يبدو أن موجة الحركات الاحتجاجية التي تشهدها عدة محافظات تونسية، والتي انطلقت شراراتها منذ أقل من أسبوع في محافظة القصرين، أفقدت الحكومة التونسية بعض توازنها وتحديداً على المستوى الاتصالي.
وفي ظل غياب رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، ومستشاره الإعلامي ظافر ناجي عن البلاد، عقدت جلسة وزارية للنظر في مطالب المحتجين في محافظة القصرين، ليخرج خالد شوكات، والناطق الرسمي باسم الحكومة، ويعلن عن القرارات وأهمها التزام الحكومة بتوفير خمسة آلاف موطن شغل للعاطلين عن العمل في القصرين.
قرار بدا للتونسيين غريباً وأثار موجة من السخرية على مواقع التواصل، خاصة وأن الوزير عينه حضر قبل ليلة من جلسة المجلس في النشرة الرئيسية للتلفزيون الرسمي، وتحدث عن صعوبة الاستجابة الفورية لمطالب المحتجين، معلناً أن الحكومة لا تملك عصاً سحرية.
كما خرج كمال الجندوبي، الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في الحكومة بعد يوم من الجلسة، ليعلن أن خطأ اتصالياً حصل خلال الإعلان عن قرارات الحكومة المتعلقة بالاحتجاجات في محافظة القصرين، مبيناً أن القرارات ستشمل عدة محافظات ولا تخص محافظة القصرين فقط.
لكن مسلسل التخبط الاتصالي تواصل ليخرج وزير المالية سليم شاكر مجدداً ويعلن هو الآخر أن خطأ اتصالياً ارتُكب، وأن القرارات التي تمّ الإعلان عنها وهي انتداب خمسة آلاف عاطل عن العمل لا تعني الانتداب بل هي تسوية لوضعيات 1341 شخصاً، وأن الحكومة لا نية لها فى انتداب خمسة آلاف عاطل مثلما تمّ التصريح به من قبل الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية.
هذه التناقضات دفعت بالتونسيين للتساؤل عما يحصل على مواقع التواصل، وهو ما وصفه البعض بـ "الفشل الاتصالي" الذي حاولت هذه الحكومة تداركه في بداية عملها منذ سنة، من خلال الاستعانة بوكالة اتصال وعلاقات عامة عالمية هي "هافاس".
لكن يبدو أن الساحة لم تشهد تحسناً ملحوظاً خاصة أمام تداخل عديد الأطراف في الملف الاتصالي. فرئيس الحكومة التونسية له مستشار إعلامي واتصالي يشرف على إدارة تتكون من عديد الإعلاميين الذين يتولون العمل الإعلامي والاتصالي صلب الحكومة، وهي إدارة تعود قانونياً بالنظر إلى رئيس ديوان رئيس الحكومة الطيب اليوسفي، وهو صحافي سبق له أن تولى مهام المكلف بالإعلام والاتصال في الحكومة التونسية.
كل هذه المعطيات جعلت من ملف الاتصال في الحكومة التونسية ملفاً شائكاً، لا سيما وأن القطاع يعتمد حتى اليوم على طرق عمل تقليدية في عصر باتت فيه التكنولوجيا الحديثة هي المحمل الأساسي لكل اتصال ناجح وهو ما بدا واضحاً في أزمة الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، بالإضافة إلى التخبط الواضح في إعلان قرار تعددت قراءته وتأويلاته.
اقرأ أيضاً: نقيب الصحافيين: تهديدات خطيرة على حرية الإعلام في تونس