23 سبتمبر 2024
تحرّك تركيا والرأي العام السوري
تذكّر تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن الجيش التركي مستعد للقيام بحملات عسكرية جديدة "لتوسيع منطقة عمليات درع الفرات التي شكلت خنجرًا في قلب مشروع تشكيل منطقة إرهابية في سورية"، تذكّر بالأمر الذي لم تستبعده أنقرة، وهو شن حملات عسكرية جديدة داخل سورية، منذ إعلانها رسميا إنهاء عملية درع الفرات في أبريل/ نيسان الماضي.
لا يمكن تجاهل تحقيق العملية التركية - السورية أهدافها المعلنة، في محاربة تنظيم داعش، وتطهير الشريط الحدودي من جرابلس إلى أعزاز، في تناغمٍ مع الأهداف المعلنة للتحالف الدولي وروسيا المعادي لتنظيم داعش، وكذلك قطع الطريق على تمدّد المليشيات الكردية للسيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا، وهو ما يتناغم مع أهداف المؤسسة العسكرية التركية، ومع الرأي العام التركي والسوري (الرسمي والمعارض) الرافض أي مشاريع انفصالية.
ويجدر التذكير بالظروف والأسباب التي رافقت انطلاق عملية درع الفرات، حيث بدأ الجيش التركي عملية عسكرية في سورية قبل قرابة عام، في خطوةٍ تتصدّى بها أنقرة للتهديدات والتأثيرات، بسبب غياب الدولة في الجارة سورية، والأهم في ذلك كله تحرير المناطق التي تضرّر سكانها، وإعادة المهجرين منها، بعد سيطرة المليشيات الكردية و"داعش" عليها، ومن شأن هذا التغير السياسي والعسكري في سورية دعم الاستقرار الإقليمي.
صحيح أن خطوة تركيا كانت "متأخرة" في وقت أخذت فيه مليشيات انفصالية التمدد لقطع أوصال سورية، وتهديد الأمن القومي التركي مباشرة، إلا أنه يمكن تفسير التأخر بأن أنقرة لم تكن ترغب في القيام بأي تحرك عسكري خارج أراضيها، من دون غطاء دولي، وعرقل ذلك أيضاً التوتر التركي - الروسي، الذي ساد خلال ثمانية أشهر، إلا أن مسارعة الجانب الكردي إلى تحقيق مشروعه، باستغلال الفوضى التي تجتاح سورية، جعل أنقرة تجد ألا مفر لها من التدخل بنفسها.
واليوم، لا يمكن أيضا عدم الربط بين الإسراع الكردي في إعلانه عن انتخابات في المناطق التي يسيطر عليها داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، والتحرّكات التركية العسكرية على الحدود السورية التي باتت تأخذ وتيرة أسرع.
ويمكن تلخيص أهداف تركيا التي أرادت تحقيقها بعملية درع الفرات: إيقاف تمدّد "داعش" وتأمين حدود تركيا، وإجبار حزب العمال الكردستاني في امتداده السوري على التراجع إلى شرق نهر الفرات "مبدئياً"، ومنعه من تنفيذ مخططه بمحاصرة تركيا من الجنوب الشرقي، وبالتالي تقسيم سورية، ودعم المجموعات المعتدلة الصديقة على الأرض، وكسب تعاطف الناس هناك. وعلى صعيد سياسة تركيا الداخلية، أشغلت هذه العملية الجيش بحماية الأمن القومي التركي خارج الحدود.
لا يخفى أن تركيا استطاعت جمع المتناقضات، لتتبدل مواقف مختلف الأطراف تجاه تدخلها العسكري المباشر "الأول" في سورية، فلم تعد روسيا تعارض تحليق الطيران التركي في الأجواء السورية (للمرة الأولى بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية)، وأيدت واشنطن العملية العسكرية التركية، وشاركت فيها طائرات التحالف الدولي والطائرات من دون طيار التي تتبع له، كما تخلت فصائل سورية معارضة عن موقفها الرافض قتال تنظيم داعش، وحصر نشاطها بقتال النظام السوري.
