تضارب المصالح الاقتصادية يعطّل قطار الاندماج المغاربي

18 فبراير 2018
آمال بتحسن أوضاع المغاربة في حالة نجاح الاندماج (Getty)
+ الخط -
لم تأت الذكرى التاسعة والعشرون لإعلان تأسيس اتحاد المغرب العربي، بجديد حول انخراط بلدان المنطقة في مسار الاندماج الاقتصادي ليساعدها على معالجة مشاكل النمو الهش والبطالة. وفي الوقت الذي يتحدث خبراء اقتصاد عن إمكانيات التكامل بين بلدان المغرب العربي، فإن التنافس يحتدم، خاصة بين تونس والجزائر والمغرب، من أجل جذب استثمارات أجنبية تكون، في بعض الأحيان، على حساب إحدى هذه الدول.
ويتصور الباحث الاقتصادي، المهدي البركاني، في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه "بالإضافة إلى مشكلة الحدود بين المغرب والجزائر وانقطاع حبل التواصل بينهما، يتعثر تفعيل اتحاد المغرب العربي، بسبب الوضع في ليبيا وعدم نجاح تونس في الخروج من حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي الداخلي، ناهيك عن تضارب المصالح الاقتصادية بين بلدان المنطقة، الساعية لاستقطاب الاستثمارات خاصة الأوروبية منها".

ويلاحظ الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن السياسة الاقتصادية التي نهجتها الجزائر قامت على نوع من الحذر من الأجانب في ظل توفر إيرادات النفط، مشيرا إلى أنه عكس المغرب، لم تأخذ علاقات الجزائر مع الاتحاد الأوروبي، بعدا يرقى إلى الشراكة الحقيقية، وهو ما يسري على علاقاتها مع منظمة التجارة العالمية.
واعتبرت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، أنه بالنظر للتهديدات الأمنية العابرة للحدود أو الاقتصادية أو الاجتماعية المرتبطة بالخصوص بتفشي ظاهرة البطالة في صفوف الشباب وتعثر البرامج التنموية، أصبح العمل المغاربي المشترك يتطلب، مزيدا من التعاون والتنسيق ووضع المصلحة المغاربية فوق كل الاعتبارات.

وشدّدت الأمانة العامة التي يوجد مقرها بالرباط، على أن الاندماج الاقتصادي المغاربي سيساهم في تحقيق النمو في اقتصادات الدول المغاربية، مما يساعد على مواجهة الأزمات والصعوبات الاقتصادية التي تعرفها اقتصادات الدول المغاربية. ولا يمثل التبادل التجاري بين البلدان الخمسة سوى 4.8% من مجموع مبادلاتها التجارية، ويرى البنك العالمي أنها لا تمثل سوى 2% من الناتج الإجمالي الخام للمنطقة.
ومن جانبه، يذهب الرئيس السابق للجامعة الوطنية للزراعة بالمغرب محمد الهاكش، في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن بلدان شمال أفريقيا، تعاني من عجز على مستوى الميزان التجاري الغذائي، فبينما تصدر البلدان الزراعية منها الخضر والفواكه، تنفق أضعاف إيرادات التصدير من أجل تأمين السلع الأساسية مثل السكر والقمح والزيت.

وبدت الأمانة العامة للاتحاد المغاربي، منشغلة بتعثر الاندماج الاقتصادي، حيث شدّدت، الجمعة الماضية، على ضرورة الحفاظ على ما تحقق حتى الآن من مكتسبات، والعض عليها بالنواجذ، حتى تتهيأ الظروف المناسبة لمواصلة المسيرة، التي انطلقت في قمة قادة المغرب العربي في قمة مراكش في 17 من فبراير/ شباط 1989.
ويشير المعهد الوطني للبحث الزراعي بفرنسا إلى أن نسبة التبعية الغذائية للخارج بدول المغرب العربي تصل إلى 51%، هذا ما يعطي معنى للدعوة التي انطلقت من تونس في العام الماضي لتشكيل شبكة من أجل السيادة الغذائية، حسب الهاكش الذي يعتبر أنه يتوجب على شعوب شمال أفريقيا تقرير مصير غذائها، خاصة عبر تكتل المزارعين الصغار في إطار الزراعة الأسرية، بما يساعد على حماية المنتجات المحلية، في ظل سيادة الزراعة الكبيرة القائمة على التصدير.

وأفضى تعثر تحقيق الاندماج الاقتصادي للمغاربة ببلدان في هذا الفضاء إلى البحث عن بدائل في تكتلات أخرى، حيث سعت تونس إلى الانضمام إلى مجموعة " كوميسا"، التي تضم 19 دولة، بينما يتطلع المغرب إلى الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو). ويبدو أن التكتلات العربية تتجه للفشل كما حدث في مجلس التعاون الخليجي بعد أن أعلنت 3 دول خليجية حصار قطر في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي ما يهدّد بإنهاء مسيرة التعاون الخليجي.
ويعتبر اتحاد المغرب العربي، نموذجا إضافياً للتكتلات الاقتصادية العربية المهدّدة بعد إكمال مسيرتها، حيث لم تستطع البلدان المنخرطة فيه خلق اندماج اقتصادي عميق، رغم اعتبار العديد من من التقارير أن هذا التكتل الذي تم الاتفاق عليه قبل 29 عاما، يتوفر على إمكانيات وثروات مهمة، لم تستطيع البلدان الخمسة استثمارها.

ويرى البنك الدولي، أنه في حالة اندماج أكثر عقما، يتضمن تحريرا للخدمات وإصلاح الاستثمارات، سيرتفع الناتج الإجمالي الفردي بـ34 % بالجزائر و27% بالمغرب و24% بتونس. ويستغرب المنتدى الاقتصادي العالمي لكون المبادلات التجارية بين المغرب والجزائر تعبر عبر ميناء مارسيليا بفرنسا، هذا في الوقت الذي يمكن أن يحدث ذلك عبر الحدود البرية للبلدين.
وشرع المغرب قبل أكثر من ثلاثة أعوام في تشييد سياج إلكتروني على حدوده الشرقية مع جارته الجزائر، حيث علّلت المملكة ذلك بالرغبة في التحسب لتسلل مقاتلين إرهابيين إلى البلاد. وتوقف قطار الوحدة بين المغرب والجزائر بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها مراكش في 1995، ما أفضى إلى قرار من المغرب بإغلاق الحدود البرية مع الجزائر.



دلالات
المساهمون