تذبذب البورصة الكويتيّة

28 سبتمبر 2015
تراجع أداء الأسواق الخليجية متأثرة بتراجع أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
اختلفت ردود أفعال البورصات مع العوامل المحيطة بها وفق مستجدات تلك العوامل وقوة تأثيرها والتوقيت الزمني الذي أدى إلى تغيّر اتجاه مؤشرات الأداء لعدد من البورصات حول العالم. فقد كانت البورصات الخليجية قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أعلى المستويات للارتفاعات خلال العام 2014 قبل أن تتدخل انعكاسات أسعار النفط التي أدت إلى تقليص مكاسب البورصات الخليجية.

وبطبيعة حال أسواق المال، فإن المنطقية في التعاملات اليومية تكمن في التفاعل النفسي للمستثمرين الذين يتأثرون بالأخبار والشائعات والتقلبات غير المباشرة لأدوات مالية مختلفة. فتحولت المؤشرات العامة من لون لآخر لما يتم تداوله بين المستثمرين. وهذا ما أدى إلى الاستفادة من المضاربة للحصول على الفوائد من فروقات الأسعار في التباين المنطقي والنمطي.

إن ما حدث في الربع الأخير من العام الماضي في أسواق المال الخليجية، كان عبارة عن تراكم السلبيات قبل أن يدخل السوق النفطي في تقلباته وتراجعه على خط العوامل الأكثر تأثيراً، حيث لم تكن للعوامل الأخرى من قوة في التأثير.

اقرأ أيضا: النظام الضريبي الخليجي المرتقب

وعلى الرغم من تسجيل مؤشرات الأسواق الخليجية مكاسب مميّزة في فترات مختلفة من العام الماضي، إلا أن السوق الكويتية كانت تغرّد خارج ذلك السرب وأخذت مؤشراتها بالتراجع المستمر منذ شهر فبراير/ شباط من عام 2014، لينتهي العام بمحصلة تجاوزت 14% من الخسائر للمؤشر السعري العام، على الرغم من إعلانات إيجابية للبيانات المالية، وذلك لعدة أسباب أهمها ملف التعامل الرقابي.

ومما زاد ذلك التراجع، الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة القريبة، وتراجع الأسواق الخليجية متأثرة بتراجع النفط، والذي يعتبر عاملاً مشتركاً مع الاقتصاد الكويتي، إلا أن التأثر النفسي لعمليات البيع من قبل المتداولين والقادمة من تراجعات تلك الأسواق هو الذي حدد ذلك الاتجاه، وهذا الأمر كان واضحاً عند افتتاح بعض الأسواق المؤثرة، كالسوق السعودي الذي يفتتح جلسته في تمام الساعة الحادية عشرة، أي بعد الأسواق الأخرى بساعة أو أكثر.

اقرأ أيضا: الرياضة العربية خارج البورصات

وبدأت جلسات العام الحالي مرحلة الضبابية على الرغم من التفاؤل من البيانات المالية للشركات المدرجة وخاصة القيادية منها وقطاع المصارف الذي حقق نمواً في الأرباح والتوزيعات. وكان بالفعل عام 2015 استثنائياً عبر السنوات التالية للأزمة المالية العالمية السابقة من حيث عدد الشركات التي قامت بالتوزيعات.

تداولات مختلفة
حققت البيانات الفصلية للربع الأول نمواً ملحوظاً في الأرباح، ولم يكن لها أثر في توقيف التراجعات التي طالت المؤشرات وأحجام التداولات الخجولة والتي أتت أقل من متوسط التداول اليومي المسجل في العام السابق وبنسبة تراجع قدّرت بـ20% مقارنة بين ربعين، وهذا كان بمثابة استمرارية لأحجام التداولات المتراجعة ما بين عامي 2013 و2014، حيث سجلت تراجعاً بلغت نسبته 40%، عاكساً بذلك فقدان الثقة التدريجي في الإستثمار في السوق الكويتي.

وزادت مطالب المتعاملين بالبورصة الكويتية لضرورة تعديلات على القانون الخاص بإنشاء هيئة أسواق المال الكويتية، وقرر البرلمان تصعيد ذلك الأمر، والذي كان في طور المباحثات والدراسة والتفاوض ما بين الإدارة الحكومية المعنية بالملف وبين النواب في اللجنة المالية في البرلمان والتي قررت إحالة الموضوع والتعديلات النهائية برمتها للبرلمان للتصويت عليها.

وحمل شهر أبريل/ نيسان من العام الحالي قرار التعديلات بعد المداولتين، والتي تغيّرت بشكل كبير ومختلف بعد التضحية السياسية التي قامت بها الحكومة من أجل أن تمرر التعديلات وفق وجهة نظر الهيئة ذاتها والتي كانت مشاركة بعملية بحث التعديلات التشريعية، ليقر القانون رقم 22 لسنة 2015 بتلك التعديلات والتي تحتاج معها تعديلات جذرية باللائحة التنفيذية للقانون.

اقرأ أيضا: النفط المذنب البريء

ولم تتفاعل البورصة مع تلك التعديلات كثيراً واستمرت في سلبيتها التي أخذت معها أحجام التداولات في الاستمرارية بالتراجع لتبلغ بعض الجلسات قيم تداولات خجولة جداً بحيث لم تتجاوز العشرة ملايين دينار كويتي في وقت أن القيمة الرأسمالية كانت أكثر من 27 مليار دينار كويتي، وهذا الفارق أدى إلى تراجع الثقة أكثر فأكثر.

وعلى وتيرة ارتفاع أرباح الغالبية من الشركات المدرجة في الربع الأول، سجلت كذلك تلك الشركات مستوى مميزاً من الأرباح خلال الربع الثاني، ليتوج النصف الأول بأعلى مستوى من الأرباح لتلك الشركات قياساً بالسنوات القليلة الماضية، وهذا الأمر أيضاً لم يكن ليغيّر الكثير من اتجاه المؤشرات أو أحجام التداول والتي تراجعت أيضاً ما يقارب 10% ما بين كلا الفصلين من العام الحالي، بينما كان للمؤشر السعري العام تراجع تجاوز 14.5% منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي.
(خبير مالي كويتي)
المساهمون