تعرّف إلى تشكيلة ديوان الرئيس التونسي قيس سعيد

31 أكتوبر 2019
سعيد يشكل ديوانه الرئاسي من رجالات القانون والدبلوماسية(Getty)
+ الخط -
كشف الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الخميس، بعد أسبوع من توليه الرئاسة عن معاونيه في الديوان الرئاسي من رجالات القانون والكفاءات في مجالاتهم، ليغلق الأبواب أمام منتقديه المطالبين بالكشف عن الفريق الرئاسي.

وكلف سعيد، الدبلوماسي طارق بالطيّب بتسيير ديوان رئيس الدولة لفترة محددة بصفة وزير، فيما عين الدبلوماسي المتقاعد عبد الرؤوف بالطبيّب وزيراً مستشاراً لدى رئيس الجمهورية، كما عين الجنرال المتقاعد محمد صالح الحامدي وزيراً مستشاراً للأمن القومي والأستاذة المتقاعدة رشيدة النيفر، مستشارةً لشؤون الإعلام والاتصال.

وعين الرئيس أستاذة القانون نادية عكاشة مستشارةً للشؤون القانونية وطارق الحنّاشي في مهمة مستشار مكلف بالتشريفات والمراسم والبروتوكول.

وأكد بلاغ رئاسة الدولة أنه تم اختيار أعضاء الديوان الرئاسي "وفق معايير الكفاءة والمهنية للحفاظ على حيادية مؤسسة رئاسة الجمهورية".

وتوضيحا لنقطة تكليف بالطيّب، سفير تونس لدى إيران، بتسيير ديوان رئيس الجمهورية "لفترة محددة"، أفاد المصدر بأن "التنصيص على الفترة ينسجم مع ما يقتضيه النظام الأساسي لوزارة الشؤون الخارجية، الّذي يسمح باستدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية التونسية بالخارج لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد لمهمات معينة".

وأنهى سعيد جدلا رافق انطلاق مهامه في رئاسة الجمهورية ليسكت منتقديه الذين يطالبون بمعرفة أسباب حضور عبد الرؤوف بالطبيب في جميع لقاءاته وحضور طارق بالطيب لدى استقبال سعيد وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس.

وأفصح الرئيس التونسي عن التشكيلة الأولية لمعاونيه بعد ماراتون من اللقاءات والمقابلات بلغت 23 لقاء منذ توليه، منها 4 لقاءات مع شخصيات أجنبية و18 مقابلة مع رؤساء الأحزاب وبرلمانيين فائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وتتراوح تعيينات سعيد بين عاملين في وزارة الخارجية وآخرين من المختصين في القانون من نفس الكلية التي عمل بها، فيما يلاحظ أن ثلاثة من أصل ستة معينين هم من المتقاعدين في مجالاتهم، وهم بالطبيب والحامدي والنيفر، وجميعهم من الخبرات والكفاءات في مجالاتهم.

ويعد تعيين سفير تونس في طهران طارق بالطيب في منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية خيارا يترجم فهماً لحاجيات رئاسة الدولة إلى كفاءة في المجال الدبلوماسي والإداري في نفس الوقت، نظرا لصلاحيات رئيس الدولة التي تتمحور أساسا حول قيادة السياسة الخارجية للدولة وقيادة القوات المسلحة.

ويكشف تعيين الدبلوماسي بالطيب اهتمام سعيد المتزايد بالوضع في ليبيا وتوجهه نحو وضع هذا الملف في صدارة أولوياته، حيث يختزل مدير الديوان الرئاسي الجديد تجربة هامة في متابعة الأزمة الليبية وحيثياتها وتداعياتها.

وإلى جانب مرافقته وزير الخارجية السابق خميس الجهيناوي في زيارات عمل، خاصة إلى طرابلس وبنغازي وطبرق في إطار مبادرة الوساطة، أشرف الرجل خلال الأعوام الماضية على إدارة ملف العلاقات مع ليبيا، وكلف بترؤس الوفود التونسية في الاجتماعات الدولية الخاصة بالأزمة الليبية.

كما يختزل الرجل تجربة دبلوماسية هامة في الشرق الأوسط الكبير، فعلاوة على آخر منصب تولاه في إيران، فقد أشرف على البعثات الدبلوماسية التونسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وليبيا وإندونيسيا.

وعين سعيد أيضا رفيقه في الدراسة، الدبلوماسي المتقاعد عبد الرؤوف بالطبيب، وهو من الرجالات الثقات المحيطين بالرئيس في منصب وزير مستشار لدى رئيس الدولة، ولمع نجم بالطبيب منذ أداء الرئيس القسم، حيث كان أول من لازمه في برتوكولاته ولقاءاته.

وظهر بالطبيب كأول مسؤول يرافق سعيد بداية عند تصريحه رسمياً بمكاسبه ومصالحه أمام هيئة مكافحة الفساد، ثم عند توليه الرئاسة رسمياً يحمل بين يديه خطاب الرئيس عند دكة رئاسة البرلمان ليضعه أمامه تحت قبة مجلس الشعب في أول بروز مؤسساتي مخلفا وراءه تساؤلات البرلمانيين والوزراء ورؤساء الأحزاب والضيوف حول موقعه ومنصبه في ديوان الرئيس.

ويختزل بالطبيب (63 عاماً) تجربة طويلة من العمل الدبلوماسي في وظائف سامية في قلب وزارة الخارجية وفي سفارات وقنصليات عديدة قبل إحالته على شرف المهنة ببلوغه سن التقاعد القانوني، وإلى جانب تكوينه القانوني وتجربته الإدارية وإتقانه لعدة لغات أجنبية فإن للرجل تجربة نقابية في وزارة الخارجية، إلى جانب نشاطه في المجتمع المدني، وله تجربة سياسية في حزب "التيار الديمقراطي" انتهت في العام 2018.

