تظاهرات لبنان تشحن الشارع العراقي: مشتركات في تظاهرات البلدين

20 أكتوبر 2019
ترقّب لتظاهرات الجمعة في العراق (أحمد الربيع/ فرانس برس)
+ الخط -

يستعد العراقيون في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، لاستئناف التظاهرات مرة أخرى الجمعة المقبل، وذلك بعد توقفها لنحو أسبوعين اعتبرت هدنة بين المتظاهرين والحكومة العراقية لتهيئة أجواء إحياء زيارة الأربعين في كربلاء، حيث يتوافد على المدينة ملايين الزوار لإحياء الذكرى.

ومع الإعلان عن قوات "حفظ الأمن"، التي تم تشكيلها لضبط إيقاع التظاهرات في العراق، ضمن عدة قرارات للحكومة العراقية، فإن تظاهرات لبنان جاءت بمثابة الشاحن أو المحفز للعراقيين لاستئناف تظاهراتهم مرة أخرى، وهو ما بدا من خلال تناولهم الحدث اللبناني على منصات التواصل الاجتماعي، التي ضجت بالتعاطف والتأييد والدعم للمتظاهرين في لبنان، معتبرين أن بينهم وبين اللبنانيين مشتركات.

ووفقا لمحمد الموسوي، أحد الناشطين في بغداد، فإن الخامس والعشرين من الشهر الجاري سيكون موعدا لكل المدن التي انتفضت بوجه الفساد والطائفية والظلم والطبقية، وضد كل من يستغل الدين والطائفة لتثبيت منصبه وامتيازاته على حساب الفقراء، مضيفا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "بغداد وجنوب ووسط العراق ستكون الثقل الأكبر، وبالنسبة لشمال وغرب العراق فعلمنا بحالهم يغني عن طلب شيء منهم، فمدنهم أطلال، وحالهم لا يسر، لذا صوت ابن الأنبار سيكون في النجف حاضرا، فمصيرنا واحد"، وفقا لقوله.

 

وأوضح الموسوي أن "التظاهرات في لبنان جاءت لصالح الوضع في العراق، فالصور والهتافات التي توحد اللبنانيين من طوائف مختلفة تحت علم بلادهم عززت الشعور العراقي الوطني أكثر بأننا لسنا أقل منهم، ويمكن أيضا معاودة الكرة والتظاهر بشكل أقوى".

بدروه، قال عضو التيار المدني علي الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "العوامل المشتركة بين العراقيين واللبنانيين كثيرة، أهمها الفساد الذي ينخر الدولتين، وأمراء الطوائف والاستغلال الديني في العملية السياسية والمحاصصة، وأخيرا النفوذ الإيراني، الذي يعتبر سبب بلاء الدولتين". وختم بالقول: "نريد دولا حقيقية لا دول طوائف، وهذه لك وتلك لي".

وتواصل الحكومة العراقية، برئاسة عادل عبد المهدي، سباقها مع الزمن في إطلاق حزم باتت تعرف بـ"الحزم الإصلاحية"، وتنحصر غالبيتها بقرارات تتعلق بالمتظاهرين، مثل الوظائف والقروض الميسرة وتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة، وتوزيع أراضٍ سكنية، وتأهيل مصانع متوقفة، وإطلاق منح مالية للعاطلين من العمل، ومراجعة القضاء لقضايا فساد في الدولة، مع استمرار مشاورات رئيس الوزراء لإجراء تعديل وزاري ثانٍ على حكومته، وتتناول تسريبات متباينة الوزارات التي ستشملها التعديلات، أبرزها الصناعة والكهرباء والهجرة والاتصالات والنقل والنفط.

وأشار القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية أثيل النجيفي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الشعوب في دول مثل لبنان والعراق تعاني من النفوذ والتغلغل الإيراني بدأت بالبحث عن النتائج وعن الحلول، فهي لن تقبل أكثر حالة الانتقال من أزمة إلى أزمة أخرى"، مؤكداً أن "انطلاق التظاهرات في لبنان يؤشر على وجود عامل مشترك مع احتجاجات وتظاهرات العراق، وهو النفوذ الإيراني".

وتابع أن "ما يحدث في لبنان سوف يساعد العراقيين كثيراً، وسيشجع الشارع العراقي على أن يقتدي به، وألا يقبل بما حدث ويحدث من قمع وقتل للمتظاهرين، والسيطرة على الأوضاع بقوة السلاح".

