ترانسفير في ريف حلب برعاية "حماية الشعب"

12 فبراير 2016
النازحون من حلب يتوجهون لمناطق سيطرة المعارضة (كريم كوكالار/الأناضول)
+ الخط -

تمكّنت قوات "حماية الشعب" الكردية بالتعاون مع جيش الثوار، وهو الفصيل المنشق عن قوات المعارضة السورية والمنضم إلى القوات الكردية ضمن تحالف "قوات سورية الديمقراطية"، من السيطرة على مطار منغ العسكري وبلدة منغ وقرية العلقمية المجاورتين له في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع قوات المعارضة السورية، فجر أمس الخميس.

اقرأ أيضاً: حصار المعارضة في حلب: هجمات للأكراد والنظام و"داعش"

وأعلنت هذه القوات المشتركة انتزاع السيطرة على المطار العسكري ومحيطه، بعد اشتباكات مع قوات الجيش السوري الحر، التي تواصل تراجعها في ريف حلب الشمالي، وباتت قاب قوسين أو أدنى من خسارة آخر معاقلها فيه.

ورغم أن مطار منغ العسكري لا يمتاز بأية أهمية على المستوى الاستراتيجي، نظراً لخلوه من الطائرات، إلا أنه كان يشكل معقلاً هاماً للمعارضة السورية المسلحة؛ إذ إنّها حوّلته إلى معسكر تدريب كبير لقواتها، ومركز لمقرّات قيادتها ومستودعاتها العسكرية، وذلك منذ سيطرتها عليه، في بداية شهر آب/أغسطس عام 2013، قبل أن تخسر السيطرة عليه، يوم أمس الخميس، لصالح القوات الكردية وحلفائها.

ويقع مطار منغ وسط طريقين رئيسيين يصلان الحدود السورية التركية بمدينة حلب، كلاهما باتا مقطوعين، بعد تقدّم قوات النظام السوري في ريف حلب الشمالي، مطلع الشهر الحالي. ويبعد المطار عن مدينة أعزاز، أكبر المدن التي لاتزال تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، نحو سبعة كيلومترات فقط، ولا يبعد أكثر من عشرة كيلومترات عن الحدود السورية التركية.

وجاءت خسارة قوات المعارضة السورية لمطار منغ وبلدة منغ وقرية العلقيمة المجاورتين له لتزيد من خسائرها شمال حلب في الأسبوعين الأخيرين؛ فبعدما تمكّنت قوات النظام السوري من فكّ الحصار الذي كان مفروضًا على بلدتي نبّل والزهراء، من خلال التقدّم في ريف حلب الشمالي، والسيطرة على بلدات دوير الزيتون وتل جبين ورتيان ومعرستا الخان وماير وكفين، خسرت قوات المعارضة المزيد من الأراضي لصالح القوات الكردية وحلفائها أخيراً.

وجاءت خسارة قوات المعارضة بلدة منغ ومطارها العسكري بعد أيام من تحويل عدة مجموعات من المعارضة السورية ولاءها من المعارضة إلى جيش الثوار الحليف لقوات "حماية الشعب" الكردية، الأمر الذي تسبب في اتساع الرقعة الجغرافية لسيطرة الأخير، وبدون قتال أحياناً. وباتت قوات جيش الثوار، قبل السيطرة على منغ، تسيطر على بلدات وقرى دير جمال وكشتعار والخريبة ومرعناز وأناب وشوارغة ومريمين والمالكية، في الجزء الغربي من ريف حلب الشمالي.

ويطرح هذا التمدد للقوات الكردية وحلفائها في ريف حلب الشمالي، بالتوازي مع تمدد قوات النظام السوري جنوباً في القسم الجنوبي من ريف حلب الشمالي، سيناريو إنهاء وجود المعارضة في ريف حلب الشمالي، بحيث يصبح الطريق مفتوحاً أمام قوات "حماية الشعب" الكردية وحلفائها للسيطرة على كامل الجانب السوري من الحدود السورية التركية، من أقصى شرق سورية حتى منطقة عفرين شمال غرب حلب، بمسافة تزيد عن 700 كيلومتر.

ويعني ذلك توحيد مقاطعات الإدارة الذاتية الكردية الثلاث وتحويلها إلى قطعة جغرافية واحدة، بعدما كانت ثلاث قطع منفصلة العام الماضي، قبل أن تنجح القوات الكردية في السيطرة على تل أبيض ومناطق ريف الرقة الشمالي، في يونيو/حزيران الماضي، وتتمكن بالتالي من توحيد مقاطعة الجزيرة في ريف الحسكة شرق سورية مع مقاطعة عين العرب في ريف حلب الشرقي.

ويبدو أن قوات "حماية الشعب" الكردية تحضّر نفسها فعلاً للانقضاض على ما تبقى من مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال حلب، ذلك أنها سمحت بمرور آلاف النازحين الذين تكدسوا على الحدود السورية التركية، وانتظروا أياماً فتح الحدود المغلقة في وجههم، إلى مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب الغربي وأرياف إدلب، عبر مناطق سيطرة القوات الكردية في عفرين.

ويصف مراقبون هذا القرار من القوات الكردية بأنه نوع من الترانسفير الديمغرافي للسكان العرب السنة، الذين هربوا من المناطق التي سقطت بيد النظام السوري شمال حلب، إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالاً.

وفي هذا الإطار، أعلنت هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في مقاطعة عفرين، التابعة للإدارة الذاتية الكردية، الثلاثاء الماضي، عن وصول أكثر من 30 ألف نازح إلى ‫ عفرين، خلال ستة أيام، في طريقهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي وريف إدلب، مع بقاء عدد منهم داخل مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في عفرين وريفها.

ويلقي ذلك الضوء على حقيقة إفراغ ريف حلب الشمالي من سكانه، نتيجة تقدم قوات النظام السوري والمليشيات الحليفة لها برا، واستمرار القصف الروسي اليومي على البلدات التي تسيطر عليها المعارضة السورية في المنطقة.

اقرأ أيضاً: تعقيدات الحدود السورية ــ التركية تمنع فرض المنطقة العازلة

المساهمون