بيان لمجموعة مجهولة يزيد الشكوك بروايات الداخلية المصرية

09 ديسمبر 2016
تحاول الداخلية المصرية الترويج لما يُسمّى بـ"حركة حسم"(فرانس برس)
+ الخط -
صدَّرت وسائل إعلام مصرية وأجنبية، بياناً منسوباً لحركة مجهولة تُدعى "حسم"، تعلن فيه تبنّيها لاستهداف كمين أمني في شارع الهرم بمحافظة الجيزة، صباح اليوم الجمعة.


التفجير الذي أسقط ستة قتلى من قوات الشرطة، بينهم ضابطان، وإصاب آخرين، جاء بعد بيان وزارة الداخلية الثلاثاء الماضي، بتصفية ثلاثة من كوادر الحركة المزعومة (حركة حسم) في محافظة أسيوط جنوب مصر.


وتحاول وسائل اﻹعلام المصرية الربط بين الواقعتين كنوع من التغطية على اﻷزمة التي أعقبت تصفية الشبان الثلاثة، خاصة وأنهم كانوا مختفين قسرياً، على مدار اﻷشهر القليلة الماضية.



بيان الحركة المنسوب إليها، لم يُشِر إلى واقعة تصفية الشرطة المصرية للشبان الثلاثة، واكتفت بإعلان تبنِّي العملية، عبر استخدام عبوة ناسفة فقط، مخالفة رواية وزارة الداخلية حول استخدام عبوتين ناسفتين، ولكنه جاء متطابقاً من حيث عدد القتلى والجرحى مع رواية المصادر اﻷمنية.


وكان لافتاً في البيان، بالإضافة إلى الأخطاء الإملائية، سرعة إصداره، وتحديده لوظائف ثلاثة من القتلى، يفترض أنها، أي الوظائف، شبه سرية في جهاز الشرطة.


الربط بين تصفية الشبان الثلاثة وعملية "حركة حسم" يزيد من الشكوك حول ماهية هذه المجموعة، والتي صدرت بيانات مجهولة منسوبة إليها، في أوقات سابقة حول استهداف المفتي اﻷسبق علي جمعة، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز، وعملية أخرى لاستهداف نقطة أمنية مصرية.


الرَدّ المزعوم للحركة المجهولة، على مقتل عناصرها في أسيوط، بحسب ما يصدّره اﻹعلام المصري، يفنّد صحة رواية وزارة الداخلية عن توجيه ضربات قوية وموجعة للحركة، وتصفية أبرز كوادرها، بما يعني تأثرها سلباً، وهذا ليس الواقع.


ويطرح مراقبون تساؤلاً حول عدم قدرة وزارة الداخلية المصرية التصدِّي لهذه الحركة في مركز ثقل عملياتها في القاهرة الكبرى، في حين تتصدّى لعناصرها خارج هذا المحيط الجغرافي.


ويلاحق أجهزةَ اﻷمن المصرية الفشلُ في رؤيتها وتكتيكاتها لمواجهة الجماعات المسلحة، بما يطرح تساؤلاً يقول "هل أجهزة اﻷمن قادرة على مواجهة التنظيمات المسلحة أم أنها لا تريد ذلك"، وهو ما يفتح المجال واسعاً للتساؤل حول عمل هذه المجموعات برعاية اﻷجهزة اﻷمنية، لاستغلالها سياسياً، والترويج لفكرة اﻹرهاب، لأن شرعية نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي مستمدة من فكرة الحرب على اﻹرهاب.


وحمل بيان الداخلية، الثلاثاء الماضي، أسماء الشبان الثلاثة المقتولين، بزعم أنهم قُتلوا خلال مواجهات مع قوات اﻷمن، بيد أن هؤلاء الشباب كانوا مختفين قسرياً منذ فترة تراوحت بين شهور أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين اﻷول الماضية، ما يعني أنه تمت تصفيتهم عمداً.


وزعم بيان الداخلية، أن الشاب محمد سيد حسين زكي قد قُتل، وبأنه مسؤول الحراك المسلح بجنوب بني سويف، ومطلوب ضبطه، رغم أنه مختفٍ قسرياً منذ إلقاء قوات الأمن بمحافظة القاهرة القبض عليه في 9 أكتوبر/تشرين اﻷول 2016، من أحد الكمائن واقتياده لجهة غير معلومة.


أما القتيل علاء رجب أحمد عويس، فهو مختفٍ قسرياً منذ سبتمبر/أيلول الماضي، ولا يعرف عنه أهله شيئاً، واختطف من الشارع في القاهرة أثناء عودته من العمل.


وأعلنت الداخلية المصرية، تصفية عبد الرحمن جمال محمد عبد الرحمن، الطالب بكلية العلوم بجامعة المنيا، والمحكوم غيابياً بالسجن المؤبد، لكنه اختطف في 25 أغسطس/آب الماضي، على أيدي أفراد الأمن الوطني بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، ورفضت السلطات تقديم أي معلومات عن مصيره أو مكان احتجازه، ما دفع إحدى مؤسسات حقوق اﻹنسان إلى تسليم اسمه إلى الفريق المعني بالاختفاء القسري بالأمم المتحدة.


وما يثير علامات الاستفهام حول بيان وزارة الداخلية، بالإضافة إلى أن الشبان الثلاثة كانوا قيد الاختفاء القسري، هو اتهامهم بتنفيذ عمليات في إطار محافظات لم يذكر بيانٌ واحد للحركة التي ادّعت الوزارة وجودها، تنفيذَ عمليات داخلها، وهي محافظة بني سويف، التي لم تُقْدم الحركة على استهداف أفراد الشرطة داخلها.


وعمدت قوات الأمن المصرية على مدار السنوات الثلاث الأخيرة إلى تصفية العديد من المعارضين المصريين، مستخدمة مبرر مواجهتهم الأمن ومقتلهم خلال عملية اعتقالهم، رغم تشكيك كثيرين في الرواية الأمنية في كل عمليات التصفية.

المساهمون