وعين الرئيس التونسي الجنرال المتقاعد صالح الحامدي وزيراً مستشاراً أول مكلفاً بالأمن القومي، ويختزل قائد أركان جيش البر الأسبق تجربة عسكرية طويلة، وبرز نجمه زمن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي خلال أحداث إرهابية تصدى لها الجيش التونسي ببسالة.

ويعرف عن الرجل خبرته الطويلة وتجربته الواسعة في المجال العسكري، حيث تكونت على يديه أفواج من العسكريين والضباط والضباط القادة، بما يفسر تعويل سعيد عليه في إدارة ملف الأمن القومي الذي لا يمتلك فيه الخبرة اللازمة، خصوصاً وأن الدستور يمنح الرئيس مهمة القيادة العامة للقوات المسلحة وإعلان الحرب والسلم في فترة دقيقة تمر بها البلاد، مع وجود انتقادات طاولته في بعض المواجهات مع الإرهابيين.

وكلف سعيد زميلته في مقاعد التدريس بالجامعة رشيدة النيفر بمهمة إدارة شؤون الإعلام والاتصال ليستفيد من تجربتها المزدوجة بين الصحافة والقانون، فيحسب لها تجربتها في مجال الإعلام بين العمل الصحافي وتدريس أجيال من الصحافيين وتنقلها بين الهياكل والمنظمات الصحافية من رئاسة الجمعية التونسية للصحافيين التي تحولت إلى نقابة الصحافيين بعد الثورة إلى عضوية الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

ويعد طارق الحناشي المستشار الجديد المكلف بالتشريفات وإدارة المراسم الرئاسية ثالث المستشارين الستة المعينين من أبناء وزارة الخارجية، مع كل من الطيب وبالطبيب، وقد عمل الحناشي بقنصلية تونس ببنغازي وبسفارة تونس بالجزائر وبالمعهد الدبلوماسي ثمّ بديوان وزير الشؤون الخارجية السابق خميس الجيهناوي.

وأما نادية عكاشة مستشارة الشؤون القانونية فهي الأخرى زميلة سعيد في جامعة القانون وزميلته أيضا في نفس جمعية القانون الدستوري، وقدما معا ندوات عديدة منذ الثورة حول الانتقال الديمقراطي ونظام الحكم.


غياب الشباب

واعتبر المحلل محمد الغواري لـ"العربي الجديد" أنه من الطبيعي أن تطالب أوساط سياسية سعيد بتوضيح مواقع معاونيه وديوانه الرئاسي وخصوصا بالطبيب، الذي يرافقه في المواقع الرسمية، وأيضا بعد انقضاء أسبوع على مباشرته مهامه في قصر الرئاسة بقرطاج.

ورجح الغواري أنه من الممكن أن يكون بالطبيب مقترح وزير للشؤون الخارجية عند تشكيل الحكومة الجديدة نظرا لما يحظى به من خبرة وتجربة إلى جانب علاقاته الطيبة مع الأحزاب الصاعدة اليوم بعد الانتخابات الأخيرة، على غرار حزبي "النهضة" و"التيار الديمقراطي".

ولفت إلى أن ديوان سعيد خالف التوقعات، حيث لم يشمل من رافقه في حراكه الانتخابي ولا حتى من كانوا إلى جواره قبل التفكير في الانتخابات على غرار سنية الشربطي ورضا المكي، المكنى بلينين، وقد توقع الجميع تواجدهما في الديوان الرئاسي إلى جانب شباب كانوا يلازمونه.

ولفت المتحدث إلى أن التعيينات "تعكس حجم الخبرة والتجربة، ولكنها تكشف عن غياب الشباب عن التعيينات ممن آمنوا بسعيد وأحاطوا به غير أن هذا يعد غيابا نسبياً نظراً لإمكانية التدارك لوجود مناصب كثيرة مازال يشغلها مستشارو الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، على غرار مستشار شؤون الشباب والشؤون الثقافية والعلاقة مع مجلس النواب والمتحدث الرسمي.

وعلق عدنان منصر الوزير مدير الديوان الرئاسي زمن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي قائلا "طالعتُ قائمة الفريق الرئاسي واعتقادي أن الفريق ممتاز".

وأضاف على صفحته الرسمية "اعتقادي أيضا أن ملفات كثيرة ستُفتح، ومنها بعض الأحداث الدامية التي وقعت لعدد من جنودنا وسقط فيها كثير من الشهداء، نتيجة عدم كفاءة رجل وضعته الصدفة وزيرا للدفاع ذات حكومة تكنوقراط، ويجب أن يُحاسب. دماء الجنود ورجال الأمن والديوانة التي سكبت على هذه الأرض الطيبة نتيجة تقصير غير الأكفاء تستحق العدالة! ملفات الخارجية، ملفات الرئاسة، وملفات أخرى كثيرة." على حد قوله.

وشدد منصر قائلاً "أعرف عدداً من أعضاء الفريق الجديد، واعتقادي أنهم سيكونون خير عون للرئيس. قناعتي أنهم قادرون على تقديم صورة جديدة، ستجعل التونسيين يتأسفون على أن فريقاً من عديمي الكفاءة، كان لمدة خمس سنوات، يعيث عبثاً في أعلى مؤسسة سيادية في البلاد". حسب تعبيره.

دلالات
المساهمون