تساؤلات على هامش أحد الشعانين الأسود

10 ابريل 2017
هل ستكتفي الدولة بإعلان حالة الطوارئ؟
+ الخط -
انتهى يوم الأحد الموافق 9 نيسان/ إبريل 2017، انتهى كأي يوم يجب أن ينتهي، لكن نهايته لم تكن نهاية سعيدة ليوم عيد سعف، إذ انتهى قابضًا معه أرواح عشرات الأرواح، وتاركًا خلفه عشرات الجرحى، وأسراً ثكلى، وملايين الخائفين، وعدة قرارات جمهورية، وذكريات لن تمحى من تاريخ مصر.

ملخص سريع
بدأت أحداث اليوم الساعة التاسعة صباحًا، عندما فجر انتحاري نفسه في كنيسة مارجرجس بطنطا، خلال قيام العشرات بالاحتفال بيوم أحد السعف، وهو عيد مسيحي يأتي في اﻷحد اﻷخير قبل عيد القيامة.

خلّف الانفجار 30 قتيلا وعشرات المصابين، كما نتج عنه أيضًا إقالة مدير أمن الغربية اللواء حسام خليفة، ودعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجلس الدفاع الوطني للانعقاد لمتابعة تطورات الأوضاع.

في الواحدة ظهرًا تقريبًا، أي بعد 4 ساعات فقط من التفجير الأول، فجر أحد اﻷشخاص نفسه أمام الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، بعد دقائق من مغادرة البابا تواضروس الثاني لها، ما أسفر عن مقتل 17 شخصًا وإصابة 48 آخرين.


في الثانية والنصف تقريبًا، أعلن تنظيم ولاية سيناء (فرع داعش في مصر)، في بيان بثته وكالة أعماق، مسؤوليته عن تفجير كنيستي مار جرجس في طنطا والمرقسية في اﻹسكندرية.
في التاسعة مساءً، أعلن الرئيس السيسي فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، وتشكيل المجلس القومي الأعلى لمكافحة التطرف.

نظرة إلى التاريخ القريب
ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المسيحيون المصريون إلى الاستهداف بسبب هويتهم الدينية، ففي الثمانينيات والتسعينيات كان المسيحيون هدفًا سهلًا للجماعات الإسلامية المتطرفة، خاصة في الصعيد، إلى أن نجحت الدولة في القضاء على خطرهم أواخر التسعينيات.

أصبحت الأمور أكثر هدوءًا خلال العقد الأول من القرن 21، إلى أن وقعت مذبحة كنيسة القديسين مطلع عام 2011، والتي راح ضحيتها نحو 25 قتيلًا، فمنذ ذلك التاريخ وقعت العديد من الحوادث التي استُهدف فيها المسيحيون وكنائسهم، لكن مرحلة جديدة أكثر خطورة دُشنت بقيام تنظيم "داعش" بتفجير الكنيسة البطرسية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

معالم المرحلة الجديدة
إعلان تنظيم ولاية سيناء مسؤوليته عن تفجير كنيستي مار جرجس في طنطا والمرقسية في اﻹسكندرية، يعني عدة أشياء، أولها أن التنظيم يتمدد في مختلف أنحاء مصر بسرعة كبيرة، إذ لم يمض 4 أشهر على قيام التنظيم بتفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة، حتى قام بتفجيرين جديدين في محافظتين مختلفتين.

يواصل "ولاية سيناء" التأكيد على استراتيجيته الجديدة القائمة على ضم المسيحيين إلى قائمة الأهداف المشروعة، بالإضافة إلى رجال الشرطة والجيش والقضاء، وهي استراتيجية دشنها بشكل رسمي بتفجير الكنيسة البطرسية، وأتبعها بقتل وتهجير عشرات المسيحيين من محافظة شمال سيناء.

التنظيم يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الخوف واللا أمن، فجعل جميع المسيحيين والكنائس أهدافًا مشروعة للتنظيم، يحول مصر إلى أرض للخوف، وهو ما عبرت عنه المواطنة المسيحية لبيبة السيد بقولها "مجرد كونك مواطناً مصرياً يعني أنك لا تشعر بالأمان، فكيف سيكون الحال إذا أضفنا إلى هويتك أنك مواطن مصري مسيحي؟".

تساؤلات المستقبل
تفجير كنيستي مار جرجس والمرقسية فتح الباب أمام عشرات الأسئلة وعشرات الاحتمالات التي تتسم بأنها غير مطمئنة وتنم عن خوف حقيقي لدى المواطنين، وكان من أبرز هذه التساؤلات: نشر موقع "التحرير" قبل 10 أيام، خبرًا مفاده أن قوات الشرطة تلقّت بلاغًا بوجود قنبلة داخل كنيسة مارجرجس في طنطا، وأن خبراء المفرقعات والحماية المدنية تمكنوا من تفكيكها دون خسائر بشرية أو مادية. هذا يعني أن الكنيسة كانت مستهدفة منذ مدة فكيف لم يتم اتخاذ إجراءات أمنية أكثر صرامة لحمايتها، وكيف تمكن الانتحاري من الدخول إلى مكان الصلاة دون أن يوقفه أحد؟

أمس الأحد هو أحد السعف، وهو عيد مسيحي يأتي في اﻷحد اﻷخير قبل عيد القيامة، أي أنه مناسبة دينية معلوم موعدها مسبقًا، ومعلوم أيضًا أن العمليات الإرهابية تنشط في مثل هذه الأوقات، فكيف لم تتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية الكنائس؟

تمدُّد نفوذ تنظيم داعش إلى أماكن جديدة في مصر، يفتح الباب أمام العديد من الأسئلة حول جدوى الاستراتيجية الأمنية التي تتم مواجهة التنظيم بها، ويطرح أيضًا علامات استفهام حول سر بقاء القيادات الأمنية في أماكنها رغم ثبوت فشلها أكثر من مرة.

هل يحل إعلان الرئيس السيسي لحالة الطوارئ وتشكيل مجلس قومي أعلى لمكافحة التطرف مشكلة الإرهاب ويقضي على تنظيم داعش؟ وما الذي لا تستطيع الدولة فعله بدون فرض حالة الطوارئ حتى تفرضها؟
المساهمون