ويتعين على أي مصدر أن يختار بين جمع أقصى ما يستطيع من أموال وبيع أدوات الدين بأرخص سعر ممكن. لكن مع الجولة الترويجية، التي تعقدها السعودية في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، فإن الخيار يبدو صعبا على وجه الخصوص.
ومع استهداف الموازنة العامة للعام الجاري عجزا بقيمة 87 مليار دولار وشح السيولة المصرفية في البلاد، فإن هناك صعوبة متزايدة في بيع كمية ضخمة من الديون محليا، كما تتعرض الرياض لضغوط لزيادة حجم إصدارها الدولي من السندات.
ودفعت هذه العوامل بعض المصرفيين لتوقع أن يصل حجم الإصدار إلى 15 مليار دولار أو أكثر، وربما يتجاوز حجم إصدار الأرجنتين البالغة قيمته 16.5 مليار دولار في أبريل/نيسان الماضي، والذي كان أكبر إصدار لأدوات الدين السيادية في الأسواق الناشئة على الإطلاق.
وقال هاني إبراهيم، رئيس إدارة أسواق رأس المال في بنك الاستثمار القطري، كيو إنفست: "سوف يأتون إلى السوق، وسوف يدخلون بحجم كبير. إنهم بحاجة لسد فجوة تمويلية كبيرة، وهناك حدود لما يمكنهم جمعه محليا".
وأضاف، في إشارة لبيع الدوحة سندات في مايو/أيار الماضي: " قطر أيضا دولة صغيرة. كيف يمكن لقطر أن تصدر تسعة مليارات دولار، وأن تصدر السعودية أقل من ذلك".
لكن قرار الرياض معقد لأن باكورة إصداراتها سوف تضع أساسا مرجعيا للمبيعات المستقبلية لأدوات الدين، ليس فقط من قبل الحكومة، ولكن من قبل مجموعة من الشركات السعودية التي تنوي جمع أموال من الخارج.
وقد يقنع هذا الأمر السعوديين بالتخلي عن مليارات الدولارات من حجم الإصدار من أجل إبقاء العائد على إصدار السندات، التي ستكون لآجال خمسة أعوام وعشرة أعوام و30 عاما، منخفضا.
وقالت أنيتا ياداف، رئيسة قسم أبحاث الدخل الثابت لدى بنك الإمارات دبي الوطني في دبي: "مع انخفاض أسعار النفط، فإن عجز الموازنة سيظل باقيا لبضع سنوات، وستكون السعودية بحاجة إلى الاتجاه إلى أسواق رأس المال الدولية بشكل متكرر".
وأضافت: "نظرا لأهمية وضع أساس مرجعي ليس فقط لإصداراتها المستقبلية، ولكن أيضا لطروحات السندات المحتملة من الكيانات المملوكة للحكومة، فإنني أعتقد أن حكومة السعودية ستكون حذرة للغاية بشأن التسعير. من المرجح أن تتنازل الحكومة عن الحجم مقابل التسعير في هذه المرحلة".
التسعير
على الرغم من أن المسؤولين السعوديين لم يقدموا مقترحات محددة بشأن التسعير في الجولة الترويجية التي عقدوها في لندن، الأسبوع الماضي، يقول مصرفيون منخرطون في الصفقة إن المملكة ترغب في تسويق نفسها باعتبارها دولة من دول "مجموعة العشرين" بدلا من كونها سوقا ناشئة، لذلك فإنها تهدف إلى نطاق ضيق لتسعير السندات.
لكن العديد من المستثمرين يتطلعون إلى السندات القطرية كمقياس للإصدار السعودي. وبغض النظر عن الحجم، فإن من المتوقع بشكل واسع أن يدفع السعوديون المزيد من العوائد.
وأصدرت قطر سندات لأجل خمس سنوات بقيمة 3.5 مليارات دولار في مايو/أيار بفائدة 120 نقطة أساس فوق عائد سندات الخزانة الأميركية، وأخرى بقيمة 3.5 مليارات دولار لأجل عشر سنوات بفائدة 150 نقطة أساس، وثالثة بقيمة ملياري دولار لأجل 30 عاما بفائدة 210 نقطة أساس.
وتحظى قطر بتصنيف عند درجة Aa2 من قبل وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، وعند درجة AA من قبل "ستاندرد آند بورز" و"فيتش"، وتفوق تصنيف السعودية بما يتراوح بين درجة وأربع درجات استثمارية.
فضلا عن ذلك، قد يطلب بعض المستثمرين علاوة بسيطة للمخاطر السياسية، التي يعتقدون أنه لم يتم وضعها في الاعتبار من قبل وكالات التصنيف الائتماني.
وقالت ياداف: "هناك اختلاف في التصنيف الائتماني، لكن مستثمري الولايات المتحدة الأميركية أيضا لديهم وجهة نظر مختلفة بشأن السعوديين. فهم سيضعون في اعتبارهم الانخراط السعودي في اليمن، وعجز الموازنة الأكبر بكثير، وبعض الضبابية السياسية. أعتقد أنه، حتى لو أصدر السعوديون مليار دولار فقط، فسيتعين عليهم مع ذلك دفع فائدة أكبر من قطر".
كما أن تصويت الكونغرس الأميركي، الشهر الماضي، على السماح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بمقاضاة الرياض قد يكون له تأثير محدود على هذا الإصدار.
وقال متعامل في أدوات الدين، ومقره دبي: "بالطبع، القانون سيكون له تأثير، انظر إلى حركة سوق الأسهم السعودية بعد تمرير القانون. وسوف يؤثر على الحجم، الذي سيكون بمقدورهم إصداره أيضا".
وبشكل أساسي، توقع مستثمر محتمل في السندات السعودية أن يتم تسعير العائد على الشرائح الثلاث للسندات السعودية بين 30 و60 نقطة أساس فوق العائد، الذي دفعته قطر. وتوقع آخر 25 نقطة أساس كعلاوة للسندات الصادرة لأجل خمس سنوات، و50 نقطة أساس لسندات 30 عاما.
وقال أنجلو جيمس روسيتو، مدير الاستثمار لدى "جي.إم.إس.إيه إنفستمنتس"، وهي شركة لإدارة الأصول مقرها لندن: "الشريحة الصادرة لأجل 30 عاما هي الأكثر إثارة للاهتمام من حيث العوائد، وأعتقد أنهم سيقدمون حوافز للاستثمار في أطول جزء من الدين".
وتابع: "جرى طرح شريحة السندات القطرية لأجل 30 عاما بعائد 120 نقطة أساس فوق عائد سندات الخزانة الأميركية، ويجري تداولها حاليا في نطاق 180 نقطة أساس. أعتقد أن السعوديين سيكونون أكثر إقداما في البداية، وسيحاولون تسعير السندات عند نحو 200 نقطة أساس".