تدمير ذاتي لمصالح عربية... ارتباك في اليمن
في المشهد اليمني، منذ تسعينيات القرن الماضي، شواهد عدة عن قراءة ضيقة للمصالح الاستراتيجية، والمجالات الحيوية للأمن القومي للجزيرة العربية. ومن بين أكثر ما يؤلم في مشاهد نزيف اليمن، بشطريه الشمالي والجنوبي، هو الدفع بشعارات تناقض الممارسات المدمرة للمصالح.
ليس بجديد أيضاً أن الربيع العربي عده بعضهم تهديداً أُجترحت لأجله تكتيكات مضادة، يثبت الواقع أنها في غير مصلحة العرب. فبينما يصرخ هؤلاء عن انتشار التطرف والإرهاب يوغلون في تأييد الاستبداد والتوريث في الجمهوريات، على ذات المنوال الغربي التاريخي.
ومن أكثر تجليات الواقع الكارثي جعل علي عبد الله صالح حليفاً تارة، يستحق الإنقاذ والاستشفاء، وفي أخريات عدواً لدوداً كحليف لإيران والحوثيين، وليس مستبداً.
قيل كثير مع انطلاق عاصفة الحزم، لإقناع محلي وعالمي، عن التصدي للانقلاب وعن سيادة ووحدة اليمن. لكن، "إعادة الأمل" شطبت شعار "زمن صالح انتهى ولا حوار معه".
الآن، إن صح أن ابن الرئيس المخلوع، أحمد، يجري تسخينه لتزعم يمن مقسم، بمباحثات مع العسيري، الذي كال ما كاله، أثناء مهامه كمتحدث باسم التحالف، عن علاقة المخلوع وعائلته بالمشروع الإيراني، فإن ذلك سينضم إلى إشارات أخرى على التخبط والارتباك في تهافت استراتيجية صد الربيع العربي.
وعليه يصبح شرعياً تساؤل كثيرين عن مغزى كل الدماء والعناء والمال إذا كانت استعادة الشرعية تعني تسليمها لموُرث يبني علانية من أبو ظبي تحالفات عجيبة وغريبة.
في سياسة المناكفة والنكاية وترسيخ مبدأ "من يشبهنا"، هنا وهناك، يصبح كل شيء جائزاً، من اختراع أعداء وهميين، كما في حالة قطر، إلى ضرب مصالح عربية مشتركة. هذا كله سيفقد العرب، وليس السعودية وحدها، المصالح والوزن، ويعمق الشرخ القائم بالأصل بين الشعوب والحكام.
وإذا كانت أبوظبي، وعبر تكتياكات واضحة، من ليبيا إلى سورية واليمن، أصبحت هي كعبة الثورات المضادة، فإن مبشرات الأسوأ في القادم لم تطل بعد برأسها. ولا يكفي حينها السؤال: لماذا يخترع بعض العرب تدميراً ذاتياً لمصالحهم بتكتيكات بائسة؟
فالدهشة التي تصيب الشارع في تسارع التهافت تتسع إلى أبعد من العرب المكممة أفواههم في دول الحصار.