لم يضم الألبوم الأخير سوى أغنيتين فقط؛ ومن بعدها بدأت الفرقة بمشروعها التوثيقي، فطرحت سنة 2015 ألبوم "1965: Their First Recordings" الذي يعود تاريخ تصميمه إلى سنة 1965، أي إلى ما قبل سنتين من طرح الألبوم الرسمي الأول "The Piper At The Gates Of Dawn"، وتلا ذلك طرحها لصندوقين موسيقيين يؤرشفان مسيرة الفرقة. وقد طرحت الصندوق الأخير قبل أسبوعين.
أما في ما يخص المنتج الجديد، "The Later Years"، فهو صندوق موسيقي، مكون من 16 قرصاً مضغوطاً، تحتوي على ألبومات تمت إعادة مزجها، وتسجيلات لحفلات موسيقية، ومسارات وأشرطة فيديو لم يتم إصدارها، بالفترة ما بين 1986 و2019؛ ليكون هذا الصندوق الموسيقي هو توثيق وتدعيم لأرشيف "بينك فلويد" في عصر ما بعد روجر ووترز، الذي تخلى عن الفرقة سنة 1984 ليبدأ مشروعه الفني الفردي. وبصندوق "The later years"، تستكمل الفرقة مشروعها الأرشيفي، الذي بدأته بإطلاق صندوق " The Early Years 1965–1972" سنة 2016.
وعلى عكس صندوق "The Early Years" الذي بدا حين طرحه بالغ الأهمية، بسبب الكم الكبير من المقاطع الصوتية التي ظهرت إلى السطح، بعد أن تم دفنها منذ أنتجت بتلك الحقبة؛ فإن صندوق "The Later Years" لا يقدم الكثير من المواد غير المنشورة، هناك فقط بعض المقطوعات الموسيقية غير المكتملة التي أعدت لألبوم "The Division Bell" سنة 1994، وحفلات موسيقية تعود لعامي 1989 و1990.
التركيز في الصندوق الجديد كان منصباً على إعادة توزيع بعض الأغاني من ألبومات الاستوديو الرسمية للفرقة، بالإضافة للتركيز الكبير على الفيديوهات التوثيقية التي تعطي صورة كاملة عن عمل الفرقة في هذه المرحلة؛ ولكن هذه الفيديوهات لا تبدو بأهمية فيديوهات الصندوق الماضي، لكونها تعود لفترة حظيت بها الفرقة بتغطيات إعلامية كبيرة، ليبدو أن الفيديوهات لا تقدم معلومات جديدة تساهم بإعادة فهم "بينك فلويد".
كما أن الصندوق الموسيقي الجديد يضم عدداً كبيراً من أغاني الفرقة، التي تعود لحقبة "بينك فلويد – ووترز"، مثل "Shine On You Crazy Diamon" و"Comfortably Numb" وغيرهما، وقد تمت إعادة تسجيل هذه الأغاني لإقصاء أثر ووترز من المشهد الموسيقي فيها؛ ومن الممكن تبرير ذلك بأن الفرقة بعد مغادرة ووترز، كانت تعتمد بشكل كبير على هذه الأغاني في حفلاتها الموسيقية، وأن تقديم هذه الأغاني من دون ووترز هو جزء من تاريخها الذي يجب أن يؤرشف أيضاً، ولا سيما أن خروج ووترز من الفرقة أثر على شكل "بينك فلويد"، وقد جعلها أكثر التصاقاً بموسيقى الروك التقدمية، وهو الأمر الذي ساهم ووترز بتأجيله لأعوام طويلة.
وبغض النظر عن الدوافع والأهداف التي أدت لإطلاق صندوق "بينك فلويد" الجديد، فلا شك أن هذا الصندوق له أهمية كبيرة بعالم الموسيقى، لكونه يسلط الضوء على بعض الجوانب التي كانت مظلمة في مسيرة إحدى أهم الفرق الموسيقية تاريخياً، وذلك بعد وصولها إلى القمة؛ ومن الممكن اعتباره هدية مميزة من الفرقة لجمهورها الشغوف بكل تفاصيل "بينك فلويد".
جمهور يعرف الاختلافات التي تحدثها الفرقة في كل مرة تعيد أداء إحدى أغانيها الخالدة بعروضها الحية؛ وإن كان من المسلم أن التوزيعات الجديدة التي طرحتها الفرقة لأغانيها الأكثر رواجاً لن تتفوق بمكانتها الشعبية على النسخ الأصيلة التي تعتبر من أهم الركائز لموسيقى الروك عالمياً.