، إذ إن لا قيادة لها ولا حتى برنامج واضح، وهو ما قد يخدم النظام الإيراني. وفي حين رأت أن هذه الاحتجاجات أكثر عنفاً من السابق، أكّدت أن على ترامب والزعماء الغربيين حثّ الرئيس حسن روحاني على الإصلاح من خلال الديبلوماسية والتهديد بالعقوبات في حال إراقة المزيد من الدماء.

ودعت الصحيفة ترامب إلى "تجنّب الأعمال التي من الممكن أن تقوّض الاحتجاجات وتمكّن المتشددين في الحكم، كالتهديد بالتخلي عن الاتفاق النووي والذي من شأنه أن يبعد الولايات المتحدة عن أوروبا في الوقت الذي يجب أن يجتمع الطرفان لدعم الحركة الاحتجاجية ويشكلوا تهديداً خارجياً للنظام"، بحسب ما كتبت.

بدوره، كتب المدير الإداري في معهد واشنطن، مايكل سينغ، مقالاً في "واشنطن بوست" قال فيه "إن الولايات المتحدة معنية بالتظاهرات التي تشهدها إيران، وإن على واشنطن أن تدعم تصريحاتها الداعمة للمتظاهرين بخطوات عملية".

بدورها، ركّزت صحيفة "نيويورك تايمز" على الجانب الاقتصادي الذي أدى إلى اندلاع الاحتجاجات، مقارنة بين تظاهرات 2009 التي كانت نتيجة نزاع سياسي على الرئاسة، وبين تظاهرات اليوم التي اعتبرتها نتيجة "فشل روحاني في الوفاء بوعوده بإحداث تغييرات فعلية في السياسة والاقتصاد، على الرغم من رفع العقوبات التي كانت مفروضة على طهران"، معتبرةً أنه "خيّب آمال الفئة الواسعة التي صوتت لصالحه". وقالت الصحيفة إن الغضب يسيطر بشكل خاص على فئة الشباب الذين يعتبرون المتضرر الأول من الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إذ إن أكثر من 50 في المائة من السكان هم تحت الـ30 عاماً، بحسب الإحصاءات الرسمية، و20 في المائة منهم يعانون من البطالة، رغم أن خبراء عديدين يقولون إن النسبة قد تصل إلى 40 في المائة.

كذلك، اعتبرت الصحيفة أن الإحباط الاقتصادي لم يقابله مزيد من الحريات الاجتماعية التي منح روحاني بعضها للشباب، وبقيت الفجوة واسعة بين المجتمع المتغيّر في إيران والقادة الإيرانيين الذين يصرون على الاستمرار في سياستهم المناهضة للغرب ولم يسمحوا بالتخفيف من القيود الاجتماعية والدينية المفروضة على المواطنين.


أما صحيفة "وول ستريت جورنال"، فذكرت أن إدارة ترامب تحشد الدول حول العالم من أجل دعم المتظاهرين في إيران. ونقلت عن مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية، براين هوك، قوله "إننا نشجع جميع الدول حول العالم على الإدانة العلنية لعنف الحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين ودعم الحقوق المشروعة لهؤلاء". وأضاف "لا يهم ما الذي نقوم به، وهذه ليست مسألة معقدة. نريد أن نتخذ موقفاً أخلاقياً واضحاً ونقول للمتظاهرين إنهم ليسوا وحدهم". وقد علّقت بالفعل بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة على ما يجري في إيران، ومنها ألمانيا وبريطانيا.

وفي مقال مشترك في صحيفة "بوليتيكو"، للمدير التنفيذي لـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية، مارك دوبوتز، والسفير الأميركي السابق في إسرائيل، دانييل شابيرو، دعا الكاتبان المسؤولين الأميركيين إلى المشاركة في وسائل إعلام ناطقة بالفارسية ومعادية للنظام الإيراني، ومخاطبة المعارضين والمنشقين عن النظام، من أجل التعبير عن دعمهم لحقوق وتطلعات الشعب الإيراني وإدانة انتهاكات إيران في مجال حقوق الإنسان. ودعا الكاتبان إلى "الكشف عن المبالغ المالية التي أنفقت على تدخلات إيران في الحروب الإقليمية ودعم منظمات إرهابية مثل حزب الله، والكشف عن الفساد المستشري في البلاد".

كذلك، دعا الكاتبان إلى دعم واسع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، للاحتجاجات السلمية، وترك الخلافات الأوروبية الأميركية السياسية جانباً "والتركيز على الشعب الإيراني من أجل النهوض بتطلعاته". وقالا إن "مئات الآلاف من الناس الذين يحتجون على الفساد والقمع في طهران يجب أن يقلقوا الأوتوقراطيين في جميع أنحاء العالم، من خامنئي إلى (الرئيس الروسي) فلادمير بوتين، إلى (الرئيس التركي) رجب طيب أردوغان".

وطالب الكاتبان أيضاً الكونغرس بتمرير قرار بموافقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، شبيه بقرار صدر عام 2012، "يدين قيام الحكومة الإيرانية بارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق مواطنيها".