تواصل فرق تحقيق عراقية البحث في أسباب نفوق أعداد هائلة من الأسماك في محافظة بابل (جنوب)، أحد أبرز مناطق إنتاج الثروة السمكية في البلاد، وسط اتهامات بتورط مليشيا مسلحة بتسميم مياه النهر والتسبب في نفوق ملايين الأسماك في مزارع نهر الفرات.
وتغطي محافظة بابل نحو 40% من حاجة السوق العراقية للأسماك، حسب تقديرات غير رسمية.
وأعلنت الشرطة العراقية، في بيان مشترك مع حكومة بابل المحلية، صدر أمس، منع بيع أو تداول الأسماك او إدخالها للمحافظة أو إخراجها لحين انتهاء التحقيقات، فيما اصطلح عليه أصحاب المزارع "حرب الأسماك"، في تأكيد على أن الحادث ليس عفويا.
وقال مسؤول في وزارة الزراعة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن التحقيقات العلمية من جانبنا تؤكد أن الأسماك أصيبت بشكل جماعي في وقت متزامن بمرض وبائي يُعرف بـ"تليف الغلاصم"، لافتا إلى أنه من النادر أن يصيب هذا الوباء في العراق خاصة هذا الموسم، مشيراً إلى أن الشرطة تميل إلى وجود شبهة جنائية في ذلك.
وذكر مسؤولون في الشرطة العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن بعض مربي الأسماك أدلوا بإفادات بأنهم تعرّضوا لابتزاز من المليشيات تطالبهم بدفع إتاوات لهم، وبعد رفض كثير منهم فوجئوا بهذه الكارثة.
وأشار المسؤولون، الذين رفضوا ذكر أسمائهم، إلى أن الشرطة في انتظار التحاليل والفحوص المختبرية للأسماك التي أخذت عينات منها.
ويقول حسنين الجاني، وهو أحد مربي الأسماك في مدينة المسيب شمالي بابل، إن أسماكه تعرضت لتسميم متعمد ليلا مثل أصحاب المزارع الأخرى، مقدّراً خسائره بمفرده بأنها أكثر من 140 ألف دولار.
ويضيف: "الشرطة لن تفصح عن المجرمين، رغم علمها أن من فعل ذلك هو من طالب بالإتاوات تحت شعار نحن نحمي مصالحكم".
مثنى عامر، صاحب حوض أسماك في بابل، يقول أيضا إن هذه أول مرة تحدث هكذا حالة، معتبرا أن المستفيد هم تجار الأسماك الإيرانية، وسيضطر العراقيون إلى شرائها في حال غياب الأسماك العراقية. وحذر من ارتفاع الأسعار في الأسواق في حال استمرار الأزمة.
ودعا عضو مجلس النواب عن محافظة بابل، ثامر ذيبان، في بيان، إلى تشكيل غرفة عمليات طارئة في المحافظة لتدارك ما أسماه بـ"كارثة الأسماك" النافقة والطافية في نهر الفرات.
وكشف مدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في منطقة الفرات الأوسط، كريم عسكر، عن أن وزارة الصحة والبيئة شكلت فريق عمل للوقوف على ظاهرة نفوق الأسماك في محافظة بابل ومعالجته بأسرع وقت ممكن.
وأكد أهمية تعزيز نظام الرقابة وتطبيق القوانين البيئية بحزم، لوقف التعديات البيئية والممارسات الخاطئة التي تحدث باستمرار وتكون نتيجتها ظهور مثل هذه الحالات التي تترك آثارها السلبية على الإنسان وبيئته.
إلى ذلك، نوه الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي، رياض غريب عواد، إلى قرب إطلاق الحزمة الثانية من العقوبات على إيران ومن ضمنها منع العراق الاستيراد منها، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن ما جرى في بابل هو بداية إطلاق يد المتنفذين التابعين لطهران إلى ضرب الاقتصاد وإجبار السوق العراقية على استخدام المواد الإيرانية.
بدورها، أعلنت وزارة الزراعة العراقية، أن وزير الزراعة صالح الحسني يشرف ميدانياً على حالة نفوق الأسماك في محافظة بابل.
وذكرت الوزارة أنه "نتيجة لظهور حالات النفوق الجماعي لحقول تربية الأسماك في قضاء المسيب جنوب محطة توليد الكهرباء في محافظة بابل، شكلت الوزارة غرفة عمليات لمتابعة الموضوع بمشاركة دوائر ذات علاقة في المحافظة وبالتعاون مع وزارة الصحة والبيئة.
وبحسب الوزارة، فإن "اللجنة باشرت عملها صباح أمس، من أجل الوقوف على هذه الحالة المرضية وتطويقها ضمن مناطق الإصابة من خلال عدة إجراءات بيطرية وقائية".