ترقّب على جبهة لبنان: اتصالات دبلوماسية مستمرة لمنع التصعيد

26 اغسطس 2024
طيران الاحتلال يعترض مُسيرات أطلقها حزب الله، 25 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

جدّد جيش الاحتلال قصفه قرى وبلدات حدودية ظهر الاثنين

مصدر بحزب الله: الرد على اغتيال شكر تمّ وبنجاح وسيكون هناك تقييم

شحادة: الرد رسالة لإسرائيل بأن تحذر قبل فتح حرب شاملة على لبنان

تتسارع التطورات الميدانية على جبهة لبنان في ظلّ رفع مستوى العمليات العسكرية المتبادلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، وأعنفها سُجِّل أمس الأحد مع شنِّ طائرات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 40 غارة بشكل متزامن على نحو 30 بلدة وقرية حدودية جنوبية، بينما نفذ حزب الله ردّه المنتَظر على اغتيال القيادي فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو/تموز الماضي، تمثل بإطلاقه 340 صاروخاً على 11 قاعدة وثكنة عسكرية إسرائيلية في محيط تل أبيب.

وبعد هدوءٍ حذرٍ خيّم على ساعات الصباح، مع خرقٍ لطلعات متفرقة للطيران الإسرائيلي في الأجواء الجنوبية، جدّد جيش الاحتلال قصفه قرى وبلدات حدودية ظهر الاثنين، فيما نفذ محاولة اغتيال جديدة باستهداف سيارة في منطقة صيدا، جنوبي لبنان، لكنها، بحسب تأكيد مصدر فلسطيني لـ"العربي الجديد"، باءت بالفشل، وكانت تطاول قيادياً في أحد التنظيمات الفلسطينية، والذي لم يُصَب بأذى.

ويبقى الترقّب سيّد المشهد على الجبهة اللبنانية التي ستبقى مفتوحة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ومُعرّضة تالياً لكل السيناريوهات، وذلك رغم "انتهاء الردود" من جانبي إسرائيل وحزب الله ربطاً بعدوان الضاحية، ودعوة الأمين العام للحزب حسن نصر الله، أمس الأحد، النازحين للعودة إلى منازلهم، قاصداً بذلك الذين غادروا في الفترة الماضية القرى الجنوبية التي تُعد آمنة وبعيدة عن الشريط الحدودي، بفعل التهديدات الإسرائيلية والمخاوف من حرب شاملة، وإشارته إلى أنّ البلد "سيأخذ نفس الآن".

تبعاً لذلك، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "الرد على اغتيال شكر تمّ وبنجاح، وسيكون هناك تقييم أكبر له، كما قال الأمين العام للحزب، ليُبنى عليه، فإذا رأينا أنه غير كافٍ، سنحتفظ بحق الردّ في وقتٍ لاحقٍ"، مشيراً إلى أنّ "أهم أسباب تأخر العملية إلى جانب المفاوضات المرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة، هي دراسة الردّ بشكل يؤدي دوره، ويكون قوياً وفي الوقت نفسه لا يؤدي إلى حرب شاملة"، لافتاً إلى أنّ "حزب الله سيستكمل عملياته دعماً لغزة، وحتى وقف العدوان، وسيردّ على كل عملية إسرائيلية على لبنان بالمثل، وفق القواعد التي كان معمولا بها، بمعنى كل تصعيد سيقابله تصعيد، وفي حال جنّ واختار الحرب الشاملة فسنكون له بالمواجهة".

دبلوماسياً وسياسياً، تقول أوساط حكومية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاتصالات الدبلوماسية لا تزال مستمرّة وعلى أعلى مستوى لمنع التصعيد العسكري والحؤول دون انزلاق الوضع نحو حرب شاملة"، لافتة إلى أنّ "كلّ السيناريوهات تبقى قائمة، ولا يمكن البناء على تحليلاتٍ وقراءاتٍ من هنا وهناك، وذلك طالما أنّ إطلاق النار لم يتوقف، خصوصاً أن عدوّنا هو الإسرائيلي، من هنا التعويل على ضرورة وقف العدوان على غزة لينعكس على الجبهة اللبنانية".

وتشير الأوساط نفسها إلى أنّ "لبنان طبعاً لم يحصل على تطمينات أو ضمانات بعدم حصول حرب شاملة، لكن اللغة الدبلوماسية الدولية شديدة اللهجة لناحية التحذير من مغبات التصعيد وانعكاسات ذلك إقليمياً، ولجهة رفع الجهود وتكثيفها لمنع انفلات الأمور، ولبنان يأمل أن تنجح هذه الجهود ولا يتأخر الحلّ أكثر، فهو لا يريد الحرب، وردّ حزب الله أمس يؤكد ذلك".

ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أمس الأحد، إلى اجتماع طارئ بحث التطورات الميدانية والوضع في الجنوب والخدمات الطارئة على الصعد الصحية والإيوائية والتموينية والغذائية والمحروقات وجهوزية خلايا الطوارئ في المناطق، إضافة إلى نتائج الاتصالات مع المنظمات الدولية المعنية وهيئات المجتمع الأهلي الشريكة في تنفيذ خطة الطوارئ. وشدد ميقاتي على أنّ "المطلوب هو وقف العدوان الاسرائيلي أولاً، وتطبيق القرار 1701"، مؤكداً "موقف لبنان ودعمه للجهود الدولية التي يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة".

وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمة له، أمس الأحد، أنّ عملية الردّ التي أطلق عليها اسم "يوم الأربعين" أنجزت وتمت بنجاح، وكما خططت بدقة، بغرف عملياتها وبميدانها "رغم كل الظروف الصعبة"، مؤكداً أنّ "السردية الإسرائيلية كلها كذب، ونحن أمام فشل استخباري، لأنه لم يكتشف لا منصاتنا ولا مسيّراتنا ولا مرابض مسيّراتنا"، مشدداً على عدم استهدافه المدنيين في إسرائيل لتجنيب المدنيين في لبنان أي اعتداء إسرائيلي.

وكشف نصر الله عن أنّ الهدف الأساسي الأصلي هو قاعدة الاستخبارات ‏العسكرية الإسرائيلية أمان وحدة 8200 في غليلوت بالقرب من مدينة تل أبيب، أما الهدف ‏المساند أو المساعد أو القريب فهو قاعدة الدفاع الصاروخي والجوي في عين شيمر، معلناً أن 340 صاروخ كاتيوشا وعشرات المسيّرات أطلقت من جنوب نهر الليطاني، ولاحقاً من شماله والبقاع للمرة الأولى.

وفي قراءة عسكرية لردّ حزب الله، يقول العميد منير شحادة ومنسّق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل سابقاً، لـ"العربي الجديد": "إننا أمام نموذج مصغر من حرب مفتوحة شاملة، أي ميني حرب، بحيث قامت المقاومة باستخدام 340 صاروخ كاتيوشا تبعتها أسراب من الطائرات الانقضاضية تمكنت من قصف هدف استراتيجي في عمق الكيان الإسرائيلي، في محيط تل أبيب، أي على بعد 100 كلم، وهو ما أجبر إسرائيل على استعمال 100 طائرة حربية وتشغيل كل الدفاعات الجوية للتصدّي لها".

ويشرح شحادة أنّ "الرد جاء بعملية مركّبة فجر الأحد، عبر إطلاق 340 صاروخ كاتيوشا باتجاه قواعد وثكنات عسكرية إسرائيلية، وذلك بهدف إشغال وإعماء منظومة المضادات الأرضية لدى إسرائيل، ما أجبرها على استعمال 100 طائرة حربية للتصدي لها، ومن بعدها أطلقت المقاومة طائرات انقضاضية مسيّرة من عدة محاور توجهت كلها باتجاه العمق الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "الرد أعاد قواعد الردع إلى ما كانت عليه، حيث إن إسرائيل وصلت إلى 100 كلم عمقاً في لبنان، وبدورها وصلت المقاومة إلى العمق نفسه في الكيان".

ويعتبر شحادة أن "استخدام حزب الله صواريخ كاتيوشا تقليدية وطائرات انقضاضية تستعملها منذ بدء الحرب بين الجانبين في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إطار الرد على عملية اغتيال شكر، فيه رسالة واضحة أنّ صواريخ بهذا الحجم والنوعية والعدد تمكنت من الوصول إلى تل أبيب وقصف منشأة حساسة، فماذا لو استخدمت المقاومة 6000 صاروخ كما كانت تدعي إسرائيل، ولجأت إلى ترسانتها العسكرية من صواريخ باليستية بعيدة المدى ومدمّرة ونقطية ودقيقة وذكية، وبالتالي فإنّ هذه الخطوة بمثابة رسالة ردعية لإسرائيل بأن تحذر وتعدّ للمليون قبل أن تكون لديها النية بفتح حرب شاملة على لبنان".

المساهمون