تطبيع سعودي غير مباشر

18 اغسطس 2020
من تظاهرة في غزة ضد التطبيع (Getty)
+ الخط -

في موازاة تسريع الاحتلال الإسرائيلي والإمارات خطواتهما لتطبيق اتفاق التحالف بينهما، وترسيخ علاقات دبلوماسية رسمية، مع بحث تل أبيب عن مبنى في أبوظبي ليكون مقراً لسفارتها، يبدو الاحتلال متجهاً لتطبيع غير مباشر مع السعودية في الفترة الراهنة، ستكون أولى محطاته العلنية السماح بمرور رحلات طيران إسرائيلية فوق الأجواء السعودية، علماً أن مسؤولاً إسرائيلياً سابقاً كشف، أمس، عن اتصالات مع الرياض منذ سبعينيات القرن الماضي.

وأطل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عصر أمس، عبر قناة "سكاي نيوز عربية"، التي تبث من دبي، ليعرب عن ثقته بأن "الإمارات لن تكون الدولة العربية الأخيرة التي تعقد السلام معنا، وهناك دول عديدة آتية"، مضيفاً "هناك تحول كبير في مواقف العديد من الدول العربية تجاه إسرائيل، والآن يعتبرون أن إسرائيل لم تعد عدواً بل شريكاً لعقد السلام لتحقيق الازدهار والأمن". وتابع: "أعتقد أن الدول العربية الأخرى تتطلع إلى ما سنفعله وتقول ربما سننصم إلى هذه الدائرة من الازدهار والتقدم"، قائلاً إن الإمكانات مفتوحة وغير محدودة بين إسرائيل والإمارات، مدعياً أنه وبن زايد والرئيس الأميركي دونالد ترامب يدفعون السلام للأمام. وعن تعليق الضم الإسرائيلي لأراضٍ في الضفة الغربية، قال نتنياهو: "كان مطلباً أميركياً في الوقت الحالي ونحن وافقنا. الأميركيون قالوا إن الأولوية هي توسيع دائرة السلام". وعن موقف إيران، قال إنه "ليس مفاجئاً أن تكون ضد الاتفاق وهي دائماً وقفت ضد السلام وتدعم الإرهاب في مختلف أنحاء العالم، وإيران مستاءة وهذا شيء جيد، فهذا تحالف للدول المعتدلة لمواجهة من يريدون أن يرهنونا في العهود الماضية"، معرباً عن أسفه لأن تركيا لها موقف معارض من الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.

نتنياهو: الإمارات لن تكون الدولة العربية الأخيرة التي تعقد السلام معنا، وهناك دول عديدة آتية

وكان نتنياهو قد أعلن أن دولة الاحتلال تعمل حالياً لتسيير رحلات جوية إلى الإمارات من فوق الأجواء السعودية. وقال في حديث مع الصحافيين الإسرائيليين في مطار بن غوريون في تل أبيب، أمس: "نعمل الآن على تسيير رحلات مباشرة بين تل أبيب وأبوظبي ودبي، تمر من فوق الأجواء السعودية. هذه الرحلة ستكون أقصر بثلاث ساعات". وأضاف أن الإمارات معنية جداً باستثمارات كبيرة في المجال التكنولوجي و"نتوقع حجماً هائلاً من الاستثمارات والسياحة" مع الإمارات.

في السياق نفسه، كشف المستشار السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية عوزي أراد، الذي شغل أيضاً منصب رئيس مجلس الأمن القومي ومنصباً رفيعاً في "الموساد"، أنه خلال عمله في "الموساد" تسنّت له زيارة الإمارات مرات كثيرة، كما أجرى اتصالات مع مسؤولين سعوديين منذ سبعينيات القرن الماضي، وإن كان قد امتنع عن التصريح بشأن ما إذا كان قد زار السعودية فعلاً. ولفت أراد في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية العامة، إلى لقاءات له مع الرئيس اللبناني ميشال عون، في الفترة التي شغل فيها الأخير منصب رئيس أركان الجيش اللبناني، وخلال وجوده في المنفى في أوروبا.

في موازاة ذلك، بدأت طواقم عمل في إسرائيل والإمارات صياغة نصوص وملاحق اتفاق التحالف الذي أعلن عنه الخميس، تمهيدا لترسيخ علاقات دبلوماسية رسمية بين الطرفين، من خلال محادثات رسمية ستجري في أبوظبي، بحسب صحيفة "هآرتس". ووفقاً للصحيفة، فقد بدأت وزارة الخارجية الإسرائيلية البحث عن مبانٍ في أبوظبي يمكن أن تكون مقراً للسفارة الإسرائيلية في الإمارات. ولفتت الصحيفة إلى تأخر توجه الوفد الإسرائيلي الرسمي إلى الإمارات، وهو أمر كان مقرراً أن يتم أمس الأول، الأحد، وذلك بفعل خلافات داخلية في إسرائيل على صلاحيات اللجان المختلفة بين مجلس الأمن القومي و"الموساد" ووزارة الخارجية الإسرائيلية. وقالت الصحيفة إن نتنياهو سيطلع، اليوم الثلاثاء، أعضاء الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية "الكابينت" على تفاصيل الاتفاق.

