تصريف الغضب الفلسطيني

15 نوفمبر 2015
الدار البيضاء في 25 أكتوبر الماضي (تصوير: فاضل السنا)
+ الخط -

لسنا بعيدين عن الغضب الذي يمور في أعماق الإنسان الفلسطيني ويلفّ أرضه وسماءه، هو ليس غضباً لحظياً عابراً ولا نبحث عن أسباب آنية له. هو غضب مئة سنة على استعمار فلسطين، ثلاثة أرباعها على استعمار إحلالي يظلّ في نظرنا مشروعاً لصوصياً وذيلاً من أذيال المشروع الاستعماري الغربي لا يرد عليه إلا بالمقاومة.

نحن لا نتبرأ من غضب شعبنا ولا نستريح في مقاعد المنظّرين. التنظير لا قيمة له إن لم يفهم هذا الغضب وإن لم يع هذه التضحيات التي يبذلها فتية بل وأطفال، دفاعاً لا عن أرضهم ومستقبلهم فحسب، وإنما عن مستقبل أمة كاملة لا تبدو منتبهة كفاية إلى مصيرها. كيف يمكن لكرامة ألا تكون مصانة بعد فداء كهذا؟ كيف يمكن خذلان قضية بعد تضحيات بهذا السخاء؟

حُرّر هذا العدد من "فلسطين العربي الجديد" على وهج الغضب المنتشر حول القدس وبيت لحم والخليل وبقية الأرض التي تمنح الآن أعز أبنائها فداءً لمستقبل عربي حر في فلسطين وفي غيرها من البلدان العربية. وحاولنا مع ذلك ألا تفلت منا مهمتنا الأساسية التي أنشئ هذا الملحق من أجلها، وهي تداول ونقاش وتوليد أفكار تصبّ في عملية التحرّر الفلسطيني ووصل أصوات وأفكار من دوائر القضية الفلسطينية الثلاث: دائرة اللجوء ودائرة فلسطين المحتلة عام 1948 وشطرها الآخر المحتل عام 1967. (هذه الدوائر التي تشظت إلى خمس أو ست في العقد الأخير).

يضيء هذا العدد على النقاش الراهن سيما في وسائل "التواصل" الاجتماعي حول سبل المقاومة وأدواتها، وهو نقاش نخشى أن الجوهري يغيب عنه وأن مرضاً يسري في مفرداته. إذ لا يمكن لمن يؤيّد شكلاً من أشكال المقاومة أن ينبذ ويسفّه الأشكال والصيغ الأخرى. ولعل هذه دعوة إلى قراءة جديدة لأفكار فرانز فانون ومفهومه للعنف الثوري.

الاحتلال في هذه اللحظة يقوم بعمليات إعدام مدروسة لفتية فلسطين لأنهم يمارسون عنفاً ثورياً، في حين لا يُعدمنا نحن الذين نكتب مقالات وأعمال أدبية وفكرية. لسنا في وارد إجراء مفاضلات بالطبع، ولكن ما نريد قوله هو أن العنف الثوري أكثر ما يهزّ ويروّع الاحتلال، فمستعمرة بلا أمن هي بداية النهاية لـ "مشروع" المستعمِر.

ولعلنا لا نؤكد سوى على ثوابت قديمة متجددة تتعلق بحرية إنسان منطقتنا وامتلاكه لأرضه ومقدراته ومصيره، نؤكد عليها بممارستها كتابة وبالحفاظ على نسغها الحي. وما اجتماع أصوات فلسطينية من القدس وحيفا وعكا وأم الفحم وغزة مع أصوات فلسطينية من أرض اللجوء وأصوات عربية من عمّان والقاهرة في هذا العدد، إلا محاولة لجعل المشروع الصحافي همزة وصل بين الدوائر الفلسطينية وآفاق التحرّر العربي.



الملحق بنسخته الورقية

المساهمون