صحيح أن الأتراك يغيرون مواقفهم بسرعة وسلاسة. وهنا تعتبر عودة العلاقات التركية - الروسية التغيير الأهم في الشأن السوري، إلا أن التغيير الحقيقي الذي يمكن أن تحققه تركيا في شأن الحرب في سورية، والمنطقة عموما، هو أن تكون جسراً بين كل الأطراف. وصعوبة المرحلة أن على عاتق أنقرة مهمة إثبات قدرتها على إحداث فرق في مسار الأحداث في سورية، بعد أن باتت كل الأطراف تدرك استحالة فوز طرف واحد دون الأطراف الأخرى.
يمكن القول إن التحركات العسكرية التركية، أخيرا، في سورية في شقٍّ منها، نتيجة للتقارب
التركي - الروسي، وإن العلاقات الروسية - التركية آخذة في التحسن، فروسيا تتفهم مصالح تركيا في المناطق الشمالية السورية، وهي تشبه مصالح روسيا في شرق أوكرانيا، وليس صعبا التكهن بأن الذي يدعم الموقف التركي في شأن حزب العمال الكردستاني الآن أكثر، سيكون لديه أفضل العلاقات مع أنقرة.
مساعدة أنقرة في عودة من يرغب من اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم التي فرّوا منها، إن كان بسبب سيطرة "داعش" أو المليشيات الكردية، تجعلنا نتوقع عودة عشرات آلاف السوريين الذين لجأوا إلى دول الجوار، بعد أن يتم تحرير منبج وتل رفعت و12 منطقة أخرى، (خير مثل جرابلس وعودة آلاف إليها بعد تحريرها)، حيث ليس لتركيا أي مصلحة في استمرار الحرب في سورية، فلم تنل أنقرة منها سوى المشكلات طوال السنوات الخمس الماضية.
يتصدّر منع مليشيات كردية من إنشاء كيان عازل على حدودها، أولويات الحكومة التركية، حيث تخشى تركيا نجاح جهود الأكراد في إقامة منطقة حكم ذاتي في سورية على غرار المنطقة الكردية في شمال العراق، وهو ما قد يحفّز طموحات الأكراد بإقامة دولة انفصالية مماثلة في تركيا.
يبقى القول إن أي تحرّك عسكري تركي جديد قادم في سورية يتناغم مع أهداف المؤسسة العسكرية التركية، ومع الرأي العام التركي والسوري (الرسمي والمعارض) الرافض أي مشاريع انفصالية تحت مسميات ناعمة (فيدرالية، إدارة ذاتية).
ويجدر التذكير بالظروف والأسباب التي رافقت انطلاق عملية درع الفرات، حيث بدأ الجيش التركي عملية عسكرية في سورية قبل قرابة عام، في خطوةٍ تتصدّى بها أنقرة للتهديدات والتأثيرات، بسبب غياب الدولة في الجارة سورية، والأهم في ذلك كله تحرير المناطق التي تضرّر سكانها، وإعادة المهجرين منها، بعد سيطرة المليشيات الكردية و"داعش" عليها، ومن شأن هذا التغير السياسي والعسكري في سورية دعم الاستقرار الإقليمي.
صحيح أن خطوة تركيا كانت "متأخرة" في وقت أخذت فيه مليشيات انفصالية التمدد لقطع أوصال سورية، وتهديد الأمن القومي التركي مباشرة، إلا أنه يمكن تفسير التأخر بأن أنقرة لم تكن ترغب في القيام بأي تحرك عسكري خارج أراضيها، من دون غطاء دولي، وعرقل ذلك أيضاً التوتر التركي - الروسي، الذي ساد خلال ثمانية أشهر، إلا أن مسارعة الجانب الكردي إلى تحقيق مشروعه، باستغلال الفوضى التي تجتاح سورية، جعل أنقرة تجد ألا مفر لها من التدخل بنفسها.
