تشكيل في دمشق: النظر بنصف عين

15 نوفمبر 2014
جدارية "عين على سوريا"
+ الخط -

افتُتح منذ أيامٍ في "خان أسعد باشا"، في دمشق، معرض "عين على سوريا" الذي ينظمه "تجمّع فناني فلسطين".

زائر المكان مدعو إلى مواجهة جدارية بعرض ستة أمتار ونصف، وارتفاع أربعة أمتار. العين البشرية هي اللبنة الأساس لهذه الجدارية، التي ساهم فيها أكثر من خمسة وعشرين فناناً، شكّلوا باجتماع 104 لوحات إيحاءً للعين، بما تحمله من دلالات على الحياة والأمل.

اعتمد الفنانون في جداريتهم على رسم لوحات منفصلة، يصوّر بعضها بورتريهاتٍ لأناسٍ أنهكتهم الحرب السورية، وبدت على وجوههم آثار التشرد والفقر والجوع. بينما يصوّر بعضهم الآخر وجوهاً تحكي آلام المرأة، ومصابها في ما تعيشه سوريا اليوم.

بيد أن عمل الفنانين على مراعاة التجانس اللوني بين اللوحات المكونة للجدارية، وسعيهم إلى تشكيل عين بشرية من خلال اللوحات، أبعدهم عن إيجاد رابط عضوي يساهم في بناء معنى متكامل للعمل المعروض.

بعبارة أخرى، تكتفي الجدارية بتقديم صورة عينٍ كبرى فحسب، من دون أن يجمع أجزاءها (بورتريهات، صور انطباعية للشام القديمة، لوحات تجريدية) أيّ رابط، ما يطرح مشكلة الاتساق بين اللوحات المكوّنة لها.

من جانب آخر، يتضمن المعرض لوحاتٍ ومنحوتاتٍ لأعضاء التجمّع، منها قُدّم في معارض سابقة، ومنها ما هو جديد.

يذهب الفنان يحيى عشماوي، في لوحاته، مثلاً، إلى تصوير هواجس اللاجئ الفلسطيني عبر التجريد في الرسم، مبتعداً عن طرح مقاربات قد لا تروق لمن فعل ما فعله بالفلسطينيين في سوريا، وغيرها من البلدان.

واتجه أيهم حمادة إلى التجسيد المباشر لمعاناة اللاجئين، سيما في لوحة "كرتونة إغاثة"، التي طبع عليها شعار الـ"أونروا"، ويختبئ داخلها رجل عارٍ، في فضاءٍ فارغٍ يغلب عليه الأحمر القاتم، في دلالة على المساعدات التي بات يعيش عليها سكان مخيم اليرموك منذ أكثر من عام، في وقت تمكّن فيه النظام السوري من تحويل الـ"كرتونة" إلى أمل العيش الوحيد أمام سكان المخيم، الذين غدت هذه العلبة منزلهم ومكانهم، كما تقترح لوحة حمادة.

يبتعد المعرض عن تبنّي موقف سياسيّ واضح من الوضع الراهن في البلد. لكن هذا التحفظ لا يعكس، بالضرورة، آراء الفنانين المشاركين فيه حول ما يجري في سوريا، بقدر ما هو هروب من قبضة النظام الأمنية التي تحكم مكان إقامتهم ومعرضهم.

المساهمون