وأكد السياسي العراقي المستقل ناجح الميزان، لـ"العربي الجديد"، أن "الدول التي تعاني من النفوذ الإيراني هي نفسها التي تعاني من تغول الفساد، وهذا ما يحصل في العراق ولبنان".

وبيّن الميزان أن "التظاهرات في العراق واليوم في لبنان غابت عنها جميع الرايات والهتافات الجانبية، ورفعت أعلام البلدين، ورددت شعارات مفرحة تؤكد أن الشعوب العربية حية وترفض التبعية، وأن هوية الوطن تعلو على أي هوية أخرى"، معتبرا أن "الاحتجاجات في لبنان ستشجع العراقيين، الذين لم يشاركوا في التظاهرات السابقة، كي يشاركوا بتظاهرة 25 أكتوبر، وقد تحفزها في دول أخرى أيضا".

أما رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي فقد أكد أن "هناك ترابطا بين تظاهرات العراق وتظاهرات لبنان، فالوضع في البلدين متشابه، وهو قائم على المحاصصة والفساد والضرائب، ووجود طبقتين، لا وجود للطبقة الوسطى: هناك طبقة غنية وطبقة فقيرة".

وقال الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "تظاهرات العراق كانت حافزا للبنانيين للاحتجاج والتظاهر، والدليل رفع لافتات في لبنان تشير إلى تظاهرات واحتجاجات العراق، كما أن تظاهرات لبنان بكل تأكيد سوف تدعم تظاهرات العراق المرتقبة في 25 أكتوبر".

 

الصدر يدعم التظاهرات

في غضون ذلك، أعلن مقتدى الصدر، ليلة أمس، عن "دعمه الكامل" للتظاهرات، في مؤشر واضح على دخول أنصاره على خط التظاهرات المقرر انطلاقها الجمعة المقبل، وذلك عبر بيان رسمي صدر عن مكتبه اعتبر غير مفاجئ.

 

وقال الصدر مخاطبا المتظاهرين: "لعلكم عزمتم أمركم على أن تتظاهروا في الخامس والعشرين من الشهر الميلادي، وهذا حق من حقوقكم، لكني أريد أن أطلعكم على ما يجري خلف الستار، كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حال رعب وهيستيريا من المد الشعبي، وكلهم يحاولون تدارك أمرهم، لكن لم ولن يستطيعوا، فقد فات الأوان".

وزاد: "كلهم يريدون أن يقوموا ببعض المغريات لإسكاتكم، كالتعيينات والرواتب، وما شاكل ذلك، كلهم قد جهزوا أنفسهم لأسوأ السيناريوهات، كلهم اجتمعوا على إيجاد حلول، لكن لن يكون هناك حل، فالحكومة عاجزة تماماً عن إصلاح ما فسُد، فما بُني على الخطأ يتهاوى".

وشدد الصدر: "كلهم علموا أنهم سلموا أنفسهم لمن هم خارج الحدود، وأنهم سوف لن يستطيعوا إصدار أي قرار من دون موافقاتهم، وكل حسب توجهاته، وكلهم أيقن أن العراق صار ساحة لتصفية الحسابات الداخلية والخارجية، وكلهم أذعنوا أن أغلبية الشعب لا تريدهم، خصوصاً بعد أن أضافت ثورة الأكفان رونقاً جديداً، لذا صاروا يلجأون إلى المكر والدهاء".

وخاطب الصدر المتظاهرين بالقول "أيها الثوار الأحرار، يا عشاق الإصلاح، لا يُصلح العراق من حيث يَفْسُد، ولتتحدوا كشعب واحد، ولمطلب واحد، ولهدف واحد، وبشعار واحد، وإياكم أن تتفرقوا فقوتكم بوحدتكم، ولتعلموا أنكم أمام أنظار العالم كله، بل البعض تأسى بكم، فقد دب الحماس في قلوب الشعوب العربية، وأولها لبنان".

وختم بقوله: "لكن العراق أمانة في أعناقكم فلا تضيعوه، وإن شئتم الإحجام عن الثورة فلكم ثورة أخرى عبر صناديق اقتراع بيد دولية أمينة، ومن دون اشتراك من تشاؤون من الساسة الحاليين، فامنعوهم حتى لا يعودوا عليكم بالفساد والخسران".

المساهمون