واليوم، لا يمكن أيضا عدم الربط بين الإسراع الكردي في إعلانه عن انتخابات في المناطق التي يسيطر عليها داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، والتحرّكات التركية العسكرية على الحدود السورية التي باتت تأخذ وتيرة أسرع.
ويمكن تلخيص أهداف تركيا التي أرادت تحقيقها بعملية درع الفرات: إيقاف تمدّد "داعش" وتأمين حدود تركيا، وإجبار حزب العمال الكردستاني في امتداده السوري على التراجع إلى شرق نهر الفرات "مبدئياً"، ومنعه من تنفيذ مخططه بمحاصرة تركيا من الجنوب الشرقي، وبالتالي تقسيم سورية، ودعم المجموعات المعتدلة الصديقة على الأرض، وكسب تعاطف الناس هناك. وعلى صعيد سياسة تركيا الداخلية، أشغلت هذه العملية الجيش بحماية الأمن القومي التركي خارج الحدود.
لا يخفى أن تركيا استطاعت جمع المتناقضات، لتتبدل مواقف مختلف الأطراف تجاه تدخلها العسكري المباشر "الأول" في سورية، فلم تعد روسيا تعارض تحليق الطيران التركي في الأجواء السورية (للمرة الأولى بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية)، وأيدت واشنطن العملية العسكرية التركية، وشاركت فيها طائرات التحالف الدولي والطائرات من دون طيار التي تتبع له، كما تخلت فصائل سورية معارضة عن موقفها الرافض قتال تنظيم داعش، وحصر نشاطها بقتال النظام السوري.
صحيح أن الأتراك يغيرون مواقفهم بسرعة وسلاسة. وهنا تعتبر عودة العلاقات التركية - الروسية التغيير الأهم في الشأن السوري، إلا أن التغيير الحقيقي الذي يمكن أن تحققه تركيا في شأن الحرب في سورية، والمنطقة عموما، هو أن تكون جسراً بين كل الأطراف. وصعوبة المرحلة أن على عاتق أنقرة مهمة إثبات قدرتها على إحداث فرق في مسار الأحداث في سورية، بعد أن باتت كل الأطراف تدرك استحالة فوز طرف واحد دون الأطراف الأخرى.
يمكن القول إن التحركات العسكرية التركية، أخيرا، في سورية في شقٍّ منها، نتيجة للتقارب
مساعدة أنقرة في عودة من يرغب من اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم التي فرّوا منها، إن كان بسبب سيطرة "داعش" أو المليشيات الكردية، تجعلنا نتوقع عودة عشرات آلاف السوريين الذين لجأوا إلى دول الجوار، بعد أن يتم تحرير منبج وتل رفعت و12 منطقة أخرى، (خير مثل جرابلس وعودة آلاف إليها بعد تحريرها)، حيث ليس لتركيا أي مصلحة في استمرار الحرب في سورية، فلم تنل أنقرة منها سوى المشكلات طوال السنوات الخمس الماضية.
يتصدّر منع مليشيات كردية من إنشاء كيان عازل على حدودها، أولويات الحكومة التركية، حيث تخشى تركيا نجاح جهود الأكراد في إقامة منطقة حكم ذاتي في سورية على غرار المنطقة الكردية في شمال العراق، وهو ما قد يحفّز طموحات الأكراد بإقامة دولة انفصالية مماثلة في تركيا.
يبقى القول إن أي تحرّك عسكري تركي جديد قادم في سورية يتناغم مع أهداف المؤسسة العسكرية التركية، ومع الرأي العام التركي والسوري (الرسمي والمعارض) الرافض أي مشاريع انفصالية تحت مسميات ناعمة (فيدرالية، إدارة ذاتية).