تأثير معدن الرصاص على الطيور والإنسان

29 نوفمبر 2018
تلقيم بندقية صيد (جان سيباستيان إفرار/ فرانس برس)
+ الخط -
الرصاص (Pb) معدن سام ما زال يستخدم على نطاق واسع في الصيد في لبنان والشرق الأوسط وفي بقاع أخرى من العالم. فبعدما تخلصت الشعوب المتقدمة من الرصاص في البنزين والدهانات والمواد المختلفة، بقيت ذخيرة الرصاص تستخدم على نطاق واسع في الصيد والرماية، ممثلة بذلك المصدر الأكبر وغير المنظم للرصاص الذي يجري تفريغه عن قصد في البيئة.

في لبنان، تشير الدلائل إلى استيراد 40 مليون خرطوشة صيد، وإنتاج 10 ملايين خرطوشة على الأقل، سنوياً، بينما يتولى المتطوعون من الشباب جمع الخرطوش الفارغ من الطبيعة فيحصدون نحو 25 مليون خرطوشة مستعملة سنوياً. صحيح أنّ الخرطوش الفارغ يحمل معه سموماً لكنّ الرصاص الذي أطلق على الطيور وفي الرماية انتهى به الأمر أيضاً بتلويث المياه السطحية والتربة والمياه الجوفية بعد غسل مياه الأمطار له، كما قدّر له أن يلوث الطيور والحيوانات التي قُتلت أو صيدت. والأخيرة تلوث الإنسان الذي يتناولها، ومعه الطيور التي تأكل الجيف، كما تلوث الثعلب والواوي والضبع.

في ستينيات القرن الماضي، ظهرت عوارض التسمم بالرصاص (saturnism) على طيور البط التي كانت تتناول خردق الرصاص الذي يقع في مستنقعات كاماراغ الفرنسية، ونفق نتيجة ذلك الآلاف من طيور البط، ومن الطيور والحيوانات التي أكلت من البط الميت. ليس هناك لدى منظمة الصحة العالمية أو لدى سلطة سلامة الغذاء الأوروبية نسبة سالمة ومحددة من الرصاص لا يجب تخطيها عند الإنسان. لذلك، فإنّ عوارض التسمم عند الإنسان من جراء دخول الرصاص إلى جسم الإنسان من خلال أكل العصافير والأرانب تختلف من فرد إلى آخر، لكنّ التسمم يؤثر أكثر بالأطفال والأجنة فيؤدي إلى إنجاب أطفال ذوي قدرات ذهنية ضعيفة، وذكاء أقل. ويؤدي التسمم بالرصاص إلى أمراض ضغط الدم وأمراض بالكلى عند من يتناولون طرائد مصطادة بخرطوش مادة الرصاص. أما قدرة الخصوبة لديهم فتقل، والأجنة تصيبها تشوهات خلقية. وأكل الطيور المسمومة بمادة الرصاص هو خطر في حد ذاته على صحة الإنسان. أما الطيور المصابة بطلقات ذخيرة الرصاص ولم تمت بعد فإنّها ستموت لاحقاً جراء سريان الرصاص في جسمها. في جسم الإنسان يتحول الرصاص الموجود في العصافير إلى أيونات ذائبة يمتصها الجسم بسهولة خصوصاً إذا ما تم قليها أو شويها في وسط حامضي. هذه الحقائق ليست موجهة ضد الصيد بل للمساعدة في مواجهة التسمم بالرصاص واستبداله بالمعادن غير السامة والمصنعة حالياً في أوروبا لخدمة الصياد المسؤول، أي الصياد الذي يحترم القوانين.




ولأنّ لبنان من دول العالم الموقعة على اتفاقية الأنواع المهاجرة العالمية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الدول تبنت في اجتماعها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 قراراً بتخفيف أسباب التسمم بالرصاص الذي يصيب الأنواع المهاجرة وجعل عام 2017 الموعد النهائي للتخلص من خرطوش الرصاص في جميع الموائل والدول، وأنّ على الدول تكييف القوانين لديها للتخلص من رصاص الخرطوش كما تخلصت من رصاص البنزين. فمتى سيأتي ذلك اليوم الذي نلحق فيه بركب الدول المتقدمة؟ ومتى سيهتم الأهل بإنجاب أبناء أصحاء الذهن؟

*اختصاصي في علم الطيور البرية
دلالات
المساهمون