تعليق قرارات المحروقات في الأردن: تأجيل مؤقت للغضب الشعبي

01 يونيو 2018
التراجع عن رفع أسعار المحروقات بعد الاحتجاجات (Getty)
+ الخط -
جاء قرار العاهل الأردني الملك عبد الله بإلغاء قرار رفع أسعار المحروقات وإيعازه إلى رئيس الوزراء هاني الملقي بوقف القرار طيلة شهر يونيو/حزيران الحالي، بعد أقل من 24 ساعة من الاحتجاجات الشعبية التي عمّت غالبية البلاد مساء الخميس، وشملت إغلاق طرقات وحرق إطارات في الشوارع وإيقاف مركبات بالشارع العام، كما حدث على الدوار الرابع في العاصمة عمّان (أمام رئاسة الوزراء). وهناك، أقدمت قوات الدرك على تفريق المعتصمين، ظهر اليوم، وقامت باستخدم القوة ضدهم.

إيعاز الملك للملقي بتجميد القرار لشهر، هدفه امتصاص غضب الشارع الساخط على الحكومة، والتي اتخذت قرار رفع المحروقات بعد يومين فقط من الإضراب الحاشد الذي دعت إليه النقابات المهنية على اختلاف توجهاتها السياسية، فيما رفضت الحكومة سحب مشروع قانون الضريبة من مجلس النواب، كما صرّح بذلك الملقي يوم أمس، وهو ما اعتبر تحديا للشعب، الأمر الذي يفسر حالة الغبن الشديدة التي يشعر بها الأردنيون.

ويلاحظ المتابع للمشهد أن القرار جاء بعدما لمس القصر أن الاحتجاجات الشعبية قد تطاوله، كما حدث في مدينة معان (جنوب الأردن)، والتي وجهت هتافات شبه مباشرة حمّلت القصر المسؤولية.

على الصعيد الإقليمي، وبعدما بدأ النظام الأردني يشعر بأن حلفاءه التقليديين تخلوا عنه في مسألة الوصاية الهاشمية على القدس تحديداً، وبعدما تغيرّت قليلاً خارطة التحالفات السياسية لدى الأردن، فقد بدأ النظام الأردني يقيس الأمور من منطلق حسابات جديدة، فمن الممكن أن تؤثر الاحتجاجات الداخلية وتكون أكثر قوة من ذي قبل، كما أن النظام الأردني لن يتحمل "ربيعاً عمّانياً" جديداً، وخصوصاً أن الحديث عن الكونفيدرالية مع الضفة الغربية بدأ يعود مجدداً إلى الصالونات السياسية الأردنية.

في المقابل، لا يُستبعد أن يكون صانع القرار السياسي قد قرر رفع أسعار المحروقات كخطة مدروسة و(سيناريو مفتعل) ليتدخل بعدها الملك ويوجه الحكومة إلى وقف القرار ويظهر وكأنه المخلّص للناس والشعب.

من جهته، يقرأ عضو مجلس النقباء، نقيب الصحافيين راكان السعايدة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إيعاز الملك للحكومة بوقف قرار رفع المحروقات بأنه محاولة لامتصاص غضب الشارع وتهدئته، ودرء حالة الفوضى التي كان من الممكن أن تذهب إليها البلاد على كافة الصعد. والقرار – كما يراه السعايدة – يؤشر بشكل مباشر إلى أن الحكومة لا تقوى على تقدير المواقف بشكل جيد وليست قادرة على التقاط نبض الشارع بشكل صحيح، إذ إنها اتخذت قرار رفع المحروقات بعد نحو يومين فقط من الإضراب الحاشد الذي نفذته النقابات المهنية.



بناء على تطورات الموقف – يقول نقيب الصحافيين – فإن إقالة الحكومة قد تكون مخرجا لامتصاص غضب الشارع في حال تصاعدت وتيرة الاحتجاجات. ويصف الشاب محمد خلف (29 عاماً)، القرار بقوله إن "تجميد القرار لهذا الشهر مجرد ضحك على اللحى، الشهر المقبل سيعوضون الرفع"، في إشارة منه إلى أن القرار جاء بعدما انتفض الأردنيون على مشروع قانون ضريبة الدخل، وأن القصر تخوّف من أن يتحول الحراك من مطلبي إلى سياسي وأن الأمر مرشح للتصعيد وقد يرتفع معه سقف الهتافات.

على صعيد متصل، تحاول الحكومة أن ترحّل الأزمة لمجلس النواب وأن ترمي الكرة بيده من خلال تحويلها لمشروع قانون ضريبة الدخل للمجلس رغم عدم انعقاده، غير أن المهلة التي حددها مجلس النقابات المهنية بيوم الأربعاء المقبل لسحب المشروع في حال لم ينفذ، ستطالب النقابات بأسقاط الحكومة.