بقدر ما يعبّر تصوّر تحالف "قوى الحرية والتغيير"، والذي قدّمه للمجلس العسكري الانتقالي حول المرحلة الانتقالية في السودان، عن مطالب الشارع السوداني بإبعاد رموز نظام عمر البشير، إلا أنه في المقابل يخلق مخاوف وتحديات جديدة، أبرزها استبعاد قوى معارضة أخرى عن المشهد باحتكار هذه القوى للقرار، إضافة إلى إمكان رفض المجلس للمطالب بما قد يفتح مواجهة جديدة. واستهل تحالف "قوى الحرية والتغيير" المعارض، تصوره لآليات ترتيب الانتقال للسلطة الانتقالية المدنية، والذي قدّمه ليل الأربعاء للمجلس العسكري، بالتأكيد أن "الفترة الانتقالية تعمل على ضمان التحول الديمقراطي وبناء دولة الحرية والعدالة والسلام".
ولكن مقترح هذا التحالف أثار مخاوف من أن يعطيه الحق المطلق في احتكار كل شيء، بما يشمل تسمية شخصيات مدنية لعضوية المجلس الرئاسي المقترح، وحق تسمية رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي. وأكدت الورقة التي قدّمها التحالف المكوّن من "تجمع المهنيين" و"نداء السودان" و"الاتحاديين" و"قوى الإجماع الوطني" للمجلس العسكري، احتكاره للقرار، إذ وصفت هذه القوى نفسها بأنها التي قادت الثورة السودانية وأنها تعبّر عن تطلعات الشعب، وهذا ما يثير مخاوف قوى سياسية أخرى موجودة في الساحة، بدأ يترسخ اعتقاد لديها بأن ثمة إقصاءً تريد المعارضة ممارسته خلال الفترة المقبلة.
وتشمل تلك المخاوف حتى المجلس العسكري الانتقالي، الذي لم يعترف به تحالف "الحرية والتغيير" حتى الآن، إذ لا تريد المعارضة إشراكه في المؤسسات الانتقالية، إلا بتمثيل محدود من خلال المجلس الرئاسي. كما حُصرت مهامه، بحسب ما جاء في الورقة، في تعيين رئيس القضاء بعد اختياره من مجلس القضاء الأعلى، وإجازة الاتفاقيات الدولية والإقليمية مع المجلس التشريعي، واعتماد سفراء السودان، وقبول اعتماد السفراء الأجانب لدى السودان، إضافة إلى حق إعلان حالة الطوارئ وإعلان الحرب مشروطاً بأن تصدر التوصية من مجلس الوزراء، هذا غير التصديق على القوانين الصادرة عن الهيئة التشريعية.
أما الحكومة المدنية فاشترط التحالف تشكيلها من كفاءات وطنية نزيهة مشهود لها بالخبرة والنزاهة والوطنية والاستقامة والمهنية على أن تكون في حدود 17 وزيراً، فيما تُترَك فيها وزارتا الدفاع والداخلية للقوات النظامية. وحددت الورقة مهام الحكومة في الدعوة للمؤتمر الدستوري وتنفيذ البرامج الإنقاذية خلال الفترة الانتقالية. وبشأن المجلس التشريعي، لقد أعطته الورقة سلطة الرقابة والتشريع على ألا يزيد عدد أعضائه عن 120 عضواً، 40 في المائة منهم من النساء وبمشاركة أيضاً للشباب والطرق الصوفية، والشخصيات الوطنية المستقلة والرياضيين والمبدعين والعسكريين وغيرهم. بينما تجاوز تحالف المعارضة تماماً مطالب سابقة وضعها على طاولة المجلس العسكري، تتعلق بنودها بتصفية الدولة العميقة، وترك ذلك للحكومة المدنية.
اقــرأ أيضاً
ويراهن تحالف "الحرية والتغيير" لتحقيق مطالبه، على الدعم الشعبي الذي يجده في الوقت الراهن والذي يتجلى في صمود الاعتصام الشعبي في محيط قيادة الجيش، مع حرصه يومياً على حشد المزيد من المتظاهرين، لتشكيل ضغط جدي على المجلس العسكري لتنفيذ مطالبه.
