تحدي الإنكار

01 نوفمبر 2017
وزير الخارجية البريطانية، آرثر جيمس بلفور (Getty)
+ الخط -
تمر في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر ذكرى وعد بلفور، ويصادف هذا العام مئوية هذا الوعد الذي أعطى فيه وزير الخارجية البريطانية، آرثر جيمس بلفور (من لا يملك) إلى اللورد اليهودي ليونيل دي روتشيلد (من لا يستحق)، الحق بإقامة كيان يهودي استعماري فوق الأرض الفلسطينية، على حساب أصحاب الأرض الأصليين، الذين ما انفكوا يواجهون الوعد ويقاومون نتائجه منذ نحو مائة عام (1917-2017).

هذه الجريمة البريطانية التي لم يشهد التاريخ نظيرها على مر العصور، والتي اعتبرها البعض "أكبر كذبة في التاريخ"، شرعنت الوجود الاستيطاني الصهيوني على أنقاض الحقوق الوطنية الفلسطينية التاريخية الثابتة، وسلبت أغلى ما يملك الشعب الفلسطيني وطنه ومقدساته.

بالرغم من كل ذلك تصر الحكومة البريطانية على إقامة احتفالية إنكليزية صهيونية مشتركة في العاصمة، لندن، تستضيف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بمناسبة مرور مائة عام على الوعد المشؤوم، رافضة الاستجابة للمطالب الفلسطينية بالاعتذار عن هذا القرار ونتائجه المأساوية على الشعب الفلسطيني، الذي ما يزال مهجرا منذ 69 عاماً.

وإمعاناً بالصلف والعنجهية، 
واستهتارا بمشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين والأحرار في العالم وكل جمعيات حقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة، أعربت رئيسة الوزراء البريطانية عن فخرها بالدور الذي لعبته في إقامة الكيان الصهيوني فوق الأرض الفلسطينية.

وإن دلت هذه المواقف على شيء فهي تشير إلى المنحدر الذي وصلت إليه الحكومة البريطانية التي تدعي انتسابها للديمقراطية الحرة الملتزمة بالمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان، التي تكفل حق الشعوب في مقاومة الاستعمار والحق في تقرير المصير وغير ذلك من الحقوق التي ضربت بها الحكومة البريطانية عرض الحائط.

مقابل ذلك، لقي الإصرار البريطاني على إقامة الاحتفالية المشؤومة ردود فعل وشجب واستنكار عارم لدى الشعب الفلسطيني بكافة قواه وفصائله وأحزابه، حيث أعلن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أن "السلطة ستقاضي بريطانيا على خلفية عزمها إحياء مئوية وعد بلفور، وما ارتكب من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، عبر اتخاذ إجراءات فلسطينية مضادة ضدها سواءً في المحاكم البريطانية أو الأوروبية"، معتبراً أن "الجانب الفلسطيني حاول أن يعطي بريطانيا فسحة للعدول عن موقفها والتراجع بطريقة مشرفة، بتقديم مقترحات لمحاولة تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني وهو ما لم يحدث".


من جهتهم، بدأ الفلسطينيون في الأراضي المحتلة والشتات استعداداتهم لإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور على طريقتهم، من خلال تنظيم تظاهرات ووقفات واعتصامات احتجاجية في المدن الفلسطينية المحتلة وأماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين، تبدأ في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني وتستمر لسبعة أيام. وتتضمن الأنشطة تقديم مئة ألف رسالة من طلاب فلسطينيين بمختلف اللغات إلى الحكومة البريطانية تحمل فحواها الأضرار والانعكاسات السلبية التي شكلها وعد بلفور على الشعب الفلسطيني.

مع مرور السنين على ذكرى وعد بلفور المشؤوم، يتذكر الشعب الفلسطيني دوماً عذاباته وجراحه النازفة التي لم تندمل إلا حين عودته إلى وطنه فلسطين.. وإلى حين ذلك سيظل ينبض بكامل قواه ويقدم أغلى ما يملك في سبيل أهدافه في التحرير والعودة.