تصفير السياسة وتحييد الاقتصاد

08 ابريل 2015
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني(الأناضول)
+ الخط -
درس جديد، يعطيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لمن يهمه الأمر، خلال أول زيارة له كرئيس دولة لإيران، ليكمل سياسة تصفير الخلافات السياسية وتغليب الاقتصاد ومصلحة شعبه، بالطريقة نفسها التي لعبها مع سورية، إثر تحييد القضايا العالقة، وعلى رأسها احتلال لواء اسكندرون، ليوصل حجم التبادل التركي السوري عام 2010 إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وتنفذ الصادرات التركية، محملة بفلسفة "الجمهورية الثانية"، من خلال سورية، إلى آسيا ودول الخليج.

واليوم، يعيد الكرّة، وإن في ظروف أكثر توتراً وضبابية، بين أنقرة وطهران، بعد وقوف تركيا العدالة والتنمية إلى جانب قضايا الربيع العربي، من سورية فمصر وصولاً إلى اليمن، وما أحدثه الموقف التركي من عراقيل على علاقاتها، وخصوصاً مع إيران التي أرادت اختراق الجوار عبر النكوصية وحوامل روحية، على عكس السياسة التركية التي تتخطى الحدود بحوامل اقتصادية ومصالح مشتركة.

ربما، وبنظرة تتعدى السعي إلى زيادة حجم التبادل بين البلدين لنحو 30 ملياراً، ومحافظة تركيا على تدفق الغاز الإيراني الذي دفعت ثمنه ذهباً خلال سني الحصار، يمكننا القول إن تركيا تريد التأكيد للعالم، بما فيه واشنطن وطهران، أنها الأجدر بالوكالة الحصرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، فهي لا تنتظر الإفراج عن الأموال الإيرانية أو إلغاء العقوبات وزيادة تصدير النفط، بل يذهب رئيس الدولة مصطحباً "طاقمه الاقتصادي" ورئيس دبلوماسيته، ليعيد من "العاصمة الفارسية" تفعيل اتفاقية التجارة التفضيلية، ويفتح الباب واسعاً أمام رؤوس الأموال التركية لتساهم في إعادة إعمار إيران، وتأهيل اقتصادها المنهك جراء الحصار والعقوبات.

وعلى الأرجح، أن يبحث الأتراك في طهران، إعادة إحياء خطة تصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر تركيا، بعد أن توقف المشروع لعدم وجود تمويل لخطوط الأنابيب، حتى لو قدمت أنقرة "رشوة" التنازل عن الدعوى التي قدمتها ضد طهران بشأن أسعار الغاز، في سويسرا 2012.

نهاية القول: أمام مشهد اللقاء التركي الإيراني وتوقيع الاتفاقات تتوثب على الشفاه أسئلة موجعة، إن بدأت في سبب قطع العلاقات الاقتصادية العربية مع حلفائها، حتى البينية العربية، عند أول مطب سياسي، واستئثار الرئيس أو الزعيم العربي لكافة قضايا ومصالح شعبه، حتى وإن كان السبب ذاتياً أو مزاجياً في بعض الأحايين، قد لا تنتهي الأسئلة عند مصير المنطقة العربية اقتصادياً فيما لو تنامت العلاقات التركية الإيرانية وتجاوزت السياسة كما يبدو اليوم، أسيستمر بنو قحطان عبر مزيد من الاستهلاكية والانقسام بين قطبي الشرق الأوسط من جديد، أم سيردون بمزيد من التبعية للاقتصاد الأوروبي والأميركي، طالما أن حلم السوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية قتلا، وأعلن عن دفنهما منذ قتل حلم الربيع العربي.

اقرأ أيضاً:
إيران وإغراق المنطقة في فوضي مالية

المساهمون