تعتبر سيارات الهيدروجين من الوعود المطروحة من صُناع وسائل النقل كبدائل لمركبات "عديمة الانبعاثات". وتدعى هذه المركبة تحديداً "السيارة الكهربائية ذات خلايا الوقود الهيدروجينية"، وهي تعمل بالكهرباء. بالمقابل هناك السيارة الكهربائية التقليدية، واسمها الصحيح "السيارة الكهربائية ذات البطارية"، حيث يعود الفرق بينهما، في أن مركبة خلايا الوقود الهيدروجينية، تُنتج الكهرباء مباشرة من على متن السيارة، وذلك باستخدام الهيدروجين، من خلال خلايا الوقود (fuel cell).
هذه الوحدة سعتها ما بين 10 إلى 30 لتراً، تتكون من عدة خلايا تتألف من قطبين - الأنود (القطب الموجب) والكاتود (القطب السلبي)- مفصولة بغشاء من مادة البوليمر، ويقوم هذا الأخير بوظيفة المنحل بالكهرباء (كهرل). وتعمل التفاعلات الكهروكيميائية بين الهيدروجين الذي يُضخ في الأنود والأوكسجين في الكاتود، إلى إنتاج التيار الكهربائي، وحرارة وماء.
وفعلياً، فإن السيارة ذات خلية الوقود لا ينبعث منها سوى الماء فقط. مما يجعلها بديلاً "نظيفاً" لوقود الديزل والبنزين في المركبات.
مثلها مثل جميع السيارات الكهربائية، وبالمقارنة مع سيارات البطارية، فإن المركبات ذات خلايا الوقود الهيدروجينية (fuel cell) تتمتع بالعديد من المزايا العملية. وبالتالي، لا يستغرق تزودها بوقود الهيدروجين وقتاً أطول من وقت تعبئتها بالبنزين، وهو ما يتراوح بين 3 إلى 5 دقائق، مقارنة بعدد من الساعات لشحن السيارة الكهربائية ذات البطارية. وعلاوة على ذلك، فإن استمرارية عملها مشابهة لسيارة الديزل، حيث أن عبوة كاملة من الهيدروجين، يمكنك أن تقطع بها مسافة تصل إلى 600 كيلومتر، وهو ما يمثل 2 إلى 3 مرات معدل قطع السيارات الكهربائية ذات البطارية.
وبدأ بالفعل تسويق بعض النماذج من سيارات ذات خلايا الوقود، حيث أطلقت تويوتا سيارة ميراي في أوروبا أواخر عام 2015، وسيارة هيونداي IX35 التي تباع منذ عام 2015، وهوندا clarity متوفرة منذ سبتمبر 2016. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت شركة Audincourt وPérigny تسليم بريدها منذ عام 2013 من خلال سيارات تستخدم تقنية خلايا الوقود، وذلك في إطار مشروع "MobyPost" المطور من قبل التعاون بين المركز الفرنسي للبحوث العلمية CNRS ومختبر FCLAB. وأخيراً، في أكتوبر 2016، أعلنت شركة تويوتا تسويق حافلة ذات خلايا الوقود الهيدروجينية في طوكيو بدءاً من عام 2017.
ومع ذلك، فإن التسويق على نطاق واسع لهذا النوع من المركبات ذات خلايا الوقود، لا يزال يواجه عدة عقبات يصعب التغلب عليها. وعلى وجه الخصوص، فإن تكلفة هذه السيارات لا تزال مرتفعة. وعلى سبيل المثال، فإنك تتكلف 79.200 يورو من أجل شراء سيارة تويوتا ميراي، في حين أن الإنفاق المتوسط لشراء سيارة جديدة يقع ضمن ميزانية 25.000 يورو. بالإضافة إلى ذلك، لا يتجاوز متوسط استخدام محرك سيارة خلايا الوقود أكثر من 4100 ساعة، والذي يعادل سير مسافة 100.000 كم فقط.
ومن أجل رفع عمر محرك خلايا الوقود، ليقارب عمر محرك الديزل الذي يقدر بحوالى 300.000 كلم، فإن ذلك يحتاج إلى أن يعمل محرك خلايا الوقود 7000 ساعة من دون تدهور في أدائه.
أما العائق الآخر حالياً، هو إنتاج أغلب الهيدروجين من مصادر أحفورية، مثل الفحم والغاز الطبيعي. كما إنه لا يتواجد انتشار كبير لمحطات التعبئة، مقارنة بتوزيع محطات تعبئة البنزين، وذلك حتى في الدول المتقدمة.
ومع ذلك، فإن البحوث لم تقل كلمتها الأخيرة. وحتى يومنا هذا، ومئات من الفرق في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليابان والولايات المتحدة وأوروبا يعملون على جعل تكنولوجيا خلايا الوقود (Fuel Cell) أكثر تنافسية. وتعتبر هذه البحوث من الأكثر نشاطاً في العالم.
وتهدف الأبحاث إلى خفض أسعار مركبات خلايا الوقود، من 70.000 يورو حالياً، إلى 50.000 يورو في عام 2020، وإلى 30.000 يورو في عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، السعي إلى إطالة عمر المحرك وديمومته، من 4000 ساعة إلى 6000 ساعة في عام 2020، وصولاً إلى 7000 ساعة عام 2023.
وللحد من التكاليف، تكمن الحلول المقترحة في عدم استخدام بعض المواد ذات السعر المرتفع والتي تدخل حالياً في صناعة خلايا وقود الهيدروجين. ومن هذه المواد معدن البلاتين، الذي يعتبر سعره مرتفعاً جداً، ويستخدم كمحفز لتسريع التفاعل الكيميائي الذي يحدث داخل خلية الوقود الهيدروجينية بشكل خاص. ويقارب سعره سعر الذهب، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر من المعادن النادرة والاستراتيجية.
ويعكف العديد من مراكز البحوث في العالم، إلى التقليل من استعمال البلاتين أو حتى إلى إيجاد بديل آخر لا يحمل في تركيبته هذا المعدن النبيل، وايجاد بالخصوص محفزات من الحديد، حيث يعتبر سعره مئتي مرة أرخص من البلاتين.
ولا يتوقف الأمر عند البلاتين، حيث أن خلايا الوقود لا يزال سعرها مرتفعاً أيضاً، وذلك لأنها لا تزال تصنع بكميات بسيطة، حيث يمكن إدخال الطرق الصناعية الأوتوماتيكية في إنتاج خلايا الوقود أن يكون كفيلاً بتخفيض أسعار الوحدات بشكل ملحوظ.
وتبقى العقبة الرئيسية الحالية أمام تطوير واختيار مجال السيارات الهيدروجينية متمثلة في محدودية عمر خلايا الوقود. ويرجع ذلك أساساً إلى عاملين متعلقين بسير عمل خلايا الوقود نفسها: منها تداول دورة عملية التمييه والتجفيف مما يؤثر على الاستقرار الميكانيكي لغشاء الخلية. أما العامل الثاني، يتمثل في إنتاج مواد كيميائية تسمى الجذور الحرة، التي تعوق استقرار واستمرار عمل الغشاء.
ويعتقد الباحثون أن الحل يكمن في دعم البنية الميكانيكية لأغشية الخلايا، ودمج مواد كيميائية لحجز وإزالة الجذور الحرة.
وإلى ذلك، تبقى البحوث قائمة حول كيفية الحصول على الهيدروجين من مصادر غير أحفورية، ومتجددة.