تبادل لبنان ـ "النصرة": نهاية كابوس... بانتظار مخطوفي "داعش"

01 ديسمبر 2015
جندي محرر يحتضن والده في مقر رئاسة الحكومة(حسين بيضون)
+ الخط -
أنجزت كل من الدولة اللبنانية و"جبهة النصرة" بوساطة قطرية، أمس الثلاثاء، صفقة التبادل مع "جبهة النصرة"، لتنتهي معاناة 16 عائلة لبنانية كانت تنتظر أبناءها العسكريين المخطوفين لدى "النصرة" منذ أكثر من سنة وأربعة أشهر، عقب اجتياح المجموعات السورية لبلدة عرسال (عند الحدود الشرقية بين لبنان وسورية) في أغسطس/آب 2014. في المقابل، أفرج لبنان عن ثمانية موقوفين إسلاميين من سجونه (لبنانيان وفلسطينيان وأربعة سوريين)، وخمس نساء وأطفالهن، منهم شقيقة أمير "النصرة" في القلمون السوري، أبو مالك التلي، ومعها عائلتها (المجموع 25 شخصاً). بذلك، تكون مسيرة التفاوض التي قادها جهاز الأمن العام اللبناني قد نجحت بعد أربعة أيام من بدء الإجراءات التنفيذية، وعملية الأخذ والردّ بين الطرفين التي نظّمها الوسيط القطري. وإذا جاءت نهاية هذا الملف سعيدة، فإنّ جرحاً آخر لا يزال مفتوحاً بفعل استمرار خطف تسعة جنود لبنانيين آخرين لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مقطوع التواصل معهم منذ عام.

بدأ اليوم الطويل بإفراج "النصرة" عن جثمان الجندي في الجيش اللبناني، محمد حمية، الذي كانت الجبهة قد أعدمته في أغسطس/آب 2014 بعد أسابيع من خطف العسكريين. وبعدها كرّت سبحة خطوات التبادل بهدوء، بين الوقوف عند رغبة الموقوفين الإسلاميين في البقاء على الأراضي اللبنانية بعد تسوية أوضاعهم أو توجههم إلى الجرود والانضمام إلى الجبهة، ووصول شقيقة أبو مالك التلي من سورية، وصولاً إلى لحظة إطلاق العسكريين وإيصالهم إلى سيارات الصليب الأحمر لإعادتهم من الجرود إلى لبنان. ووزّع الأمن العام اللبناني لائحة بأسماء العسكريين الذين تمّ تحريرهم نتيجة الصفقة، وهم الرقيب جورج الخوري والجندي أول ناهي بوقلفوني والجندي ريان سلام من الجيش اللبناني. بالإضافة إلى 13 عسكرياً من قوى الأمن الداخلي هم المعاون بيار جعجع، الرقيب أول إيهاب الأطرش، العريف سليمان الديراني، العريف ميمون جابر، العريف أحمد عباس، العريف وائل حمص، العريف زياد عمر، العريف محمد طالب، الدركي لامع مزاحم، الدركي عباس مشيك، الدركي ماهر فياض، الدركي جورج خزاقة، الدركي رواد بودرهمين.

إقرأ أيضاً: إتمام صفقة التبادل بين الدولة اللبنانية و"جبهة النصرة" 

أما سلّة الاتفاق التي شملت صفقة التبادل بين الأمن العام و"النصرة" فتضمّنت الكثير من البنود إضافة إلى إطلاق سراح المخطوفين والمعتقلين، وأبرز هذه النبود:

- إقامة منطقة آمنة في جرود عرسال، في منطقة وادي حميد، لضمان سلامة مخيّمات اللاجئين السوريين الموجودة فيها.

- فتح ممرّ آمن بين عرسال ومخيمات اللجوء الموجودة في الجرود.

- تأمين مساعدات إغاثية شهرية لمخيّمات اللجوء في عرسال وجردها.

- تأمين الدولة اللبنانية سلامة الجرحى السوريين المدنيين، وإعداد "النصرة" لائحة بأسمائهم بهدف تسوية أوضاع إقامتهم على الأراضي اللبنانية.

- تأمين الدولة اللبنانية المستلزمات الطبية والإغاثية لمشفى عرسال.

وبناءً على لائحة البنود هذه، فإنّ الصفقة تستوجب استكمال الطرفين تنفيذ التعهدّات التي تقدموا بها، تحديداً في ما يخص اللاجئين السوريين وتسهيل مرور الجرحى والموقوفين الإسلاميين الذين تمّ إطلاق سراحهم إلى تركيا وهو ما سبق أن تعهّدت الدولة اللبنانية بتنفيذه للوسيط القطري. مع العلم أنّ جميع الموقوفين المفرج عنهم أكدوا نيتهم البقاء في عرسال وعدم التوجه إلى الجرود بعد تسوية أوضاعهم. في حين من المفترض أنّ بعضاً منهم ينوي مغادرة لبنان بعد تسوية أوضاعه، وهو ما أكدته الموقوفة السابقة سجى الدليمي (طليقة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي منذ ست أو سبع سنوات على حد تعبيرها) بإشارتها إلى "نيتي مغادرة لبنان إلى تركيا بعد الحصول على الأوراق اللازمة".

ويبقى غير معلوم ما هي البنود غير المعلنة لصفقة التبادل، والتي يبقى الكشف عنها رهناً بالوقت أو تغيّر الظروف، في حين برزت بعض الشروط التي فرضتها "النصرة" لإتمام التبادل. وكان من أبرز هذه الشروط تأمين البث التلفزيوني المباشر للعملية من داخل الجرد ومواقع الجيش اللبناني، وذلك "لعدم ثقة النصرة بجديّة الطرف اللبناني في تنفيذ الاتّفاق"، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة على المفاوضات لـ"العربي الجديد". فكانت محطتا "الجزيرة" و"إم تي في" اللبنانية موجودتين في الجرود إلى جانب مقاتلي النصرة، ونقلتا العملية منذ انطلاقها، الأمر الذي شكّل سابقة أولى من نوعها في عمليات تبادل مماثلة، إذ تم الكشف تباعاً عن كل الخطوات التي اتّفق عليها الطرفان، مع العلم أنّ الأمن العام اللبناني نجح في ضبط المتابعة الإعلامية للمحطات المحلية منذ انطلاق الإجراءات التنفيذية لصفقة التبادل يوم الجمعة الماضي قبل أربعة أيام من تنفيذها. فعمّمت أجهزة الأمن العام تباعاً بيانات طالبت المؤسسات الإعلامية بالامتناع عن ذكر أي تفاصيل متعلقة بالتبادل لعدم التأثير على سير المفاوضات، وهو ما التزم به الإعلام اللبناني والعربي بشبه إجماع. وبذلك تكون محنة العسكريين المخطوفين انتهت بشقّها الأول، ليبقى الشق الثاني المتعلّق بتسعة عسكريين مخطوفين لدى "داعش" مصيرهم مجهول منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.

إقرأ أيضاً: بنود صفقة التبادل بين لبنان و"النصرة"

المساهمون