تصدير القمح..حلم يراود إيران منذ عقد

18 نوفمبر 2015
الجفاف يحاصر إيران (فرانس برس)
+ الخط -
أثارت تصريحات مسؤولين في الحكومة الإيرانية، بشأن الاكتفاء الذاتي من القمح، حفيظة مراقبين دوليين ومحليين، في ظل الجفاف الذي يضرب مساحات واسعة من الأراضي الإيرانية، وقلة معدل تساقط الأمطار.
وقال نائب وزير الزراعة الإيراني، علي قنبري، إن بلاده ستتوقف عن استيراد القمح من الخارج خلال المستقبل القريب، بسبب ما وصفه بوفرة الإنتاج المحلي القادر على تحقيق احتياجات البلاد من هذه المادة الاستراتيجية.
ونقلت وكالة مهر الإيرانية عن قنبري قبل أيام، قوله كذلك بأن إيران تخطط لتصدير ما يقارب 300 ألف طن من القمح الصلد، مع نهاية العام الفارسي الجاري، والذي ينتهي في مارس/آذار 2016.
غير أن ثمة تقارير محلية ودولية، شككت في تلك التقديرات. وقالت صحيفة اقتصاد نيوز الإيرانية، واسعة الانتشار، إن النظام كان قد أعلن اكتفاء إيران الذاتي من القمح عام 2004، لكن بعد هذا التوقيت واجهت البلاد مشاكل ضخمة من قبيل الجفاف وقلة معدل تساقط الأمطار، فلم تستطع زراعة الكميات المطلوبة لسد احتياجات المستخدم المحلي على الأقل.
وبعد سنوات قليلة من هذا التاريخ، تم تشديد العقوبات الاقتصادية على البلاد بسبب البرنامج النووي، فأصبحت المبادلات التجارية بالنسبة لإيران أكثر صعوبة، وبات سعر الطحين والقمح أعلى، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار عدد كبير من السلع والمنتجات الغذائية الأخرى، فاضطرت طهران إلى رفع معدل وارداتها من القمح من عدد من الجهات، حتى إنها استوردته من الولايات المتحدة الأميركية، عدوها الأول.
وبحسب موقع الجمارك الإيرانية، استوردت طهران، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الفارسي الجاري، ما يقارب 1.529 مليون طن من القمح، بما يعادل 440 مليون دولار.
لكن وزارة الزراعة الإيرانية أعلنت، في وقت سابق من هذا الشهر، أن البلاد اشترت في المقابل أكثر من ثمانية ملايين طن من القمح من مزارعيها، وهذا منذ مارس/آذار من العام الميلادي الحالي، ما يعني زيادة بمقدار 1.3 مليون طن، إذا ما تمت مقارنة هذا الرقم بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وقد حققت البلاد، في سنوات سابقة، اكتفاءها الذاتي من القمح، لكن الحاجة الملحة لهذا المنتج جعلتها واحدة من أكبر مستوردي القمح من الخارج، ولاسيما من روسيا وكندا وأستراليا والبرازيل.

ويقول أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الإيرانية الحرة، عبدالمجيد شيخي، إن إيران كانت من مصدري القمح منذ خمسينيات القرن الماضي، ولكن تبدّل الظروف المناخية والاقتصادية أثر على إنتاجها سلبا، لكن هذا لا يعني أنها غير قادرة على استعادة المكان الذي كانت عليه، بزيادة معدل إنتاجها أولا، وتحقيق الاكتفاء الذاتي ثانيا، وفي ذات الوقت محاولة رفع معدل الصادرات، وهذا في حال تحقيق معدلات إنتاجية تفوق حاجة المستهلك المحلي.

اقرأ أيضا: روسيا تقرض إيران 8 مليارات دولار

وذكر شيخي لـ"العربي الجديد" أن الحكومة الإيرانية ركزت على رفع معدلات الإنتاج منذ مدة، ولاسيما بوجود مناطق مناسبة لزراعة القمح، وتمتد على مساحات واسعة من محافظات مازندران، غلستان، قم وخوزستان.
وفي حال التركيز على تطبيق خطط تتعلق بالري وبحل مسألة الجفاف التي يعانيها القطاع الزراعي الإيراني منذ سنوات، فسيكون من الممكن حينها تحقيق الاكتفاء الذاتي لفترات طويلة الأمد، حسب رأي شيخي.
وأضاف أنه من الضروري إعطاء زراعة القمح الأولوية في الوقت الحالي، بل واستبدال زراعة بعض المنتجات كالشعير بزراعة القمح المستخدم والمطلوب بشكل كبير في الداخل الإيراني، مضيفا أنه بإعادة تصميم المزارع وتطوير طرق الري واستخدام الطرق الحديثة منها، ستكون إيران قادرة على تأمين ما تحتاجه من عدد من السلع كالقمح والشعير والذرة.
وفيما يتعلق بتصدير القمح الصلد، قال المسؤول السابق في وزارة الزراعة الإيرانية والخبير في الشأن الاقتصادي، حسين أنصاري فرد، إن لهذا النوع من القمح استخداماته الخاصة في البلاد، حيث يدخل في صناعة بعض أنواع الخبز الإيراني، فضلا عن أنه يدخل في تركيبة صناعات غذائية أخرى كالمعكرونة، وتعد قيمته الشرائية أعلى من قيمة القمح العادي.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة كانت تركز خلال الفترة الماضية على زيادة إنتاج هذا النوع من القمح وتطوير زراعته لإدخاله في جدول صادرات البلاد.
وأوضح أنصاري فرد، لـ"العربي الجديد"، أن مجرد وضع القمح الصلد على قائمة الصادرات الإيرانية، يعني أن إيران تسير وفق خطة تنمية اقتصادية تسمى اصطلاحا في البلاد بخطة تحقيق "اقتصاد مقاوم".
هذه الخطة تعمل على تحقيق اكتفاء إيران الذاتي في عدد من القطاعات، كما تركز على رفع معدل الصادرات مقابل خفض ميزان الواردات من الخارج، وهذا سيحرك عجلة الاقتصاد الإيراني، بحسب أنصاري فرد.
وأضاف أن البلاد تكبدت ثمن العقوبات الغربية طيلة السنوات الماضية، والعمل لتحقيق هذه الخطة رغم صعوبتها قد يساهم في تحصين الاقتصاد أمام ضربات شبيهة مستقبلا، ولاسيما أن الاتفاق النووي مع الغرب والذي توصلت إليه البلاد منتصف شهر يوليو/تموز الماضي لم يطبق بشكل كامل بعد.

اقرأ أيضا: شركات إيرانية تسرق نفط العراق
المساهمون