للمرة الثانية على التوالي، بعد فيلم "أهواك" عام 2015، يقدم تامر حسني عملاً سينمائياً من دون أغانٍ. ورغم أن شعبيته كمغنٍّ تبدو في انخفاض نسبي خلال السنوات الأخيرة، إلا أن إيرادات الفيلم تؤكد على تواجده في منطقة مقبولة جداً على مستوى السينما وشباك التذاكر، حيث استطاع بعد أسبوعي عرض أن يحقق عائدات بلغت 14 مليون جنيه، محتلاً المركز الثاني في موسم عيد الفطر، وراء "هروب اضطراري" ومتفوقاً على إيرادات فيلم محمد رمضان "جواب اعتقال". لكن الأكثر أهمية أن هذا الفيلم مختلف بشكل ما عن كل أعمال تامر حسني السابقة. صحيح أنه يمتلئ بالعيوب ويحتفظ فيه بأغلب اللزمات الحركية والأدائية المرتبطة به، إلا أنها المرة الأولى التي لا يكتفي بحكاية رومانسية وبعض الكوميديا، ويحاول الحركة خارج هذا الإطار من خلال فكرة شيقة بالفعل.
قصة الفيلم تدور حول حسام الخديوي، رجل الأعمال، والذي يعاني من اكتئاب حاد في الفترة الأخيرة بسبب عدم قدرة زوجته على الإنجاب. تتغير حياته بعد أن يقابل "سجى"، المبرمجة التي تخبره بأن لديها اختراعاً جديداً ترغب في أن يموله، وهو قائم على إدخال الشخص داخل حلم، يكون فيه شخصية أخرى في عالم آخر غير عالمه، ويتصرف فيه كأنه حقيقة، ومن أجل التجربة فهو يدخل إلى الحلم في شخصية "جمال اللالي"، الشخص الفقير المعدم المختلف تماماً عن حياته الحقيقية، وتسير الأمور على ما يرام إلى أن يقع في الحب داخل الحلم، وتصبح حياته انتقالاً بين العالمين.
فكرة الفيلم ليست جديدة بالطبع، معتادة جداً في الأفلام الأميركية، ولا بد للمرء أن يتذكر سريعاً Vanilla Sky (المقتبس بدوره عن فيلم أسباني بنفس الفكرة) أو حتى Inception، ولكن لأن الصلة بين الحقيقة والحلم والتداخل بين العالمين يحملان مساحة متسعة من الأفكار، لذلك فهذا التشابه لا يعيب "تصبح على خير" في شيء. ولكن ما يعيبه فعلاً هو أنه لم يأخذ فكرته الجيدة إلى نقطة أبعد، حتى لو في سياق فيلم كوميدي، فبعد التمهيد المقبول لحياة الملياردير وزوجته، ودخول شخصية المبرمجة – كبناء منطقي لفيلم من تلك النوعية ــ تأتي النقلة إلى العالم الآخر هزلية تماماً، يخلع فيها "حسني" قناع الجدية ويؤدي نفس الدور المكرر للشخص المنفلت الذي يرقص ويقوم بعلاقات ويعيش حياة فوضوية، من دون أن يحاول السيناريو (الذي كتبه مخرج الفيلم محمد سامي) العمل على الجزئية الأهم في عالم الحلم
يمتد هذا الاستسهال والتسارع لمتابعات النهاية، التي يتحول فيها الفيلم إلى إثارة تشويقية مع بعض الاكتشافات لكل عناصر التجربة/اللعبة ومساراتها. ورغم أن الفكرة المجردة ليست سيئة أبداً، إلا أن التنفيذ على الشاشة لا يحمل أي منطق، فأولاً هناك هوس صنع الالتواءات والمفاجآت، لنَمُرّ بـ3 تحولات كبرى في الربع الأخير من الفيلم، بداية من الشك في مرض "حسام" ثم اكتشاف الخدعة وصولاً إلى الخدعة الكبرى. وثانياً أن طريقة الكشف تكون لسبب ضعيف وهزلي وبأكثر الأشكال سطحية ومباشرة، وثالثاً أن الشخصيات المتورطة في الخطة لا تملك أي دوافع حقيقية لخطة بهذا الحجم، تحديداً شخصية الزوجة وقرارها التلاعب بزوجها الذي تحبه وتعيش معه، وتعريضه لتجارب اكتئاب وجنون وفقدان للثروة، والسؤال المهم: إذا كان صناع الفيلم لديهم أفكار مقبولة على الأقل لحبكة الفيلم. في شكل الخدعة والتنويم والتنفيذ. فلماذا لم يتم بناؤها بالوقت والجدية الكافية لتخرج بصورة أفضل؟ ولماذا لا يتعامل المخرج محمد سامي مع سيناريست إذا كانت تجاربه الكتابية قد أثبتت ضعفها مراراً؟ ولكن رغم كل عيوب هذا الفيلم وملامح التسرع والاستسهال وأحياناً الهزلية، فإنه يبقى أفضل حالاً من "هروب اضطراري" و"جواب اعتقال"، اللذين يفتقدان حتى لأفكار جيدة. ومن الصعب الاعتقاد أن هناك شيئاً منتظراً من تامر حسني في السينما، إلا أنه حاول الخروج من العباءة المكررة للقصص التي قدمها في كل أفلامه السابقة.