وعن دوافع احتكار بناء مؤسسات الفترة الانتقالية، قال أكثر من قيادي في تحالف المعارضة لـ"العربي الجديد" إن الهدف الأساسي هو حماية الثورة من الاختراق والالتفاف، مؤكدين أن الأبواب ستكون مفتوحة لمشاركة آخرين في المؤسسات الانتقالية، بشروط معينة، أبرزها عدم السماح لشخصيات من نظام البشير بالوصول إلى أي منصب سيادي أو وزاري أو تشريعي، وكذلك الإقرار بوثيقة "الحرية والتغيير" التي توافقت عليها قوى الثورة باعتبارها المخرج الرئيسي للخروج من الأزمة.
على صعيد المجلس العسكري، يبدو الارتباك واضحاً في سكونه وحركته، وهو انشغل في الأيام الماضية بترتيب أوضاعه الداخلية، خصوصاً في صفوف الجيش، كما انشغل بتسويق نفسه إقليمياً ودولياً، أو بالأحرى التعاطي مع حالة التفاعل الدولي مع الأحداث في السودان، ما دفع عدداً من السفراء المقيمين في السودان للتسابق نحو لقاء قيادات المجلس وجس نبضها وتوجهاتها المستقبلية. وانقسم المجتمعان الدولي والإقليمي إلى قسمين: واحد يحاول جر السودان إلى صفه عبر الترغيب بمساعدات مالية وعينية لتجاوز الوضع الاقتصادي المتأزم، وهذا ما بدا في نشاط المحور السعودي-الإماراتي ومحاولة إقحام نفسه في المشهد السياسي السوداني، وقسم آخر عماده الولايات المتحدة ودول غربية أخرى سعت للضغط على المجلس العسكري للاستجابة للمطالب الشعبية وتسليم الحكم لسلطة انتقالية.
وبدا أن المجلس يحاول الحفاظ على مسافة واحدة من كل المحاور الإقليمية، وللتدليل على ذلك سارع لإصدار بيان حول خبر نشرته وسائل إعلام يتحدث عن رفضه زيارة وفد قطري إلى الخرطوم برئاسة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ولم يكتفِ المجلس العسكري بالنفي، بل كشف عن زيارة وفد قطري كبير في الأيام المقبلة.
على الضفة الأخرى، يبدو تحالف المعارضة حذراً إلى حد بعيد في التعامل مع محاولات الاستقطاب الإقليمي، وحرص أكثر من مرة على تأكيد خصوصية الثورة السودانية، مع تكرار عبارات الترحيب بكل مَن لديه الرغبة في دعم السودان.
مع كل تلك التطورات، يُرتقب ما ستحمله الأيام المقبلة من رد للمجلس العسكري على مقترحات تحالف "قوى الحرية والتغيير"، إما بالموافقة عليها كلياً وهو أمر مستبعد، أو الدخول في مفاوضات مع التحالف لتعديل بعض البنود، أو رفضها كلياً وبالتالي تعود البلاد إلى نقطة الصفر، وهو أمر لا تستبعده مصادر في المعارضة تحدثت لـ"العربي الجديد"، مؤكدة أنها تتحسب لكل شيء، وملوحة بإعلان أسماء أعضاء المجلس الرئاسي والحكومة المدنية والمجلس التشريعي من جانب واحد، وهو ما سيقود إلى مواجهة حتمية مع المجلس العسكري.
ولكن مقترح هذا التحالف أثار مخاوف من أن يعطيه الحق المطلق في احتكار كل شيء، بما يشمل تسمية شخصيات مدنية لعضوية المجلس الرئاسي المقترح، وحق تسمية رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي. وأكدت الورقة التي قدّمها التحالف المكوّن من "تجمع المهنيين" و"نداء السودان" و"الاتحاديين" و"قوى الإجماع الوطني" للمجلس العسكري، احتكاره للقرار، إذ وصفت هذه القوى نفسها بأنها التي قادت الثورة السودانية وأنها تعبّر عن تطلعات الشعب، وهذا ما يثير مخاوف قوى سياسية أخرى موجودة في الساحة، بدأ يترسخ اعتقاد لديها بأن ثمة إقصاءً تريد المعارضة ممارسته خلال الفترة المقبلة.