في غضون ذلك، وجّه الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، أمس، دعوة إلى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لزيارة إسرائيل. ونشر ريفلين على حسابه في "تويتر"، صورة للرسالة التي وجهها إلى بن زايد، جاء فيها "إن الاتفاق المتبلور بين دولتينا بوساطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يشكل حجر أساس باتجاه مسارات جديدة في منطقتنا". كذلك، أعلنت وزارة الخارجية العُمانية على حسابها في "تويتر"، أن وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي تلقى، أمس، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي تطرق إلى "التطورات الأخيرة في المنطقة". وأكدت أنه "تم التأكيد بوضوح على موقف السلطنة الثابت والداعم لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط وضرورة استئناف مفاوضات عملية السلام وتحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يتوافق في الوقت ذاته مع الموقف العربي". من جهته، قال موقع "والاه" الإسرائيلي إن المسؤولَين الإسرائيلي والعُماني "بحثا اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات". كما تحدث بن علوي كذلك هاتفياً مع الأمين العام للجنة المركزية في حركة "فتح" جبريل الرجوب.

وبعد الهجوم الإيراني على أبوظبي إثر اتفاقها مع الاحتلال، طمأن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إيران بأن الاتفاق "قرار سيادي وليس موجهاً إلى إيران". وأضاف على "تويتر": "معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية قرار سيادي ليس موجّهاً إلى إيران، نقولها ونكرّرها. ولا نقبل التدخل في قراراتنا، كما نرفض التهديد والوعيد، سواء كان مبعثه التنمر أو القلق". وكانت أبوظبي قد استدعت، الأحد، القائم بالأعمال الإيراني لديها وسلمته "مذكرة احتجاج شديدة اللهجة" ردا على كلمة ألقاها الرئيس الإيراني حسن روحاني، السبت، واعتبر فيها أن الإمارات ارتكبت "خطأ كبيرا" بالاتفاق على تطبيع العلاقات.

اشتية: تعزيز ترسانة الأسلحة الإماراتية من المزود الأميركي لن يكون على حساب القدس وفلسطين

فلسطينياً، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أمس الإثنين: "إن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي خروج فاضح عن الإجماع العربي، وإذا كان لدى العرب موقف آخر من مبادرة السلام العربية فلنناقشها في جامعة الدول العربية، ونأخذ قرارا في ذلك". وأكد في كلمته خلال جلسة للحكومة، "أن أي سلام يجب أن يبنى على الانسحاب من الأرض المحتلة عام 1967، والحديث عن سلام مقابل سلام هو وهم، ومبدأ السلام من منطق القوة لا يصنع السلام". واعتبر أن الخطوة الإماراتية وما سبقها من فتح كنيس وإرسال طائرتين من شركة الاتحاد إلى مطار اللد واستقبال زوار إسرائيليين في الإمارات، كلها مهدت للتطبيع، مشدداً على أن تطبيع العلاقات والصلاة في الأقصى تحت السيادة الإسرائيلية مرفوض، وموضوع الضم وتجميده جاء لصلابة الموقف الفلسطيني. وتابع: "الحديث عن فلسطين وما تقبل به أو ترفضه هو شأن فلسطيني، ويمثله الرئيس محمود عباس، وإن تعزيز ترسانة الأسلحة الإماراتية من المزود الأميركي لن يكون على حساب القدس وفلسطين". وأشار اشتية إلى أن القيادة الفلسطينية ستعقد، يوم غد الأربعاء، اجتماعاً هاماً لبحث عدد من الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وفي السياق، قال القيادي في "حماس" بالضفة الغربية حسن يوسف، لوكالة "الأناضول"، إن وفدا من الحركة سيشارك في اجتماع القيادة الفلسطينية، الأربعاء، والهادف لبحث "التطبيع الإماراتي الإسرائيلي".

في موازاة ذلك، أعلن المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم، الاتفاق على عدد من الفعاليات الوطنية في قطاع غزة تشارك فيها كل القوى والفصائل الفلسطينية، هذا الأسبوع، لإعلاء الصوت الموحد الرافض لمخطط الضم والتطبيع. وأشار إلى أن هناك لقاءات مستمرة مع القوى والفصائل الفلسطينية لتعزيز الموقف الفلسطيني الموحد لمواجهة خطر التطبيع.

المساهمون