اقــرأ أيضاً
قصة الفيلم تدور حول حسام الخديوي، رجل الأعمال، والذي يعاني من اكتئاب حاد في الفترة الأخيرة بسبب عدم قدرة زوجته على الإنجاب. تتغير حياته بعد أن يقابل "سجى"، المبرمجة التي تخبره بأن لديها اختراعاً جديداً ترغب في أن يموله، وهو قائم على إدخال الشخص داخل حلم، يكون فيه شخصية أخرى في عالم آخر غير عالمه، ويتصرف فيه كأنه حقيقة، ومن أجل التجربة فهو يدخل إلى الحلم في شخصية "جمال اللالي"، الشخص الفقير المعدم المختلف تماماً عن حياته الحقيقية، وتسير الأمور على ما يرام إلى أن يقع في الحب داخل الحلم، وتصبح حياته انتقالاً بين العالمين.
فكرة الفيلم ليست جديدة بالطبع، معتادة جداً في الأفلام الأميركية، ولا بد للمرء أن يتذكر سريعاً Vanilla Sky (المقتبس بدوره عن فيلم أسباني بنفس الفكرة) أو حتى Inception، ولكن لأن الصلة بين الحقيقة والحلم والتداخل بين العالمين يحملان مساحة متسعة من الأفكار، لذلك فهذا التشابه لا يعيب "تصبح على خير" في شيء. ولكن ما يعيبه فعلاً هو أنه لم يأخذ فكرته الجيدة إلى نقطة أبعد، حتى لو في سياق فيلم كوميدي، فبعد التمهيد المقبول لحياة الملياردير وزوجته، ودخول شخصية المبرمجة – كبناء منطقي لفيلم من تلك النوعية ــ تأتي النقلة إلى العالم الآخر هزلية تماماً، يخلع فيها "حسني" قناع الجدية ويؤدي نفس الدور المكرر للشخص المنفلت الذي يرقص ويقوم بعلاقات ويعيش حياة فوضوية، من دون أن يحاول السيناريو (الذي كتبه مخرج الفيلم محمد سامي) العمل على الجزئية الأهم في عالم الحلم
يمتد هذا الاستسهال والتسارع لمتابعات النهاية، التي يتحول فيها الفيلم إلى إثارة تشويقية مع بعض الاكتشافات لكل عناصر التجربة/اللعبة ومساراتها. ورغم أن الفكرة المجردة ليست سيئة أبداً، إلا أن التنفيذ على الشاشة لا يحمل أي منطق، فأولاً هناك هوس صنع الالتواءات والمفاجآت، لنَمُرّ بـ3 تحولات كبرى في الربع الأخير من الفيلم، بداية من الشك في مرض "حسام" ثم اكتشاف الخدعة وصولاً إلى الخدعة الكبرى. وثانياً أن طريقة الكشف تكون لسبب ضعيف وهزلي وبأكثر الأشكال سطحية ومباشرة، وثالثاً أن الشخصيات المتورطة في الخطة لا تملك أي دوافع حقيقية لخطة بهذا الحجم، تحديداً شخصية الزوجة وقرارها التلاعب بزوجها الذي تحبه وتعيش معه، وتعريضه لتجارب اكتئاب وجنون وفقدان للثروة، والسؤال المهم: إذا كان صناع الفيلم لديهم أفكار مقبولة على الأقل لحبكة الفيلم. في شكل الخدعة والتنويم والتنفيذ. فلماذا لم يتم بناؤها بالوقت والجدية الكافية لتخرج بصورة أفضل؟ ولماذا لا يتعامل المخرج محمد سامي مع سيناريست إذا كانت تجاربه الكتابية قد أثبتت ضعفها مراراً؟ ولكن رغم كل عيوب هذا الفيلم وملامح التسرع والاستسهال وأحياناً الهزلية، فإنه يبقى أفضل حالاً من "هروب اضطراري" و"جواب اعتقال"، اللذين يفتقدان حتى لأفكار جيدة. ومن الصعب الاعتقاد أن هناك شيئاً منتظراً من تامر حسني في السينما، إلا أنه حاول الخروج من العباءة المكررة للقصص التي قدمها في كل أفلامه السابقة.