أما الحكومة المدنية فاشترط التحالف تشكيلها من كفاءات وطنية نزيهة مشهود لها بالخبرة والنزاهة والوطنية والاستقامة والمهنية على أن تكون في حدود 17 وزيراً، فيما تُترَك فيها وزارتا الدفاع والداخلية للقوات النظامية. وحددت الورقة مهام الحكومة في الدعوة للمؤتمر الدستوري وتنفيذ البرامج الإنقاذية خلال الفترة الانتقالية. وبشأن المجلس التشريعي، لقد أعطته الورقة سلطة الرقابة والتشريع على ألا يزيد عدد أعضائه عن 120 عضواً، 40 في المائة منهم من النساء وبمشاركة أيضاً للشباب والطرق الصوفية، والشخصيات الوطنية المستقلة والرياضيين والمبدعين والعسكريين وغيرهم. بينما تجاوز تحالف المعارضة تماماً مطالب سابقة وضعها على طاولة المجلس العسكري، تتعلق بنودها بتصفية الدولة العميقة، وترك ذلك للحكومة المدنية.
ويراهن تحالف "الحرية والتغيير" لتحقيق مطالبه، على الدعم الشعبي الذي يجده في الوقت الراهن والذي يتجلى في صمود الاعتصام الشعبي في محيط قيادة الجيش، مع حرصه يومياً على حشد المزيد من المتظاهرين، لتشكيل ضغط جدي على المجلس العسكري لتنفيذ مطالبه.
وعن دوافع احتكار بناء مؤسسات الفترة الانتقالية، قال أكثر من قيادي في تحالف المعارضة لـ"العربي الجديد" إن الهدف الأساسي هو حماية الثورة من الاختراق والالتفاف، مؤكدين أن الأبواب ستكون مفتوحة لمشاركة آخرين في المؤسسات الانتقالية، بشروط معينة، أبرزها عدم السماح لشخصيات من نظام البشير بالوصول إلى أي منصب سيادي أو وزاري أو تشريعي، وكذلك الإقرار بوثيقة "الحرية والتغيير" التي توافقت عليها قوى الثورة باعتبارها المخرج الرئيسي للخروج من الأزمة.
وبدا أن المجلس يحاول الحفاظ على مسافة واحدة من كل المحاور الإقليمية، وللتدليل على ذلك سارع لإصدار بيان حول خبر نشرته وسائل إعلام يتحدث عن رفضه زيارة وفد قطري إلى الخرطوم برئاسة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ولم يكتفِ المجلس العسكري بالنفي، بل كشف عن زيارة وفد قطري كبير في الأيام المقبلة.
على الضفة الأخرى، يبدو تحالف المعارضة حذراً إلى حد بعيد في التعامل مع محاولات الاستقطاب الإقليمي، وحرص أكثر من مرة على تأكيد خصوصية الثورة السودانية، مع تكرار عبارات الترحيب بكل مَن لديه الرغبة في دعم السودان.
مع كل تلك التطورات، يُرتقب ما ستحمله الأيام المقبلة من رد للمجلس العسكري على مقترحات تحالف "قوى الحرية والتغيير"، إما بالموافقة عليها كلياً وهو أمر مستبعد، أو الدخول في مفاوضات مع التحالف لتعديل بعض البنود، أو رفضها كلياً وبالتالي تعود البلاد إلى نقطة الصفر، وهو أمر لا تستبعده مصادر في المعارضة تحدثت لـ"العربي الجديد"، مؤكدة أنها تتحسب لكل شيء، وملوحة بإعلان أسماء أعضاء المجلس الرئاسي والحكومة المدنية والمجلس التشريعي من جانب واحد، وهو ما سيقود إلى مواجهة حتمية مع المجلس العسكري.