بين"هيبتا" ونقابة الصحفيين

05 مايو 2016
+ الخط -
انقسم الشارع المصري، في الأيام القليلة الماضية، بين مصطف على أبواب السينما، ومندد وشاجب سابقة لم تحدث في أي بلد من البلاد الديموقراطية الحرة، وهي اقتحام قوات الأمن مبنى صاحبة الجلالة "نقابة الصحفيين"، وقبضها على صحفيين داخلها من دون إخطار أو حضور لنقيب الصحفيين، ما عدّه بعضهم انتهاكاً لحرم النقابة.
تصدر الحدثان السابقان الساحة المصرية، على الرغم من اتساع المسافة واستحالة التشابه بينهما، فقد شهد شباك التذاكر إقبالا منقطع النظير من المصريين، لمشاهدة أفلام موسم الربيع المعروضة حالياً. وفي مقدمتها، وفي صدارتها فيلم "هيبتا" الذي حقق أكثر من 10 ملايين جنيه، وفق إحصاءات دور العرض، والتي أعلنت عن اقتراب الفيلم، في أول أيام عرضه، من حاجز المليون جنيه محققا 781 ألف جنية، في حين حقق، في يومه الثاني، إيرادات وصلت إلى مليون و625 ألف جنية، ليتجاوز بذلك المليوني جنيه في أول يومين من عرضه، ويصبح صاحب أعلى إيرادات في موسم شم النسيم. الأمر الذي دفع بعض أصحاب دور العرض إلى مد حفلات ما بعد منتصف الليل، وطلب نسخ إضافية من الفيلم الذي تم طرحه في 54 نسخة.
حقق "هيبتا" المأخوذ من رواية بالإسم نفسه للكاتب محمد صادق، وسبق وأن حققت رواجا كبيرا في سوق الكتاب، نجاحا ساحقا فيما وصل إليه من أرقام قياسية، بالنسبة لهذه النوعية الجديدة والمستحدثة من الأفلام في السينما المصرية في شباك التذاكر، وقد اعتمد الفيلم على البطولة الجماعية، فكان كل من شارك فيه أبطالاً، بغض النظر عن عدد المشاهد التي قدمها، أو مقدار الفترة التي شغلها على الشاشة. وتدور أحداث "هيبتا" حول دكتور علم نفس، يقدم محاضرة أخيرة، فيجيب في محاضرته على أهم الأسئلة التي تشغل بال كثيرين، على الرغم من اختلاف طبقاتهم وفاتهم العمرية، عن كيفية حدوث الحب، حيث يشكل في محاضرته المراحل السبعة للحب من خلال 4 قصص غرامية مختلفة، تمر بمنعطفات ومتغيرات كثيرة.
على الصعيد الآخر "المغاير" الذي شغل الشارع المصري حادثة اقتحام رجال أمن مبنى نقابة الصحفيين لضبط وإحضار الصحفيين عمرو بدر، رئيس تحرير "بوابة يناير"، والصحفي محمود السقا بتهمة التحريض على التظاهر في "جمعة الأرض هي العرض" يوم 15 إبريل/ نيسان الماضي، وتم القبض عليهما في أثناء اعتصامهما داخل مقر نقابة الصحفيين، تنديدا بمداهمة قوات الأمن منزليهما سابقا.
أوضح أعضاء في النقابة أن الأمن حاول اقتحام النقابة ثلاث مرات يوم الأحد، بثلاث طرق مختلفة. الأولى، عندما حاول أفراد من الأمن استخدام ماكينة الصراف الآلي في مقر النقابة، بينما رفض أفراد الأمن المنوطين بتأمين النقابة، ذلك، وطالبوهم باستخدام ماكينة أخرى خارج المقر.
وفي المحاولة الثانية، استعان أفراد الأمن المحيطين بمقر النقابة، بأحد عمال توصيل الطلبات التابعين لإحدى المطاعم الشهيرة بشارع شامبليون؛ من أجل دخول النقابة، وإبلاغهم بمكان وجود بدر والسقا، إلا أن مخططهم باء بالفشل.
المحاولة الثالثة والأخيرة هي انتظار قوات الأمن رحيل أسر وعائلات الصحفيين المعتقلين المعتصمين داخل النقابة، في التاسعة من مساء ذلك اليوم، ومن ثم اقتحموا النقابة؛ لتسهيل مهمة العثور على الصحفيين المطلوبين للضبط والإحضار، عمرو بدور ومحمود السقا، بينما نفى اللواء أبو بكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام والعلاقات العامة، اقتحام قوات الأمن نقابة الصحفيين، مؤكدًا أن لدى الوزارة أمر ضبط وإحضار للصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، وأنهما ليسا عضوين في نقابة الصحفيين، وفق قوله. وأوضح عبد الكريم، أن الوزارة كان لديها معلومات عن اختباء الصحفيين داخل النقابة، مضيفًا "عدد محدود من الضباط لا يتجاوز 4 أو 5 طلبوا ضبطهما من داخل النقابة".
أعلن نقيب الصحفيين يحي قلاش اعتصاما مفتوحا في مقر النقابة، وطالبت النقابة بإقالة وزير الداخلية، بعد واقعة "اقتحام" قوات الأمن مقر النقابة، للقبض على اثنين من الصحفيين المعتصمين فيها، في إجراء غير مسبوق، واعتبار الحادثة مؤشرا لمنهج جديد لتعامل السلطات المعنية مع النقابات المهنية. ودعا النقابات إلى دراسة الواقعة، وتأثيرها على العمل النقابي. وكانت نقابة المهندسين من أوائل المتضامنين، إذ صرح نقيب المهندسين "الدعم الكامل لنقابة الصحفيين في كل الإجراءات القانونية التي ستتخذها"، كما أبدى كثيرون، صحفيون وشخصيات عامة، دعمهم التام موقف النقابة.
A71C9952-EAE1-469D-9457-98146410FF09
A71C9952-EAE1-469D-9457-98146410FF09
سامية أنور دنون (فلسطين)
سامية أنور دنون (فلسطين)